03-نوفمبر-2017

أعلن المؤتمر السوري العام المدعوم من هتش، تشكيل حكومة إنقاذ في الشمال السوري (فيسبوك)

في خطوة استباقية، يبدو أنها مواكبة للتطورات السريعة التي يشهدها الشمال السوري، وبعد أقل من 48 ساعة على انتهاء اجتماع "أستانا 7" حول الأزمة السورية بين الدول الضامنة للمحادثات، أًعلن عن تشكيل حكومة إنقاذ في الداخل السوري خلال مؤتمر عقد قرب معبر باب الهوى الحدودي بريف إدلب، وذلك بالتزامن مع استعداد فصائل المعارضة للاندماج ضمن وزارة للدفاع تحت إشراف الحكومة السورية المؤقتة، ما قد يؤثر سلبًا على عملية الاندماج التي ترمي لها الفصائل برعاية تركية.

أعلن المؤتمر السوري العام المدعوم من هتش، تشكيل "حكومة إنقاذ" في الشمال السوري، خلت من منصب وزير الدفاع

حكومتان في الشمال السوري

بعد أقل من شهر على تكليف محمد الشيخ بتشكيل حكومة إنقاذ في محافظة إدلب من قبل الهيئة التأسيسية المؤلفة من 36 عضوًا اختيروا خلال المؤتمر السوري العام، الذي عُقد في أيلول/سبتمبر الماضي بدعم من هيئة تحرير الشام (هتش)، أعلن أمس الخميس، خلال مؤتمر "حكومة الإنقاذ"، عن تشكيل الحكومة، بانتظار أن تنال الثقة من الهيئة التأسيسية لمباشرة مهامها.

اقرأ/ي أيضًا: "تحرير الشام".. مصير مجهول في شمال سوريا بحثًا عن إدارة ذاتية

وضمت التشكيلة 11 مرشحًا لشغل المناصب الوزارية المحددة، وبدا لافتًا خلو القائمة من منصب وزارة الدفاع، حيثُ اكتفت بتسمية نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون العسكرية، الذي شغله مؤسس الجيش السوري الحر رياض الأسعد، بالإضافة أن الوزارة ستكون مسؤولة عن أربع هيئات مدنية وخدمية، وهناك حديث عن الاتجاه لتشكيل وزارة تضم شرطة المرور والأمن والحواجز.

 وبحسب ما نُقل عبر وسائل إعلام متعددة، فإن حكومة الإنقاذ سيكون مركزها في ريف حلب الشمالي، وهي ذات المنطقة التي يتواجد فيها مقر الحكومة المؤقتة برئاسة جواد أبو حطب، ولديها تواصل مع الأطراف الدولية، ما يطرح إشارة استفهام كبيرة حول السبب الذي يدعو لتشكيل حكومة موازية للحكومة المؤقتة التي تتجه لتنظيم عمل الفصائل المسلحة في الشمال السوري تحت إشراف وزارة دفاع تابعة لها.

وكانت الحكومة السورية المؤقتة، قد تسلّمت أول أمس الأربعاء، الكلية الحربية العسكرية في مدينة الباب شرقي حلب، بعد مباحثات أجرتها مع فرقة "الحمزة" التي كانت تشرف عليها، وهي أول كلية عسكرية تقوم الحكومة المؤقتة بالإشراف عليها بشكل مباشر منذ تأسيسها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

عناد "هتش"

ولم يكن مستغربًا بدرجة كبيرة، الإعلان عن تشكيل حكومة الإنقاذ المدعومة من هتش في الشمال السوري، وفي هذا التوقيت تحديدًا، كون المنطقة برمتها مقبلة على إعادة تنظيم للعمل العسكري، عندما أعلن قبل أسبوع تقريبًا، عن اندماج فصائل المعارضة ضمن جيش نظامي تحت إشراف أبو حطب الذي يرأس الحكومة المؤقتة، ووزارة الدفاع المُعلن عن تشكيلها حديثًا ضمن هذه الحكومة.

وفي مقابل ذلك، تقف هتش وحيدةً في مواجهة كافة فصائل المعارضة، التي أيدت مبادرة المجلس الإسلامي السوري لتشكيل وزارة دفاع، والذي ردّت عليها هتش بالدعوة للمؤتمر السوري العام، لكنها تُراهن على حشد تأييد شعبي عبر الترويج لحكومة الإنقاذ بأنها جاءت من الداخل السوري، دون أي ارتباطات خارجية، وقد يساعدها على تدعيم روايتها، معارضة الجهات الضامنة لمحادثات أستانا لحكومة الإنقاذ المشكلة على عينها.

ويبقى في عدم تسمية حكومة الإنقاذ وزيرًا للدفاع، سببان دفعا هتش لتجاهلها، الأول بأن تترك باب التفاوض مفتوحًا مع الحكومة السورية المؤقتة عبر عملية اندماج مع باقي الفصائل تكون تحت قيادتها، وهو ما يتوقع أن ترفضه الحكومة المؤقتة كونها تملك موقفًا سلبيًا من هتش نتيجة الهجمات المتفرقة التي شنتها سابقًا على مقرات فصائل المعارضة المنضوية ضمن مكونات الجيش السوري الحر، الذي تتلقى فصائله دعمًا من الحكومة المؤقتة.

تريد هتش بتشكيل حكومة بلا وزارة دفاع، أن تبقي باب التفاوض مفتوح مع الفصائل الأخرى أو أن تبقي القوة العسكرية في يدها، وهو الأرجح

أما السبب الثاني فهو أن يبقى القرار العسكري مرهونًا بقادة القطاعات في هتش، من خلف قائدها العام أبي محمد الجولاني، حيثُ جاءت تسمية الأسعد كنوع من الاستثمار كون اسمه مرتبطًا الجيش السوري الحر، غير أنه بالتأكيد سيبقى القرار العسكري محصورًا ضمن قادتها، وهو السبب المُرجح لعدم تسميتها وزيرًا للدفاع أكثر من محاولة الاندماج مع الحكومة المؤقتة، ما قد يدخل الشمال السوري في متاهة جديدة من الاقتتال الداخلي بين الفصائل.

اقرأ/ي أيضًا: 4 سيناريوهات محتملة ينتظرها الشمال السوري

هل تنجح فكرة حكومة الإنقاذ؟

حتى لحظة كتابة التقرير، لم يصدر عن أي من فصائل المعارضة، أو الحكومة المؤقتة، تصريح مباشر حول الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ، ما يدل في حال لم يصدر تعليق مستعجل على الموضوع، أن هناك قرار لدى المعارضة بتجاهل هذا الإعلان.

كما أنه من المتوقع أن يشهد غربي حلب يشهد توترًا جديدًا بعد نجاة قائد جيش الأحرار أبي صالح طحان، أول أمس الأربعاء من محاولة اغتيال غربي حلب، وتوجيه اتهام مباشر لهتش بالوقوف وراء هذه المحاولة، وهو ما نفاه القائد العسكري في قطاع البادية لهتش، لؤي الشامي، الذي اتهم جيش الأحرار قطاعه بتنفيذ محاولة الاغتيال.

وجيش الأحرار كان آخر الفصائل الكبرى التي أعلنت انفصالها عن هتش، بعد سيطرة الأخيرة على مدينة إدلب في تموز/يوليو الماضي، وهو من بين الفصائل الموقعة على اتفاقية الاندماج ضمن وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة، وبالتالي إذا ما حصل اقتتال بين الفصيلين، فإن ذلك سيكون أول اختبار لوزارة الدفاع الرامية لإنشاء جيش نظامي للمعارضة.

ولا يمكن وصف تشكيل حكومة الإنقاذ بالتزامن مع انتهاء اجتماعات "أستانا 7"، بالصدفة، خاصةً أن الدول الضامنة لمذكرة إنشاء مناطق "تخفيف التصعيد"، أكدت في البيان الختامي عزمها "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواصلة الكفاح" ضد تنظيميّ داعش وهتش "داخل مناطق خفض التصعيد وخارجها"، ما يعني أن توقيت تشكيل الحكومة جاء ليؤكد رفض هتش لأي مقررات دولية جديدة فيما يتعلق بالشمال السوري.

والواضح أن هتش ترمي للحصول على تأييد شعبي من الداخل السوري في ظل تراجع نفوذ الحكومة المؤقتة في مناطق سيطرة هتش، لكن ذلك لن يشكل فارقًا ما لم تلقَ قبولًا دوليًا، وهناك احتمال تبقى نسبته صغيرة في أن تقوم حكومة الإنقاذ بالإشراف على العمل المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة هتش، على أن تكون واجهة مدنية بصلاحيات محدودة، بينما تمارس الحكومة المؤقتة مهامها في ريف حلب الشمالي، ريثما يتم التوافق على صيغة محددة لمستقبل المنطقة التي تزداد تعقيدًا. 

وإضافة لذلك، فإنّ تحصيل التأييد الشعبي سيكون أمرًا صعبًا على حكومة الإنقاذ لارتباطها بهتش مباشرة، وهي صاحبة التاريخ الأسود في الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق سيطرتها، منذ كانت جبهة النصر.

يبدو أن هتش تسعى للحصول على تأييد شعبي، وهو أمر صعب لتاريخها الأسود في الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق سيطرتها

وعليه، فإنه في حال لم يظهر موقف واضح من الحكومة المؤقتة أو فصائل المعارضة حول تشكيل حكومة الإنقاذ، فإن ذلك قد يرجح احتمالية الذهاب لتهدئة عسكرية بين جميع الأطراف العسكرية في الشمال السوري، وهو ما يبدو مستبعدًا بالنظر لمحاولات هتش التوسعية للسيطرة على مفاصل القرار في الشمال السوري، وحينها قد تعود المنطقة لواجهة الأحداث من جديد إذا ما أقدمت هتش على هجوم جديد اتجاه واحد من فصائل المعارضة، إلا أن ذلك غالبًا يظهر أنه مستبعد خلال الوقت الراهن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بإشراف تركي.. فصائل المعارضة السورية تتجه لتشكيل "جيش نظامي"

خارطة التنظيمات المتطرفة في سوريا.. سباق نهايات لن تكتمل