17-أبريل-2019

من المسلسل (IMDB)

عرضت شبكة نتفليكس الشهر الماضي الموسم الأول من مختارات الرسوم المتحركة الحب.. الموت.. والروبوت (Love, Death & Robots)، بمشاركة مجموعة من أبرز صناع محتوى الرسوم المتحركة حول العالم، ضمن سلسلة من 18 حلقة منفصلة عن بعضها البعض، تتراوح مدتها من 6 حتى 15 دقيقة كأقصى حد، ويمكن للمهتمين بمثل هذا النمط من الأعمال مشاهدتها في جلسة واحدة خلال فترة زمنية لا تتجاوز الساعات الثلاث.

تتألف سلسلة "Love, Death & Robots" من 18 حلقة منفصلة عن بعضها البعض، تتراوح مدتها من 6 حتى 15 دقيقة كأقصى حد

بدايًة، عند الحديث عن إنتاج "الحب.. الموت.. والروبوت" المتميز لا بد من ذكر مشاركة اثنين من أهم صناع السينما في العالم في صناعة العمل، الأول هو ديفيد فينشر صاحب أفلام نادي القتال (Fight Club) وزودياك (Zodiac) وسبعة (Se7en)، والثاني تيم ميللر الذي أخرج الجزء الأول لفيلم ديدبول (Deadpool). إذ يقدم هذا الثنائي عملًا مختلفًا يستهدف نوعًا خاصًا من المتابعين المهووسين بالقصص التي تحمل نظرة مختلفة لمستقبل البشرية.

اقرأ/ي أيضًا:أفضل 10 مسلسلات يمكن متابعتها على نتفليكس

تفتتح السلسلة أولى حلقاتها بقصة سوني إيدج يسيطر فيها مقاتلون على عقلَي وحشين، مزيج من سفك الدماء وقطع الرؤوس وحبس الأنفاس أثناء معركة يسمع فيها صوت الجماجم المكسرة، ويحضر معنا في النهاية الإغواء – المثلية – العنف – الانتقام، بعدها تقدم السلسلة متنفسًا كوميديًا للمتفرج في قصة "ثلاثة روبوتات" محاكاة لسيطرة التكنولوجيا على العالم بعد انقراض الجنس البشري.. ربما سيسأل أحد ما بعد قرن كامل هل كان الإنسان كرة السلة؟ ثم تأتي قصة "الشاهد" واحدة تتبدل فيها الأدوار بين فتاة تعمل في بيت الهوى تطارد قاتلًا بعد مشاهدته أثناء ارتكابه لجريمته، وهي واحدة من القصص المتميزة في السلسلة.

وتحمل القصة السادسة "حين تسيطر الزبادي" كوميديا مختلفة بمحاولتها السيطرة على ولاية أوهايو الأمريكية؛ يقدمون حلولًا اقتصادية خلال ستة أشهر فقط، فالقصة تعكس في رمزيتها انهيار المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في آن واحد، بعدها سنكون أمام "ما وراء صدع أكويلا"، وتحول رواد الفضاء إلى أشباح بعد سفرهم مسافة بعيدة عن الضوء، وهي واحدة من بين قصتين متميزتين عن الفضاء، تلحقها في هذا التصنيف القصة الـ11 "يد المساعدة"، فيها الكثير من العنف، وتحضر العاطفة فيها بصورة الصراع للبقاء على قيد الحياة.

بين هاتين القصتين سنتوقف أمام القصة الثامنة "مساع موفقة" واحدة من قصص الأساطير الصينية المذهلة، قتل للعاطفة في سبيل مناهضة الإمبريالية، والنظرة الذكورية الشهوانية للإناث، تخبئ خلفها انتقام المرأة الثعلب يان، أمام كل هذه المتعة البصرية سيقف المتفرج طويلًا عند القصة الـ14 " زيما الأزرق"، واحدة من القصص المذهلة المقدمة ضمن السلسلة، ليس في طريقة إنتاجها بصريًا فقط، بل في طرحها لأسئلة وجودية في بحث الإنسان عن نفسه أيضًا، إنها عشرة دقائق تلخص رحلة بحث زيما الأزرق عن سؤال "من أنا؟" عبر الفن، رحلة تصل في نهايتها إلى إجابته عن السؤال أمام الجميع.

بعدها سنذهب في الحلقة 16 "العصر الجليدي" في رحلة عبر ثلاجة الثنائي ماري إليزابيث وينستيد وتوفر غريس منذ العصر الجليدي حتى الحرب القادمة التي ستقودها التكنولوجيا الحديثة وأزرار الكيبورد، وهي القصة الوحيدة التي مزجت بين الرسوم المتحركة وحركة الممثلين الحية، وتقدم القصة الـ17 "تواريخ بديلة" ستة فرضيات تحاول قتل الزعيم النازي أدولف هتلر قبل وصوله للحكم في ألمانيا، ماذا لو كان هتلر في سباق للخيول؟ أو سقط عليه النيزك؟ ربما لن يغير ذلك من مسار الحرب العالمية، أو وصول فلاديمير بوتين للحكم في روسيا، أو حتى وصول حيوان الحبار إلى سطح القمر!

في "الحب.. الموت.. والروبوتات"، تحضر المشاهد الجنسية بشكل مستمر في غالبية القصص إلى جانب الدماء، عنف ما بعد الحداثة، ربما كان من الأفضل أن تعنون نتفليكس العمل بـ"الجنس.. العنف.. ومستقبل البشرية" فهي لن تغير من جودة العمل، إنما ستعطيه دفعة تحفز المتفرج على متابعته؛ وتحضر أهمية القصص في مضمونها الذي يحاكي أفلام الخيال العلمي بطريقة مختلفة، فالسلسلة اشتغلت بدقة بصرية عالية تجعل المتفرج يبحث عن حقيقة الشخصيات نفسها هل هي أداء حي؟ أم فعلًا مجرد رسوم متحركة؟

وبالطبع عند الانتهاء من مشاهدة السلسلة كاملة، سنكون أمام سؤال مهم: ما السبب الذي يدفع نتفليكس لإنتاج هذه القصص المصنفة لمن هم ما فوق 18 عامًا؟ لا شيء سوى إعطاء جيل ما بعد الألفية الثانية ما يريد من تصورات للمستقبل البشري في ظل النمو التصاعدي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، صورة مصغرة عن مستقبل الجنس البشري بعد قرن ربما من الآن، تم إنشاؤها بتقنية إخراجية توازي في صناعتها ألعاب البلايستيشن قديمًا أو حديثًا.

ما السبب الذي يدفع نتفليكس لإنتاج القصص المصنفة لمن هم ما فوق الـ18 عامًا؟

لكن السلسلة كما غيرها رافقتها بعض القصص التي لم تحصل على ذات التقييم الذي حصلت عليه القصص المذكورة أعلاه، بل كانت متفاوتة الحماس عند مشاهدتها، رغم عدم خروجها عن السياق العام للسلسلة، وهنا وجب التنويه إلى إمكانية مشاهدة الحلقات بتصنيف مختلف عن التصنيف الذي عرضت ضمنه عبر منصة نتفليكس الرقمية، فمثلًا يمكن للمتفرج أن يفتتح السلسلة بـ"العصر الجليدي" أو "تواريخ بديلة" أو أي قصة أخرى قد تستهويه مشاهدتها في البداية أو يتركها للنهاية، وهنا نقترح أن تترك قصتي "زيما الأزرق" و"الشاهد" لنهاية السلسلة، والافتتاحية عليها ألا تتجاوز "سوني إيدج" لأنها مميزة في طريقة صناعتها.. أو لنكن أكثر واقعية تقدم القصة لمحة موجزة عما ينتظر المتفرج في أحداث القصص الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا: هل ولد هداف كأس العالم القادم في 2011؟.. مسلسل Dark يجيبك!

أخيرًا، علينا القول أنه لا يمكن لمشتركي شركة نتفليكس أن يفوتوا مشاهدة "الحب.. الموت.. الروبوت"، خصيصًا المهتمين بأعمال الرسوم المتحركة، لأنهم بذلك سيضيعون سلسلة مليئة بالعنف، الدماء، الرعب، الخيال العلمي، الجنس، النسوية الحديثة، والكوميديا السوداء، التي تحاكي مختلف الاهتمامات بهذا النمط من الأعمال المتنوعة في قصصها، ويمكن القول أيضًا إن نتفليكس نجحت في هذا الخيار، لكن يجب عليها في المرات القادمة أن تجعل القصص على سويةٍ واحدة من طراز "زيما الأزرق" التي يمكنها أن تنافس لوحدها في المهرجانات السينمائية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:​

5 من أجمل المسلسلات الإسبانية على نتفليكس

"حوارات مع قاتل": نتفليكس تحّذرك من مشاهدة هذا الوثائقي بمفردك!