ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي العديد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين خلال عمليته العسكرية المستمرة في غزة، التي ارتقت إلى مستوى جرائم الحرب، حيث استخدم كل الوسائل لإلحاق الأذى بالفلسطينيين، بما في ذلك استخدام الكلاب المدربة.
شعرت تحرير حسني العريان، وهي حامل في شهرها التاسع، وكأن قطعًا من لحمها تتمزق وتتساقط على الأرض بينما كان كلبُ هجوم إسرائيلي ينهش فخذها.
كانت الأم الفلسطينية لثلاثة أطفال في منزلها مع زوجها وأطفالها في خانيونس، جنوبي قطاع غزة، عندما هاجمت القوات الإسرائيلية حي المنارة حيث يقيمون.
ارتقت ممارسات جيش الاحتلال، خلال عمليته العسكرية المستمرة في غزة، إلى مستوى جرائم الحرب، حيث استخدم كل الوسائل لإلحاق الأذى بالفلسطينيين
استمر الهجوم لنحو عشر دقائق، مما ترك تحرير في حالة ألم لا يُحتمل، وتسبب لها في مضاعفات انتهت بفقدانها الجنين. ومنذ ذلك الحين، لم تتمكن من العودة إلى منزلها، وهي تعاني من صدمة عميقة جراء الحادث.
من مدينة خانيونس، شاركت تحرير قصتها المؤلمة مع موقع "ميدل إيست آي". وتقول إن الأمر بدأ عندما عادت عائلتها إلى منزلها بعد تنقلات متكررة بسبب العدوان المستمر منذ العام الماضي.
"هيومن رايتس ووتش" أكدت أن هناك أدلة متزايدة على أن الجيش الإسرائيلي يسعى بشكل غير قانوني إلى إجبار المدنيين على الخروج من شمال غزة.
اقرأ أكثر: https://t.co/soz35oWcQx pic.twitter.com/l6ZHA8orD8— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 19, 2024
كان الحي يبدو آمنًا، ولم تكن هناك أي قوات إسرائيلية ظاهرة، لكن حوالي الساعة الثامنة مساءً، تبدّدت تلك السكينة عندما بدأ القصف.
تقول الأم الفلسطينية لـ"ميدل إيست آي": "بدأوا فجأة بقصف المنطقة بالصواريخ، وأضاءت القنابل المضيئة السماء". وأضافت: "كنا غير قادرين على مغادرة المبنى".
لجأت تحرير وعائلتها إلى شقة شقيق زوجها في الطابق السفلي، فقد دُمّرت منازل قريبة خلال القصف، بما في ذلك منزل عائلة الفرا، وفقد العديد من الجيران حياتهم. وتقول: "لم نكن نستطيع فعل أي شيء. كنا محاصرين".
في منزل شقيق زوجها، اختبأت تحرير مع زوجها وأطفالها وأختها الحامل وشقيق زوجها في الحمام، وأطفأوا الأضواء خوفًا من أن يتم اكتشافهم أو استهدافهم.
وأضافت: "كنا نخشى تشغيل الأضواء لأننا ظننا أن الطائرات المسيّرة سوف تستهدفنا". لكنهم سمعوا خطوات وأصواتًا تتصاعد على السلالم. عندما سألت تحرير زوجها عن الصوت، أجاب: "إنه الجيش".
"لم يكن كلبًا عاديًا"
فجأة أُضيء المنزل، فأدركوا أن ذلك لم يكن جنودًا، بل كلبًا مزودًا بكاميرا وضوء على رأسه، يتفقد كل غرفة في المنزل. تقول العريان: "اتجه الكلب مباشرة نحونا في الحمام". عندما اقتحم الكلب الباب، حاولت العائلة إغلاقه، لكنه اندفع. وأضافت: "لم يكن كلبًا عاديًا. كان ضخمًا، كأنه أسد، وأسود بالكامل".
هاجم الكلب أختها البالغة من العمر 17 عامًا، والتي كانت حاملًا في شهرها السابع، وقطع ثوب صلاتها، لكنه سرعان ما غادر. لكن الكلب عاد مجددًا.
تتابع تحرير: "لم أره في البداية، لكني شعرت به وهو يغرس أنيابه في فخذي الأيمن، بينما كان يخدشني بمخالبه". حاول زوجها وآخرون سحب الكلب، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. وتقول: "جرني الكلب عبر الممر، وشعرت بقطع من لحمي تتمزق وتتساقط بينما كان يعضني".
تقارير صحافية تتحدث عن عمليات سطو ونهب لأموال وممتلكات الأهالي في مدن قطاع #غزة المختلفة من قبل جنود الاحتلال.
تابع التفاصيل: https://t.co/rIZJoZgjFC pic.twitter.com/ZPh7dGxq2L
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 7, 2024
تقول: "لم أدرك ما حدث بعدها، لكن زوجي أخبرني".
الخوف والصدمة
بعد الهجوم، حول جنود الاحتلال شقة العريان إلى قاعدة عسكرية. قاموا بجمع جيرانها وفصلوا الرجال عن النساء واستجوبوهم. تم احتجاز بعض الرجال، بمن فيهم زوج تحرير. تقول: "كنت ما زلت ملقاة على أرض الحمام، غير قادرة على تحريك ساقي المصابة، ومتجمدة من الصدمة والخوف". مشيرة إلى أن أحد الجنود، الذي كان يتحدث العربية، أمرها بالوقوف.
بمساعدة أحد جيرانها، تمكنت المرأة الحامل من الوقوف والوصول إلى الأريكة خارج الحمام. عاد الجندي وسألها عن بطنها قائلًا: "ما هذا؟" أجابت تحرير: "إنه حمل". بدا الجندي مرتبكًا وسألها: "ما معنى ذلك؟" فأوضحت: "إنه طفل".
ومع تدهور حالتها، لم تقم القوات الإسرائيلية بمساعدتها. قام أحدهم بصب الماء على جرحها ووضع ضمادة ضاغطة، لكنها تعتقد أن ذلك كان مجرد محاولة للتغطية على ما حدث. غادر الجنود حوالي الساعة الثانية والنصف صباحًا، محذرين العائلة من التحدث عما حدث.
أم فلسطينية: "فقدت طفلي"
بعد أسبوع من الحادثة، أنجبت تحرير طفلًا أسمته إبراهيم، لكنه توفي في الحاضنة بعد ساعات. تقول: "كانت هناك فرصة لينجو، لكن هجوم الكلب دمرها. فقدت طفلي، وانتهى الأمر. لكن ما لا ينتهي هو خوفي من أن الجيش قد يستهدفني مجددًا".
اليوم، لا تزال العريان غير قادرة على المشي بشكل طبيعي وتعاني من آلام شديدة، بالإضافة إلى صدمة نفسية عميقة. تقول: "لا أستطيع الوثوق بأي شخص".