23-يناير-2019

أقر البرلمان الأردني قانون العفو العام الذي وصفه معارضون بـ"الكارثة المظلمة" (تلفزيون العربي)

أقر مجلس النواب الأردني، الإثنين الماضي 21 كانون الثاني/يناير الجاري، مشروع قانون للعفو العام، كان مثار جدل كبير خلال الشهر الماضي، بعد أن أوعز العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لحكومته، في 13 كانون الأول/ديسمبر، بإصدار قانون عفو عام، "لإعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم، وحرصًا على المواطنين الذين ارتكبوا أخطاء وباتوا يعانون ظروفًا صعبة".

 جاءت الصيغة الأولى من قانون العفو العام الأردني مخيبةً للآمال كونها كثيرة الاستثناءات ولم تشمل سوى بعض مخالفات السير البسيطة 

وهي الخطوة التي رآها كثيرون محاولة من قبل الحكومة لاحتواء الشارع الأردني والحد من الحالة الاحتجاجية المتزايدة على الظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: قانون الجرائم الإلكترونية الأردني.. خوف السلطة من الشباب

وكان مشروع قانون العفو العام الذي أقرته الحكومة بداية مثار استفزاز وسخرية في الشارع الأردني وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب كثرة الاستثناءات فيه، بحيث صار العفو ضيقًا للغاية، بتشدّد كبير حتى على مخالفات المرور وقروض الطلبة الحكومية والغرامات الجمركية والضريبية. 

ولم يشمل مشروع القانون الأولي سوى بعض مخالفات السير البسيطة التي تتراوح غراماتها ما بين 10 و15 دينارًا أردنيًا، في حين خرجت منه الجرائم الخاصة بالمطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية، بعد أن اشتُرط فيها المصالحة وإسقاط الحقوق الشخصية.

وهكذا كان القانون بصيغته الأولية مخيبًا للآمال، ولا يحقق الغاية المرجوة منه وفق خطاب الملك للحكومة فيما يتعلق بتخفيف الأعباء عن بعض المواطنين ومنحهم الفرصة لبداية جديدة، مع الحرص على حفظ الحقوق وعدم التفريط بالالتزامات.

كما أثار القانون حفيظة العديد من النواب الذين اتهموا الحكومة بمخالفة تعليمات الملك باقتراح عفو عام "غير حقيقي"، بحسب وصف نقيب المحامين مازن إرشيدات، بينما وصف النائب صالح العرموطي، قانون العفو الذي أقرته الحكومة بـ"الأسوأ في تاريخ الأردن" نظرًا لما فيه من استثناءات وقيود، معتبرًا أنه يتناقض مع الفلسفة وراء قوانين العفو العام.

العفو العام.. من الاستثناء إلى "الكارثة"

وبعد جولة أولى من الجدل والرفض الواسع لمشروع قانون العفو العام الذي أحيل إلى مجلس النواب مطلع العام، أبلغ رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، رئيس الوزراء عمر الرزاز، بأن المجلس سيتوسع في قانون العفو العام وسيحيله إلى اللجنة القانونية بصفة الاستعجال.

وأقر القانون في مجلس النواب مع التعديلات عليه بالفعل يوم الإثنين الماضي، لكن ليتوسع هذه المرة وبشكل مبالغ به في الجرائم التي يشملها، حتى أنّه شمل قضايا العنف الأسري، حتى تلك المفضية للموت! 

إضافة إلى جميع قضايا الشبكات المصرفية وجميع مخالفات السير، وكذا جرائم الاعتداء على المياه والكهرباء، وجرائم الحرائق إذا اقترنت بإسقاط الحق الشخصي، وجرائم الذم والقدح، والجرائم الإلكترونية، وتعاطي المخدرات. 

إضافة لعدد من الجرائم الخطيرة الأخرى التي لم تكن أبدًا ضمن مطالبات الشارع الأردني ولا توقعاته، مثل: جرائم الشروع في كافة جرائم القتل، إضافة إلى تخفيض العقوبات المشددة في جرائم القتل إلى النصف، وفي جرائم القتل العمد من الإعدام إلى 15 سنة، وكل ذلك بشريطة إسقاط الحق الشخصي.

ووفقًا للمادة الثانية "أ" من قانون العفو العام لسنة 2018، فإنه تعفى إعفاء عامًا جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل 12 كانون أول/ديسمبر 2018، مع عدد من الاستثناءات التي نص عليها القانون ومن أبرزها الجرائم الواقعة على أمن الدولة، والجرائم الواقعة على السلطة العامة، وجرائم السرقة الجنائية، وجرائم التزوير الجنائية، وبعض الاستثناءات الأخرى من جرائم القتل المنصوص عليها في المادتين 327 و328 من قانون العقوبات الأردني. 

كما تستثنى من القانون جرائم العرض والتجسس والإرهاب وغسيل الأموال، والجرائم الاقتصادية، والجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر، وجرائم "جمعيات الأشرار"، والجمعيات غير المشروعة.  

العفو يشمل "قتلة أطفال" ويستثني معتقلي الرأي!

وبعد إقرار مجلس النواب لمشروع قانون العفو العام بعد التوسع في بنوده وإحالته إلى مجلس الأعيان، عبّر الأردنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم لهذا القانون الذي وصفوه بـ"الفضفاض" وبـ"الكارثة المظلمة".

ومن بين أبرز القضايا التي أثارت حفيظة الكثيرين على قانون العفو العام الجديد، شموله لجرائم قتل هزّت الرأي العام الأردني، ومن بينها جريمة قتل فتاة قاصر (14 عامًا) وقعت في نهاية عام 2015، أدين بها والدها الذي قتلها حرقًا.

وبموجب قانون العفو العام، وبعد إسقاط والدة الطفلة وشقيقها لحقهما الشخصي في القضية، فإن الوالد القاتل سيكون ضمن قائمة المشمولين في العفو العام.

الأردنيون يرفضون العفو العام

أثار إقرار مجلس النواب لقانون العفو العام بما تضمنه من توسّع كبير في الجرائم التي يشملها، حالة من الجدل والاستهجان على المستوى الشعبي، وضمن شريحة واسعة من الناشطين والحقوقيين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى بعض النواب الذي اعترضوا على ما اشتمل عليه القانون من بنود.

واعتبرت النائبة فاطمة الوحش، أن قانون العفو العام ببنوده الحالية "ضربة للقوانين العامة في البلاد"، وأن الجرائم الداخلة فيه تتناسب مع "رؤوس الفساد" وأن إقراره سيؤدي إلى "إغراق المجتمع بالمجرمين".

كما قال الناشط الأردني محمد الزواهرة إن "العفو العام ليس مطلبًا شعبيًا"، لافتًا إلى أن "المطالب الشعبية الحقيقية تتمثل في الإصلاح السياسي والاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وسيادة القانون".

وفي إشارة إلى أن العفو العام الذي أُقر على استعجال في مجلس النواب، وتم التوسع في بنوده، لم يأت إلا ضمن محاولات الحكومة لامتصاص غضب الشارع الأردني وتخفيف حالة الاحتقان، مع استمرار الاحتجاجات الأسبوعية قرب رئاسة الوزراء؛ قالت سلمى النمس، الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، إن قانون العفو العام هو "أسوأ استجابة للحراك الشعبي في الأردن ومجرد محاولة من قبل الحكومة لنيل شعبية رخيصة" على حد تعبيرها.

يذكر أن مجلس النواب الأردني أقر مشروع قانون العفو العام بعد التعديلات على ما أقرته الحكومة في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وأُحيل المشروع إلى مجلس الأعيان لاكتمال مراحله الدستورية، كي يحوّل بعد إقراره من الأعيان إلى الملك ليصار بعدها إلى إصدار مرسوم به وإعلانه في الجريدة الرسمية، ليدخل حيز التنفيذ.

بعد التعديل، أُقر قانون العفو العام بصيغة واسعة جدًا، لدرجة شمولها قضايا الشروع في القتل وتعاطي المخدرات وقضايا العنف الأسري

وسيكون هذا القانون في حال إقراره هو الأكثر شمولًا في قوانين العفو العام التي صدرت في المملكة منذ خمسينات القرن العشرين، والتي بلغ عددها 18 عفوًا، وكان آخرها في العام 2011.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"عاصفة" إلكترونية في الأردن احتجاجًا على قانون جرائم الإنترنت

منصّة #حقك_تعرف في الأردن.. المعلومة كما تريدها الحكومة!