13-سبتمبر-2017

عصام زهر الدين (فيسبوك)

ما قاله العميد في جيش النظام عصام زهر الدين عن منع السوريين الذين غادروا بلادهم من العودة إلى بيوتهم، ونصيحته لهم بذلك أعاد إلى الأذهان صورتين... الأولى العسكري الذي إن قال فعل، والسياسي الذي لا يملك من أمره شيئًا سوى التنظير عن الوحدة الوطنية، والعبث بالسياسة.

أعادت تصريحات العميد في جيش النظام السوري عصام زهر الدين صورة العسكري الذي إن قال فعل

أما الثانية فهي أن ما يقوله العسكري هو ما يريده السياسي بالضبط ولكن بلغة مختلفة.. الأولى مباشرة ووقحة، والثانية مواربة تقول ما لا تريده وتترك للأول التنفيذ دون هوادة.

اقرأ/ي أيضًا: الجيش في سوريا.. من عقائدية المؤسسة إلى مليشيا العائلة وطائفيتها

في الحالتين يبدو حال السوريين الذين خرجوا من ديارهم في أسوأ ما يمكن، فلا بلدان اللجوء قدمت لهم ما يليق بإنسانيتهم المهدورة، ولا حلم العودة بات من الخيارات الممكنة التي تجعل من تحمل الخيمة والاضطهاد يسيرًا، وزعرنة بعض اللبنانيين، ولؤم بعض الأردنيين هينًا، وأما الغرب فبات ينسحب من وعوده الإنسانية، وحتى ألمانيا والسويد الحلمان الكبيران باتا يشكلان خطرًا على أجيال السوريين القادمة فآخر التقارير تتحدث عن 83 ألف طفل سوري انتزعوا من عائلاتهم في ألمانيا بحجج واهية وإنسانية أيضًا.

السوري اليوم بين شقيقه السابق في الوطن، وشريكه الجديد في الغربة يحترق بناري العودة والبقاء، وهذا ما دارت حوله نقاشات سطحية وأخرى عميقة عن حق السوري في العودة إلى بلاده الذي لا يمنعه منه أحد، وحقه في البقاء في ملجئه ريثما تنتهي الغمة، وهذا ما يقوله القانون الدولي.

نعم تراجع عصام زهر الدين عن خطأه بعد تأنيب قيل إنه روسي، وتارة سوري، ولكن الجرح بات مفتوحًا، ومهما جاء التبرير لكلامه فلم يعد بالإمكان النظر إلى الأمر على أنه زلة لسان، وهذا ما استدعى الرد من جهات محسوبة على الوسط ليست في صفوف المعارضة أو النظام إلا أنها أيضًا تعرضت للتهجير، وهذا ما جاء على لسان وزير الاقتصاد السابق نضال الشعار الذي رد على صفحته على الفيسبوك: "اللي طلعوا من البلد ما طلعوا لأنهم بيكرهوا البلد أو خانوا البلد.. طلعوا لأنهم كانوا خايفين من أخواتهم الزعران ومن اللي جابوهم معهم وزعران متلهم للبلد.. وبس راحو الزعران واللي إجا معهم ... وعمبروحوا.. كلشي سوري أصيل بيتقبل أخوه السوري بمحبة شو ماكان.. رح يرجع عالبلد... لسبب بسيط... لأنهم أولًا وآخرًا من هالبلد... والبلد ملكهم.. وما حدا فيه يحتكر هالبلد".

من بقي في سوريا بات يعتقد أنه الأولى بكل البلد، أما الآخرون فهم جبناء وهاربون

أحدهم في رده على الشعار روى حكاية أشد إيلامًا عن علاقة السوريين فيما بينهم بعيدًا عن السلطة وتصريحات من فيها، الشخص الذي ينتمي لمدينة حمص خرج بعد اشتداد المعارك إلى مدينة طرطوس الساحلية يقول: "اليوم بسمع أصوات من حمص ومنن من قلي ياها بوجهي إنو اللي طلع من حمص ما لازم يرجع بعد ما تتعمر، طلع لبرا خليه برا"... كلام الرجل يحمل الكثير من الألم ومرارة ما حصل من شرخ، فمن بقي ولم يخرج بات يعتقد أنه الأولى بكل البلد، فهو من صمد فيها أما الآخرون فهم عنده جبناء وهاربون.

اقرأ/ي أيضًا: أساطير العسكري السوري.. جنس وحب وقوة

حجم المأساة في سوريا اليوم يفوق الموت والدم، والشرخ الذي طال المجتمع وقلوب الناس يحتاج إلى أكثر من إعلان نصر أو إعادة إعمار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحقيقة غير الجذابة عن إفشال الربيع العربي

ماذا لو بقي بشار الأسد في السلطة؟