14-يوليو-2016

العماد علي حبيب

نشر موقع قناة "أورينت" التلفزيونية التي يديرها غسان عبود خبرًا كشف فيه، نقلًا عما أسماه مصادر عربية، بأن العماد علي حبيب وصل إلى أنقرة قادمًا من العاصمة الفرنسية باريس وكان في استقباله مدير جهاز الاستخبارات التركية الجنرال "حقان فيدان" ثم تم نقله إلى مقر إقامة كبار الزوار في هيئة الأركان التركية، الهدف من الزيارة حسب القناة المعارضة هو البحث مع حبيب في تشكيل حكومة عسكرية موسعة يشارك بها عدد كبير من ضباط النظام والضباط المنشقين، وإنشاء نواة موسعة لجيش وطني، يتألف من حوالي عشرة آلاف ضابط وجندي كمرحلة أولى، وفوق كل ذلك يقول الموقع إن هذه الخطوة تأتي "كأولى ثمار المصالحة التي جرت هذا الشهر بين موسكو وأنقرة" بعد اعتذار القيادة التركية عن عملية إسقاط الطائرة الحربية الروسية.

العماد علي حبيب واحد من أهم الشخصيات التي ثبّت بفضلها الأسد الأب والابن أركان حكمهما

وكأن الزمن توقف، وكأن سنوات من الخراب والدمار في سوريا لم تكن، ليُعاد إنتاج ذات الإشاعات لإعطاء جرعة أمل للناس فخبر انشقاق علي حبيب أو فاروق الشرع أصبح من متلازمات المأساة السورية منذا أشهر الثورة الأولى هذا عدا عن أن خبر إنشاء مجلس عسكري انتقالي هو ذاته الذي يتكرر كل عام منذ انشقاق العميد مناف طلاس في تموز/يوليو 2012 ومنذ ذلك التاريخ واسم "العماد علي حبيب" يطرح كمشارك متفق عليه دوليًا في قيادة هذا المجلس مع مناف طلاس، والطريف أن قناة "أورينت" المعارضة ذاتها كانت نشرت خبرًا في 2013 مفاده أن لديها معلومات خاصة بخروج العماد علي حبيب من سوريا إلى تركيا فباريس بضغط روسي للمشاركة بحل انتقالي.

لنعيد قليلًا ترتيب الأحداث كي نفهم ما يجري لنعرف ما هي الغاية من التشويش الدائم عن حقيقة ما يجري في سوريا، ولماذا تتكرر كل عام ذات الإشاعات كداء الأنفلونزا في هذا البلد المنكوب ثم يثبت بطلانها، فيما السوريون يبقون محافظين بشراسة على تخبطهم ويتركون عواطفهم تجرهم لتتقاذفهم الأخبار الكاذبة دون فهم ما يحدث.

اقرأ/ي أيضًا: صور من حلب الغربية

بتاريخ 8 آب/أغسطس 2011 وبعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية ضده، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسومًا أقال بموجبه وزير الدفاع العماد علي حبيب لأن "المرض ألم به منذ مدة وقد ساءت حالته الصحية في الفترة الماضية" كما جاء في بيان الإقالة، حينها رأت المعارضة السورية في الخارج أن إقالة حبيب جاءت بسبب رفضه استخدام القوى ضد الاحتجاجات المطالبة بالحرية من حكم الدكتاتور بشار الأسد. وقد عين الأسد العماد داوود راجحة خلفًا لحبيب وهذا الأخير كان قد اغتيل مع وزير دفاع آخر وهو العماد حسن تركماني في تفجير خلية الأزمة الذي اغتيل فيه أيضا آصف شوكت زوج بشرى أخت بشار الأسد.

والعماد علي حبيب من مواليد طرطوس 1939 أي أن عمره الآن 77 عامًا، وهو واحد من أهم الشخصيات التي ثبّت بفضلها الأسد الأب والابن أركان حكمهما. ومن المناصب التي تولاها كان منصب قائد القوات السورية في حرب الخليج الثانية عاصفة الصحراء عام 1990/1991 وقائدًا للقوات الخاصة عام 1994 ثم عين نائبًا لرئيس هيئة الأركان عام 2002 ورئيسًا لهيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة بتاريخ 11 أيار/مايو 2004 وتم تعيينه نائبًا للقائد العام للجيش والقوات المسلحة وزيرًا للدفاع بتاريخ الثالث من حزيران/يونيو 2009 إلى يوم إقالته بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية.

في أيلول/سبتمبر 2013 أعلن الائتلاف المعارض أن العماد علي حبيب انشق عن النظام وفرّ إلى الأراضي التركية وتبنت الخبر حينها وسائل إعلام عالمية، ولإخراج انشقاق علي حبيب، الذي نفاه "التلفزيون الرسمي السوري" فورًا، على أكمل وجه خرج المعارض السوري كمال اللبواني الشهير اليوم بمساعيه لتعزيز التعاون مع إسرائيل في سوريا المستقبل، بخبر مفاده أن خبر انشقاق حبيب مؤكد وأن عملية انشقاقه تمت بالتعاون مع "مخابرات غربية"، في ذلك الوقت قال اللبواني حرفيًا: "إن واشنطن التي تؤيد المعارضة وموسكو التي تدعم الأسد يمكنهما العمل معًا للدعوة لقيام حبيب بدور بعد الحرب" وأن "حبيب هو الرجل المناسب".

منذ أشهر الثورة الأولى يتم تسويق العماد علي حبيب كجزء من الحل مع النظام وعندما يهدأ الحديث عنه تبدأ أسطوانة الحديث عن فاروق الشرع وانشقاقه

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2013 خرج مدير مكتب قناة العالم الإيرانية حسين مرتضى ليقول إن العماد علي حبيب وزير الدفاع السوري الأسبق لم يذهب إلى "تركيا ومن ثم إلى فرنسا" وإنما هو موجود في سوريا ولم يغادر أراضيها، قال إنه اتصل به هاتفيًا ونقل عنه قوله "سنبقى وسنموت هنا".

تتجدد الأخبار حول علي حبيب وبتطابق يستخف بعقول الناس بطريقة دنيئة، قد يكون في أحد أهدافه صرفًا للانتباه عن شيء آخر يجري، ولكن حسب بعض المتابعين للحراك الذي يجري خلف الكواليس بعيدًا عن عيون عامة الناس، فإن كل الجلسات على الصعيد المخابراتي أو الدبلوماسي أو العسكري لا جديد فيها سوى حالة إطالة أمد الصراع وتنفيذ خطة أمريكا التي كشفها منذ سنوات روبرت فورد أن "هدف أمريكا ليس إسقاط نظام الأسد وإنما تفككه" هذا عدا عن كونها جلسات كصبحيات النسوة لشرب الشاي والقهوة وتبادل وجهات نظر وآراء وتصورات لا تقدم ولا تؤخر حتى لو كانت على أعلى المستويات، لا بل أكثر من ذلك فإن أغلب قادة المعارضة السورية بكل أطيافها العسكرية والسياسية ومنها من لهم ارتباط وثيق بأجهزة المخابرات التركية ولا تعلم شيئًا عما يجري وتتلقى الإشاعات كما يتلقاها عامة الناس ويتم التعامل معهم كإجراء وخدم لأجهزة المخابرات الدولية وينفذون فقط ما يطلب منهم.

ذات الأسطوانة تكرر دون كلل أو ملل سواء من النظام أو من المعارضة وكأن الطرفين يعزفان لمايسترو واحد وهما ليسا أكثر من عازفين نشاز في فرقته. من هذه الأسطوانات أسطوانه العماد علي حبيب فمنذ أشهر الثورة الأولى يتم تسويقه كجزء من الحل مع النظام وعندما يهدأ الحديث عنه تبدأ أسطوانة الحديث عن فاروق الشرع وانشقاقه.

الواضح أن الرجلين ورقة قوية بيد نظام الأسد وأن أي خروج لهما وفي أي وقت سيكون بموافقته وبإرادته لتسويق الحل الذي يريد، أي أن علي حبيب أو فاروق الشرع سيكونان شخصيات تسوية لإيجاد الحل ليس في "سوريا" بل في "سوريا الأسد" لأن بشار الأسد هو الشخصية التي تصر روسيا على فرضها لإدارة مستقبل سوريا ولن تتخلى عنه ولو تحولت سوريا إلى مستنقع للمتطرفين وشذاذ الآفاق.

اقرأ/ي أيضًا:

شارع اللاجئين

حلب... العيش على شبح الحصار