ألترا صوت – فريق التحرير
قتل 23 شخصًا في العراق وأصيب أكثر من 230 آخرين جراء هزة أرضية وسيول ضربت البلاد، خلال الأيام القليلة الماضية، فيما نزح الآلاف من عدة مدن من البلاد نتيجة غرق منازلهم، في واقع يُظهر "فشل" الحكومات المتعاقبة ووهن البنى التحتية في البلاد.
نزح عشرات الآلاف من العراقيين بعد أن غمرت المياه مساحات شاسعة على امتداد البلاد شمالًا وجنوبًا
وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت مؤخرًا على لسان المتحدث باسمها سيف البدر، ارتفاع القتلى إلى 21 شخصًا وإصابة 180 آخرين، جراء السيول والفيضانات التي نتجت عن أمطار غزيرة هطلت على البلاد، منذ الجمعة 23 تشرين الثاني/نوفمبر، وفق بيان رسمي.
وأوضح البدر، أن البعض قتل بفعل انهيار المنازل، أو حوادث سير، أو صعقًا بالكهرباء في المحافظات الشمالية والجنوبية على السواء، في حين تصدرت بلدة الشرقاط شمال مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين (170 كم شمال بغداد)، قائمة المناطق الشمالية الأشد تأثرًا وتضررًا، حيث بلغت حصيلة الضحايا فيها 7 قتلى و3 مفقودين، بحسب قائمقام القضاء علي دودح الذي أعلن في تصريحات صحافية، نزوح 1400 أسرة باتجاه مركز القضاء وغرق نحو 3000 منزل.
فيما نزح عشرات الآلاف بعد أن غمرت المياه مساحات شاسعة على امتداد البلاد شمالًا وجنوبًا، كما أشارت بعثة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق في بيان لها، مبينًة أن "هناك ما يقرب من 10 آلاف شخص في صلاح الدين و15 ألف شخص في نينوى بحاجة إلى المساعدة، بمن فيهم آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النازحين".
اقرأ/ي أيضًا: سيول تغرق المناطق المحررة في العراق.. فشل ما بعد داعش
ويشهد العراق منذ نهاية الأسبوع الماضي، موجة أمطار متتالية رافقتها سيول جارفة من شرقي وغربي وشمالي البلاد، مما تسبب بإغراق أكثر من 800 منزل وانهيار أخرى، فيما وجهت الحكومة العراقية جميع الوزارات بالمشاركة في عمليات إنقاذ المحاصرين وتقديم العون لهم.
بدوره، وجه رئيس الحكومة عادل عبد المهدي بتشكيل "خلية أزمة" من قوات عسكرية وكوادر مدنية مدعومة بالمروحيات والآليات الثقيلة للتدخل الفوري والإشراف المباشر على عمليات الإنقاذ، بحسب بيان صادر من مكتبه، في حين أرسل وفدًا إلى محافظة واسط التي شهدت سقوط نصف عدد ضحايا السيول.
أما جنوبًا، فقد غمرت المياه مساحات كبيرة من محافظات ذي قار وميسان والبصرة، حيث لجأت 250 أسرة في قضاء الفاو البصري إلى العراء بعد غرق منازلها، بحسب إدارة القضاء، وسط اتهامات للجهات الحكومية بعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي وجهها المدنيون.
واشتكى أحد أبناء القضاء ويدعى رائد الشمري في حديثه لـ "ألترا صوت"، من أن "الجهات المعنية تركت بيوت الفقراء تغرق وهرعت صوب المناطق التي يسكنها مسؤولون وأثرياء"، داعيًا إياها إلى "أداء مهامها وعدم الاكتفاء بالتفرج والتقاط الصور".
هزة إيرانية
لم تكد مياه الأمطار تتوقف، حتى اهتزت الأرض تحت العراقيين، بفعل هزة ضربت معظم أنحاء البلاد، نتيجة زلزال بقوة 6.3 درجة ضرب غرب إيران، الأحد 26 تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، التي أكدت أن الزلزال وقع على عمق 65 كم وعلى بعد 114 كم شمال غربي مدينة إيلام القريبة من حدود إيران مع العراق.
وأعلنت إحدى المستشفيات وفاة شخصين أحدهما رجل والآخر امرأة تبلغ من العمر 70 عامًا، وإصابة 52 آخرين، في مدينة كلار بمحافظة السليمانية شمالي العراق، حيث تراوحت الإصابات بين كسور في اليد والساق، إلى جانب إصابات أخرى.
خلفت الهزة بعض الأضرار في منازل ومحال تجارية في المناطق الشمالية والوسطى من البلاد، حيث أعلن مدير إعلام قائممقامية بلدة خانقين الحدودية التابعة لمحافظة ديالى، يوسف إبراهيم، أنّ مدرسة طينية "انهارت بالكامل"، صباح الإثنين 26 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد هزة أرضية ثانية، أكدت هيئة الأرصاد والأنواء الجوية العراقية تسجيلها، بقوة بلغت 4.5 على مقياس ريختر، تبعتها هزات خفيفة أخرى.
فشل النظام السياسي
وأثار ذلك موجة من السخط الشعبي، حيث حمل مواطنون الحكومات المتعاقبة المسؤولية عن سقوط الضحايا والدمار، لـ "فشلها" في تطوير البنى التحتية للبلاد التي تهالكت منذ عقود، دون أي بوادر قريبة لإعادة إعمار البلاد سواء على مستوى المناطق المحررة أو المناطق الجنوبية الغنية بالنفط، كما يرى المواطن شريف المعموري.
حمل مواطنون عراقيون الحكومات المتعاقبة المسؤولية عن سقوط الضحايا والدمار، لـ "فشلها" في تطوير البنى التحتية للبلاد
ويقول المعموري لـ "ألترا صوت"، إن "الحكومات المتعاقبة منذ 2003 فشلت في إعمار الخراب الذي خلفه النظام السابق نتيجه ما جره على البلاد من حروب، ولم تنجح بإنجاز أي مشروع حيوي سواء على مستوى الصرف الصحي أو الطرق والجسور، ولا حتى المدارس، حيث لا يزال المئات من الطلبة يفترشون الأرض في مدارس طينية أو أخرى مؤقتة وخطرة".
اقرأ/ي أيضًا: حكومة عبد المهدي.. رهان أخير لـ"إنقاذ" العملية السياسية من غضب العراقيين
ويضيف أن "الفشل لم يعد مستغربًا، وردود أفعال المسؤولين على الأزمات التي تضرب البلاد باتت معروفة، فإما أن تبدأ حفلة من تبادل الاتهامات بالتقصير بينهم، أو أن يطلقون زوبعة من الوعود سرعان ما تختفي، مع تراجع حدة الأزمة وظهور أزمة جديدة في مكان ما".
أما محمد الكرخي فيقول، إن الهزة الأرضية لم تثر الرعب فيه، فهو لا يخشى الموت، لكنه كان سيخشى ذلك لو "كان مسؤولًا حكوميًا"، على حد تعبيره، معربًا عن أمله بأن "تنعش تلك المخاطر ضمائر المسؤولين، ليكفوا أيديهم عن أموال الشعب ويتذكروا قصر الحياة".
لكن ذلك يبدو "مستحيلًا" من وجهة نظر مرتضى المسعودي، حيث "يعيش المسؤولون في قصور محصنة شيدت بمعايير هندسية حديثة وآمنة، على العكس من الطفلين اللذين قتلا بعد انهيار سقف منزلهم في ذي قار قبل نحو أسبوعين، أو طلاب المدرسة الابتدائية التي انهارت في السماوة" مركز محافظ ميسان، جنوب البلاد.