21-يوليو-2019

تنتهك قوات حفتر القوانين الدولية والإنسانية بشكل دوري (تويتر)

اليوم الرابع على التوالي يمر دون الإعلان عن مكان أو سبب اختفاء النائبة سهام سرقيوة، عضو مجلس النواب الليبي، المختطفة من منزلها في بنغازي منذ مساء الأربعاء الماضي، فيما تدور الاتهامات بارتكاب تلك الجريمة، حول ميليشيات ليبية تعمل في بنغازي التي يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لكن للحظة لم تعلن أي من الميليشيات مسؤوليتها بشكل رسمي حول عملية الاختطاف، ولم تعلق قيادة مجموعات حفتر العسكرية المعروفة باسم "الجيش الوطني" على الحادث، ما يسهم بشكل كبير في الشكوك حول تورط الأخير في عملية الاختطاف، خاصة أن النائبة المذكورة صاحبة مواقف معارضة للحملة العسكرية التي انطلقت على طرابلس منذ 4 نيسان/إبريل الماضي.

ليس ما حدث مع سرقيوة الجريمة الأولى التي تشير لتورط مجموعات عسكرية تابعة لحفتر، في عمليات اختطاف للسيدات وكذلك ارتكاب جرائم أخرى تخالف المواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية

المنشورات على صفحة النائبة الخاصة والتي كتبتها ابنتها عقب اختطافها تشير لتورط مباشر لميلشيات بنغازي. حيث نشرت صورًا للمنزل الخاص بالعائلة ومدى الدمار الذي لحق ببعض ملحقاته من الخارج، قائلة: "أنا بنت الدكتورة سهام، هذا منزلنا، خطفوا أمي وضربوا أبي برصاصتين في رجله، دمروا منزلنا وسيارتنا، وما زلنا نبحث عن أمي"، دون أن يتسنى التأكد من صحة ما يكتب على الصفحة وهوية من يديرها. إلا أن الصور تشير إلى قيام "الكتيبة 106" وهي أحد الألوية التابعة لحفتر، بعملية الاختطاف، فيما كُتب على منزل النائبة "الجيش خط أحمر"، و"أولياء الدم".

اقرأ/ي أيضًا: بالفيديو: ميليشيا حفتر تختطف وتعذّب سودانيين في ليبيا

حوادث سابقة

ليس ما حدث مع سهام سرقيوة الجريمة الأولى التي تشير لتورط مجموعات عسكرية تابعة لحفتر، في عمليات اختطاف للسيدات وكذلك ارتكاب جرائم أخرى تخالف المواثيق والقوانين والاتفاقيات الدولية، في حين يشير ناشطون إلى أن طريقة الاختطاف المنظم هذه، تشبه إلى حد كبير الطريقة الإماراتية والسعودية في التعامل مع المعارضات من اعتقال وتنكيل.

 سبق وأن صدرت ضد قوات حفتر بعض الاتهامات حول عمليات سابقة حدث فيها اختطاف للنساء المنتميات لمناطق معارضة، ففي عام 2018، وفي مدينة درنة، قامت قوات حفتر باختطاف عدد من النساء كن يحاولن الهروب من المدينة، خلال العملية العسكرية التي قامت بها هناك. ووفقًا لتقرير نشر على موقع ميدل إيست آي البريطاني، وكذلك بيانات من مجموعات عسكرية مناهضة لحفتر، فإن جماعات الجنرال المتقاعد قامت باختطاف عدد من النساء خلال العملية العسكرية التي جرت في 2018 على درنة وذلك من أجل إجبار المسلحين هناك على الاستسلام، وكان الاختطاف يتم خلال هروب النساء من المعارك الدائرة بين الطرفين، ويتوقع أنه تم نقل بعضهن إلى سجن غيرنادا في المنطقة الشرقية الليبية الواقعة تحت سيطرة حفتر.

وتنتشر بشكل كبير الانتقادات الدولية لطرفي الصراع في ليبيا من حيث ارتكاب جرائم تخالف القوانين والمواثيق الدولية، غير أن قوات حفتر وخلال الحملة العسكرية الأخيرة على طرابلس ارتكبت العديد من الجرائم الحصرية مثل استهداف مناطق تجمع المدنيين وقصف المراكز الصحية ومراكز اللاجئين، والمطارات المدنية.

من المسؤول؟

أعلن مساء الأربعاء عن اختفاء النائبة سهام سرقيوة، بعد أن هاجمت منزلها مجموعة مسلحة، عقب وصولها إلى مكان إقامتها في بنغازي قادمة من القاهرة، بعد حضور جلسة تشاورية لنواب من البرلمان الليبي. ويُطرح الكثير من الأسئلة حول هوية المتورط في الخطف، وحول تورط الإمارات أو مجموعات عسكرية داعمة لها في الواقعة؟ ولماذا لم يعلن حفتر أي بيان رسمي حول الأمر؟

لا يزال تورط ميلشيات تابعة للإمارات في الجريمة أمرًا مثار شكوك بعد المعارضة التي أبدتها النائبة، لتولي عارف النايض المؤيد من الإمارات والسفير الليبي السابق في أبوظبي، لمنصب رئيس الوزراء في الشرق الليبي تمهيدًا لتقديم حكومة تكون غطاء سياسيًا لعمليات حفتر العسكرية.

وخلال الاجتماع الذي حضرته النائبة في مصر قبل أيام من اختطافها كتبت على صفحتها الشخصية على الفيس بوك، أن "جلسة مجلس النواب بالقاهرة كانت تشاورية ولكن تغيرت البنود في اللحظات الأخيرة وطلب منا التصويت على اختيار د.عارف النايض رئيسًا للوزراء بحضور السفير الإماراتي بالقاهرة".

هناك أيضا سؤال أخر يطرح، حول دور الإعلامي أحمد القماطي المؤيد لحفتر، وهل كان ركنًا أساسيًا في التحريض على سهام سرقيوة، فقبل اعتقالها بدقائق، وفقًا لبعض المواقع الإخبارية الليبية، كان آخر ظهور للنائبة خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "الحدث" الذي يقدمه الإعلامي نفسه. حيث أكدت خلال المداخلة على قبولها كل الفصائل الليبية ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين ورفضت اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، كما وصفت بعض أعضاء مجلس النواب من الجانبين، من أصحاب الموقف الرافض للحوار والتوافق، بـ"المتشددين"، لكن المذيع حاول توريطها في تصريح تتهم فيه النواب الداعمين للجيش، أي مجموعات حفتر، بالمتشددين. .وكانت صحيفة الشرق الأوسط السعودية وهي داعمة لحفتر قد أشارت إلى تهديدات سابقة تلقتها النائبة من بعض النواب في البرلمان المؤيدين لحفتر خلال تواجدها في القاهرة.

 موقف متزن

تعد النائبة سرقيوة من القليلين الذين يتبنون موقفًا يمكن وصفه بالمتزن بين طرفي الصراع. في البداية كانت من أنصار تصعيد حفتر ليكون قائدًا عامًا للجيش، ولكنها عادت لتتخذ موقفًا متعادلًا بين طرفي الأزمة، وكانت من أنصار تشكيل قوة مشتركة بين المنطقتين الشرقية والغربية بغرض حماية الحدود الليبية، ومن معارضي التدخلات العسكرية وبالطبع ضد الحملة الأخيرة على طرابلس بقيادة حفتر، وفي 2018 اعتقدت النائبة أن لديها صلاحيات تشريعية تمكنها من التعبير عن رأيها والمطالبة باستجواب حفتر في البرلمان بعد اقتحام مجموعات تشادية للحدود الجنوبية التي كانت تحت سيطرته، وقوبل طلبها  بهجوم كبير من مؤيدي اللواء المتقاعد.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا يريد حفتر من حملته العسكرية على طرابلس؟

 لا تنحاز سرقيوة بشكل واضح لأي من أطراف الأزمة "حفتر أو الوفاق"، وتعمل كما تشير تصريحاتها على الدعوة للتصالح والتوافق بين الفرقاء في ليبيا، وقد كلفها موقفها رفضًا من بعض مؤيدي الجانبين.

لا يزال تورط ميلشيات تابعة للإمارات في اختطاف سرقيوة أمرًا مثار شكوك بعد المعارضة التي أبدتها النائبة، لتولي عارف النايض المؤيد من الإمارات والسفير الليبي السابق في أبوظبي، لمنصب رئيس الوزراء في الشرق الليبي

وقوبل اختطاف النائبة برفض دولي ومن الجهات الرسمية في طرابلس، في حين كان الصمت في بنغازي طاغيًا، وأعربت عدة جهات في بيانات منفصلة عن قلقها من حادث الاختطاف، من بين تلك الجهات  بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وبعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا وكذلك  السفير الألماني والإيطالي، كما حمل أعضاء من مجلس النواب في طرابلس والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق مسؤولية حماية النائبة للمسيطر على طرابلس في إشارة لخليفة حفتر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجيش الليبي.. سراب موجود وهدف منشود

المحاصصة المناطقية في ليبيا.. الخطر الأكبر