1. سياسة
  2. سياق متصل

عصابة أبو شباب.. محاولة إسرائيلية لتكريس الحالة الميليشياوية في غزة

13 أكتوبر 2025
ميلشيا أبو شباب
عصابة أبو شباب في قطاع غزة (التلفزيون العربي)
الترا صوت الترا صوت

بثّ "التلفزيون العربي"، مساء الأحد، تحقيقًا كشف فيه خبايا عصابة أبو شباب المتهمة بتسهيل مهام جيش الاحتلال في قطاع غزة ونهب المساعدات الإنسانية.

ونمت هذه العصابة مستفيدةً من حالة الفراغ الأمني والفوضى التي خلّفتها حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ عامين، ما أتاح لها السيطرة على بعض المعابر والمناطق داخل القطاع.

ومع مرور الوقت، منحت المجموعة لنفسها اسمًا جديدًا هو "القوات الشعبية"، في محاولة لإضفاء شرعية على وجودها عبر تقديم نفسها كحامية وبديل أمني لسلطة حماس في القطاع المدمّر.

عمر عاشور:  "الجيش الإسرائيلي فاشل في إدارة الميليشيات، فقد يحقق نجاحات تكتيكية، لكنه يفشل استراتيجيًا"

وتتبع تحقيق "التلفزيون العربي" التكوين الداخلي لميليشيا أبو شباب، وعلاقاتها وشبكة داعميها، مستندًا في جمع الأدلة إلى مصادر مفتوحة، بالإضافة إلى شهادات وصور حصرية من داخل مقرات الميليشيا. كما سلط التحقيق الضوء على أسلوب تعامل الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)،  كتائب عز الدين القسام، مع هذه المجموعة المسلحة.

وتتزايد الأسئلة حاليًا، مع وقف إطلاق النار، حول مستقبل ميليشيا أبو شباب وغيرها من المجموعات التي استفادت من الغطاء والدعم الإسرائيلي خلال الحرب، إذ تتضافر التقارير التي تشير إلى تلقي تلك الميليشيات تمويلًا وتسليحًا من الاحتلال الإسرائيلي. ومن ذلك ما أوردته صحيفة "هآرتس" في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي عن "تنسيق جيش الاحتلال وجهاز الشاباك مع ميليشيات محلية في غزة للقيام بمهام عسكرية وأمنية مقابل أموال ونفوذ".

وبرغم تعدد الميليشيات في غزة، تبقى عصابة أبو شباب الأبرز بينها من حيث حجم الانتشار وعدد العناصر والعلاقات الواسعة التي تربطها بعدة جهات.

أبو شباب.. أمير حرب عمّده الاحتلال

خصّص التحقيق الذي بثّه "التلفزيون العربي" جانبًا من حلقته لقائد هذه الميليشيا، ياسر جهاد منصور أبو شباب، الشاب الثلاثيني المنتمي إلى عشيرة الترابين، والذي يعدّ سكان القطاع بتحقيق الاستقرار على يد قواته. وكما في كل الحروب، تظهر شخصيات تستغل الفوضى لتمارس دور "أمراء الحرب"، فتراكم القوة والثروة من مآسي الناس في زمن النزاع.

وأشار التحقيق إلى أنّه نظراً لحساسية المعلومات وما وصل إليه أبو شباب من نفوذ، فقد تعمّد الفريق الصحفي "إخفاء وجوه وتغيير أصوات الشهود حفاظًا على سلامتهم".

وينقل التحقيق عن أحد أصدقاء أبو شباب المقرّبين قوله:"كنت أنا وياسر صديقين تجمعنا قبيلة الترابين. هو في الأصل من سكان شمال قطاع غزة وليس من الجنوب، خلافًا لما يعتقده البعض عنه".

ويضيف: "جاء إلى رفح عندما كان في الثانية عشرة من عمره، بعد أن انتقلت أسرته إلى قطعة أرض تملكها هناك. كانت أوضاعهم المادية صعبة، فترك المدرسة مبكرًا وبدأ ببيع الخضار لمساعدة والده. وعندما بلغ التاسعة عشرة، اعتُقل في قضية تتعلق بكمية كبيرة من المخدرات".

ويفيد المصدر نفسه بأنّ أبو شباب صدرت بحقه عدة أحكام ثقيلة، وتم الزجّ به في السجن العسكري. وبعد أن حكم عليه القضاء العسكري في غزة بالسجن عشر سنوات عام 2015 بتهمة الاتجار بالمخدرات، أودع مركز إصلاح وتأهيل خان يونس المركزي المعروف بـ"سجن أصداء"، حيث بقي حتى الأشهر الأولى من حرب الإبادة على غزة.

وينقل التحقيق عن أحد المشرفين على السجن الذي كان يحتجز فيه أبو شباب قوله:"كان يتمتع بشخصية هادئة وذكية جدًا، وسعى داخل السجن لاكتساب نفوذ وتأسيس شبكة علاقات، وكان غالبًا يفعل ذلك عبر المال، إذ كان يلتقي بالسجناء ويقدّم لهم الدخان والطعام والشراب، محاولًا باستمرار فرض نفوذه".

التحول إلى أمير حرب

خرج أبو شباب من السجن بعد أن تحولت المؤسسة السجنية إلى مكان غير آمن، وسرعان ما انتهز الفرصة ليجسّد خارج السجن ما كان يمارسه داخله، وتحديدًا في مدينة رفح جنوبي القطاع. ومع اجتياح جيش الاحتلال للمدينة، برز اسم أبو شباب سريعًا في الأوساط الغزّية، حيث عُرف بقيادته مجموعة صغيرة من المسلحين بأسلحة خفيفة تمارس عمليات قطع طرق قوافل المساعدات والشاحنات التجارية، فارضةً على السائقين غرامات مالية مقابل السماح لهم بالمرور.
وتحدثت مصادر حينها عن غطاء إسرائيلي يسهّل نشاط هذه المجموعات، إذ لم تتمكن القوات الأمنية، رغم ملاحقتها ومحاولاتها المتكررة لتأمين دخول المساعدات، من القضاء عليها.

ولم يلبث اسم أبو شباب أن ظهر في وسائل الإعلام الدولية، إذ نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا استند إلى مذكرة أممية تؤكد أن أبو شباب ومجموعته هم "الجهة الرئيسية والأكثر نفوذًا وراء النهب الممنهج وواسع النطاق لقوافل المساعدات"، مشيرةً إلى أنهم في إحدى العمليات نهبوا 80 من أصل 100 شاحنة.

وقد وفّر هذا النهب المستمر للمساعدات الإنسانية شريانًا ماليًا ضخمًا لعصابة أبو شباب، التي عمدت إلى بيع المواد المنهوبة بأسعار باهظة. وسرعان ما مكنتها الأرباح المتراكمة من توسيع صفوفها وتعزيز قدراتها التسليحية وبسط نفوذها في المنطقة التي تسيطر عليها جنوب قطاع غزة.
وبحسب بيانات نشرتها "رويترز" و"واشنطن بوست"، بلغت قيمة المساعدات المنهوبة ملايين الدولارات.

ومؤخرًا، رُصدت مؤشرات على تحول نوعي في أنشطة العصابة، إذ شوهد أفرادها يقودون سيارات رباعية الدفع وجيبات حديثة، كما سجل دخول عدد منهم إلى منطقة المواصي عبر شارع الطينة تحت غطاء الطيران المسيّر، وفقًا لما ورد في التحقيق. كما باشرت المليشيا نقل بعض العائلات إلى المنطقة الخاضعة لسيطرتها، في مشهد يعكس واقعًا مختلفًا عمّا يعيشه سكان القطاع.
وحسب ما ورد في التحقيق، فإن "الحياة في المنطقة التي أقامتها ميليشيا أبو شباب تبدو كأنها فرصة نجاة مؤقتة من القصف والجوع والنزوح، لكنها نجاة تحت سلطة ميليشيا متهمة بالعمالة، حيث لا قصف يومي ولا جوع خانق، والأطفال يجلسون في صفوف مدرسية والمواد الغذائية متوافرة".

وفي آب/أغسطس الماضي، أعلنت عصابة أبو شباب عن تحولها إلى ما أسمته "قوات شعبية"، وفتحت باب الانتساب للراغبين في التجنيد والانضمام إليها. وكانت هذه الميليشيا قد بدأت كمجموعة لا تتجاوز 40 فردًا، معظمهم من أصحاب السوابق، لكنها وضعت لنفسها هدفًا سياسيًا معلنًا يتمثل في "تخليص الغزيين من حكومة حماس".
ويرى متابعون أن هذا التحول في الخطاب والهيكلة يشير إلى أن ميليشيا أبو شباب أصبحت جزءًا من الترتيبات الإسرائيلية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.

الاحتلال الإسرائيلي يفشل في إدارة المليشيات

ينقل تحقيق "التلفزيون العربي" عن الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية عمر عاشور قوله إن "الجيش الإسرائيلي فاشل في إدارة الميليشيات؛ فقد يحقق نجاحات تكتيكية، لكنه يفشل استراتيجيًا".
ودلّل عاشور على ذلك بمحاولات إسرائيلية سابقة لتشكيل عصابات مشابهة، أبرزها ما سُمِّي بـ"روابط القرى" بين عامي 1978 و1984، والتي فشلت على المستويين العملياتي والاستراتيجي. كما أشار إلى "تجربة تأسيس جيش أنطوان لحد في الجنوب اللبناني، التي استمرت فترة أطول لكنها انتهت أيضًا بفشل استراتيجي".

ويرى عاشور أن المحاولة الجارية في غزة حاليًا "تختلف من حيث عدد المنضمين إليها ومن حيث فقدانها الكامل للشرعية". وفي هذا السياق، أشار متحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "تواصل مرارًا، منذ بداية الحرب، مع العديد من الشخصيات والمخاتير والعائلات عبر جهاز "الشاباك"، إلا أن أيًا من تلك الجهات لم يتجاوب معه، إلى أن برزت حالة أحد السجناء الخائنين المدعو ياسر أبو شباب، الذي كان موقوفًا لدى الشرطة بتهمة ترويج الحبوب المخدّرة".

ويرجّح عمر عاشور أن الاحتلال الإسرائيلي، في حال فشل في مأسسة الحالة الميليشياوية في غزة، قد يلجأ إلى تحويلها إلى نمط من زعماء الحرب، بحيث يتعدد هؤلاء الزعماء في إطار ما يمكن وصفه بـ"لبننة القطاع"، على غرار ما جرى في الحرب الأهلية اللبنانية.

ويُشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يدخر جهدًا في تحويل قطاع غزة إلى مسرح كبير للفوضى، إذ استهدف منذ بداية الحرب المراكز الأمنية واغتال عناصر ومديري شرطة لعبوا دورًا في تأمين دخول المساعدات.

كلمات مفتاحية
حرب السودان

السودان.. جدل المبادرة الرباعية وتحديات العمل الانساني في زمن الحرب

تشهد العاصمة الإدارية بورتسودان حراكًا مكثفًا، حيث استقبلت وفدًا من مسؤولي الأمم المتحدة من نيويورك، بالإضافة إلى وزير الخارجية المصري

العراق

الانتخابات العراقية: ارتفاع المشاركة وبدء الفرز وسط ترقب للنتائج الأولية

تتوجه الأنظار في العراق نحو الإعلان المرتقب للنتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أجريت يومي الاثنين والثلاثاء

مخيم النصيرات

دخول الهدنة في غزة شهرها الثاني وسط تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يتواصل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة رغم الخروقات الإسرائيلية المستمرة

كمال الشناوي - نور الشريف في الدورة الأولى من مهرجان القاهرة السينمائي (الأهرام)
فنون

من أين جاءت فكرة إنشاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

صورة تعبيرية
الترا لايت

فجوة الانبعاثات تتسع.. هل يمكن تحقيق أهداف اتفاقية باريس؟

تهدف اتفاقية باريس إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بشكل كبير

فار
رياضة

قوانين كرة القدم.. 5 تغييرات تطالب بها الجماهير

بعد استطلاع أجرته شبكة بي بي سي، هذه هي أبرز التغييرات على قوانين كرة القدم التي طالبت بها الجماهير

حرب السودان
سياق متصل

السودان.. جدل المبادرة الرباعية وتحديات العمل الانساني في زمن الحرب

تشهد العاصمة الإدارية بورتسودان حراكًا مكثفًا، حيث استقبلت وفدًا من مسؤولي الأمم المتحدة من نيويورك، بالإضافة إلى وزير الخارجية المصري