23-فبراير-2017

إحدى التغطيات في القاهرة (خالد الدسوقي/أ.ف.ب)

لدى خروجه من الخدمة العسكرية في حركة ترقية وتجديد لإحالته إلى المعاش، بدأ المتحدث العسكري المصري السابق محمد سمير صفحة جديدة من حياته المهنية. من التقاليد العسكرية إلى الإعلام، بدا كالفاتح، الذي يغزو أرضًا جديدة بكامل عدته وعتاده. وجاء الإعلان الفوري عن تولي العميد "المتقاعد"، إدارة شبكة قنوات "العاصمة" فاتحًا الضوء الأخضر لقطاع واسع من معارضي "عسكرة الإعلام" إلى الإشارة إلى أن عهد عسكرة القنوات بدأ.

من التقاليد العسكرية إلى الإعلام يتولى العميد المتقاعد محمد سمير إدارة شبكة قنوات "العاصمة" في مصر

كان الأمر انتقالًا ناعمًا لرجل أدّى دورًا عاديًا وغير لافت في الجيش المصري. جاء الوقت ليؤدي دورًا آخر، أكثر ملاءمة له. إذ أعلنت شركة "مجهولة" تدعى "شيري ميديا" للدعاية والإعلان، في بيانٍ صحفي، استحواذها رسميًا على شبكة قنوات العاصمة، عبر مديرها إيهاب طلعت، الذي غاب عن الحياة العامة لفترة طويلة بعد اتهامه بالنصب على عدّة صحف وقنوات أبرزها "المصري اليوم"، وأوكل إدارتها للعميد محمد سمير. لم يكن اسم هذا الرجل بعيدًا عن الأنظار لكن اسم "شيري ميديا" كان غريبًا. تبيّن أنه تمّ تأسيسها في 2 كانون الأول/ديسمبر من العام 2016، وتجميدها في انتظار خروج سمير، الذي حامت حوله عدّة شكوك وشائعات، من الجيش.

اقرأ/ي أيضًا: القاهرة بلا "هوستلز".. منع لأسباب جنسية!

من بين الشكوك ما قاله البعض عن تهديده لطليقته بالتنازل عن قضية حركتها ضده، وهو ما قاد إلى التخلص منه. ليس ذلك مهمًا، فقد بدأ سمير ترتيباته بالزواج من الإعلامية مروة سعيد، التي قدّمت برنامج "تسلم الأيادي" على إحدى الفضائيات المصرية. وبالتزامن مع الزواج الغامض للمتحدث العسكري السابق، وإدارته قناتي "العاصمة" عبر وسيط، هو إيهاب طلعت، المثير للجدل، بدأ كتابة مقال أسبوعي في يوميّة "المصري اليوم" المصرية، ذائعة الصيت. تعجّل بنشر عدّة مقالات إنشائية أثارت السخرية منه على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة مقدّمة مقاله الأول، التي قال فيها: "تزاحمت في عقلي عشرات الموضوعات والأفكار بمجرد أن شرعت فى اختيار موضوع مقالي الأول.. فعلًا يا لها من حيرة؟".

تعجّل العميد محمد سمير بنشر عدّة مقالات إنشائية في صحيفة المصري اليوم، أثارت السخرية منه على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر

عنون سمير المقال الأول بـ"ما أجمل الفوز بالقاضية"، واعتبره القرّاء توجهًا عامًا لدى العسكريين، فبدا أنه لم يخيّب ظنهم في مقالاته. أمّا الثاني، فتحدّث فيه عن "عيد الحب"، واستعان بأبيات من الشعر، ووضع له عنوانًا شاعريًا "الليل وسماه"، إلّا أنه لم يسلمْ من السخرية أيضًا، حتى وصفه أحد المتابعين بـ"محاولة لأنسنة العسكريين".

اقرأ/ي أيضًا: حسام بهجت.. العسكر في مواجهة صحافة التحقيقات

وبينما يرى فريق من المعارضين أن قيادة سمير قناتي العاصمة "خطوة فاصلة" انتقلت بها السلطة من إدارة القنوات عبر مقرّبين، تابعين لها، إلى الإدارة المباشرة لوسائل الإعلام لطرح أي صوت معارض من المعادلة في المستقبل (وهي محاولات فاشلة دائمًا)، يبرر فريق آخر مقرَّب من دوائر السلطة ذلك بأنّه خلع بدلته العسكرية وأصبح مدنيًا، ومن حقه امتلاك أي مؤسسة إعلامية.

وبدأت حملة تأميم الإعلام المرئي والمقروء، وخلق جناح "غير رسمي" مؤيد للسلطة في مصر بعد انتقاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لفوضى الإعلام، وإعلانه عدم رضاه عن أدائه، متمنيًا مناخًا صحفيًا وإعلاميًا يشبه الذي عمل فيه جمال عبد الناصر، حين كان سيد الإعلام في مصر صديقه، حسنين هيكل. وانتقلت الكرة الآن إلى ملعب عدّد من العرَّابين للصفقة.. آخرهم محمد سمير، المتخرج من الكلية الحربية في العام 1988، والتحق بسلاح المشاة، وحصل على عدد من برامج ودراسات التأهيل قبل عمله متحدثًا رسميًا باسم القوات المسلحة المصرية خلفًا لأحمد علي، أبرز المتحدثين العسكريين في تاريخ مصر. ومن هنا بدأت علاقته بالإعلام، التي يبدو أنها لن تنتهي قريبًا.

اقرأ/ي أيضًا:

صحافة القاهرة.. جولة ربح جديدة ضد الداخلية

رحيل محمد حسنين هيكل.. رجل بثلاثة أعمار