30-ديسمبر-2015

قرارات السيسي ما هي إلا أوامر آل سعود وزايد (Getty)

ليس من المستغرب ما جاءت به آخر إبداعات النظام العسكري المتسلط على رقاب أغلب ملايين المصريين من قرار حجب وحظر لموقع العربي الجديد، الأربعاء 30 كانون الأول/ديسمبر 2015، علمًا أن الصحيفة المرتبطة بالموقع، أي صحيفة العربي الجديد، لم يسمح بوصولها يومًا إلى جمهورها في أرض الكنانة.

من يحظر وصول منتج صحفي موضوعي حر لمتابعه ومتلقيه لا يبتعد كثيرًا عمن يتربص بالصحافيين في العراق وسوريا، سحلًا وحرقًا وصلبًا واختطافًا

ما يمكن تأكيده، أن الأسباب الكامنة خلف عدم وصول الصحيفة للمواطن المصري، وهي صحيفة عربية شاملة، تختص بالشأن العربي من زاوية الدفاع عن مكتسبات ثورات الشعوب العربية ومسيرة نضالها الديمقراطي، لا ترتبط بمسائل تقنية أو ترتيبات إجرائية بيروقراطية كتلك التي تبرع فيها أجهزة الدولة المصرية منذ أن كان محمد علي باشا. بل إن جل الأمر، سواء في عدم السماح للصحيفة بالوصول إلى مصر منذ قرابة العامين، أو قرار حجب الموقع الإلكتروني هذه الأيام، ليست إلا فيضًا من غيض العسكر تجاه كل ما هو ديمقراطي، عروبي، تقدمي، يصب في صالح الإنسان الواقف في مواجهة خندق ثورات مضادة يبدأ بآل سعود ومملكة الظلام القروسطي خاصتهم، مرورًا بالإمارات المتحدة في سباقها مع السعودية على دعم القمع والخراب والتقتيل والدواعش المضادة لربيعنا العربي، وبالطبع وصولًا إلى كل من حالفهما ووالاهما، من نظام الجنرال السيسي المنقلب على الديمقراطية في مصر، وخليله على التراب الليبي خليفة حفتر.

التوقيت حقًا يثير السخرية، تمامًا كما جُلّ مسلكيات التبعية لدى نظام العسكر في مصر. إذ بدأت مسيرة الحظر بالسعودية لتلحقها الإمارات، ومن ثم مصر، اتفق الحلفاء ونفذ الأتباع وحُظر الموقع. وقد لا يكون من المهم تتبع مسيرة القرار، أو الخطة/المؤامرة على الحرية في نقل صوت الناس للناس، لكن من المهم جدًا التقاط الإشارات الموحى بها عبر فرط سبحة الحظر للعربي الجديد من قبل حلف الظلام المضاد للحرية.

والشيء بالشيء يذكر، والسخرية بالسخرية تذكر، في الـ2014 خرج السيسي حانقًا على العربي الجديد، وعلى من يعمل ويكتب أو حتى يقرأ العربي الجديد وعلى أصدقاء الجريدة من نخبة مفكرين وسياسيين ومناضلين حزبيين ونقابيين ومستقلين من شتى بقاع العرب ومهاجرهم وفي مقدمتهم الدكتور عزمي بشارة. حينها تلعثم الرجل كثيرًا، حتى في اسم الصحيفة والموقع وأسماء بعض من خصّهم إعلامه بالذكر من العاملين في الصحيفة، ربما لإحساس فطري ما بعقدة نقص الندية لدى جنرال قتل الصحافيين ورميهم في زنازين الموت المقيم على مواجهة إعلام ديمقراطي حر.

لكن "للذمة والضمير" يستحسن الابتعاد عن افتراض تلك العقدة، على الرغم من القناعة بوجودها، هذا أن الأمر أبسط من تخيل الجنرال مقرِرًا في شؤون الحريات أو غيرها، فليس من المعلوم أي آلية تصل بها رسائل أسياد إفساد قضايا العرب لأتباعهم وتابعيهم، ربما تيليفاكس، وربما للحداثة نصيب لدى أهل الانقلابات العسكرية وأسيادهم، لم لا؟! الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك مستجد، "يستامح في لبس النظارات الشمسية"، ولا بد أن للهواتف الذكية مكانًا بين يديه، أقله بداعي سرعة إيصال الأوامر لصبيانه "الحاكمين" والساعين للحكم في غير بلد عربي، فإخبار آل زايد بإرسال "مستشارهم" الأمني محمد دحلان لوشوشة الجنرال بما عليه القيام به أمست طريقة طفولية مفضوحة، طوبى للهواتف الذكية!

قد لا يكون نظام العسكر في مصر آخر حاظري العربي الجديد، وليس من المهم من يحجر على صوت العربي الجديد أيضًا، الصحيفة مستمرة، والموقع يحقق رواجًا غير هين لدى الجمهور العربي، والخطاب ثابت على بوصلة العروبة وفلسطين والديمقراطية أبدًا.

لم يبق إلا إشهار كل التضامن مع الزملاء في العربي الجديد، من باب أن الاعتداء على حرية مؤسسة صحفية أو زميل مهنة، ليس إلا اعتداء على الصحافة وحريتها في كل العالم وتاريخ المهنة بجملته. ومن يحظر وصول منتج صحفي موضوعي حر لمتابعه ومتلقيه لا يبتعد كثيرًا عمن يتربص بالصحافيين في العراق وسوريا، سحلًا وحرقًا وصلبًا واختطافًا.. إلخ. ولا يتوقع ممن يغتصب جملة حقوق مواطنيه أن ينصف الواقف سندًا للحقوق وأصحابها.

___

اقرأ/ي أيضًا: 

العربي الجديد محظور في الإمارات بعد السعودية

أشرف فياض.. هزيمة لكل شيء

لماذا يتحدث دحلان؟

اللوبي الإسرائيلي في الإعلام العربي