20-فبراير-2017

لماذا يا عزيزي لا ترضى بزوجتك التي أنعم الله عليك بها؟ (فيسبوك)

في كل مرة، يُحتدم النقاش بين الرجال والنساء، في كل المجتمعات العربية، يعلن الرجال عن افتخارهم بالحقوق التي أنعم عليهم الشرع بها، ومن بينها حقهم في "التعدد" و"الإرث" و'القوامة". مرددين آيات قرآنية معينة، دون غيرها، بكل حماس.

يمكن لرجال في مجتمعاتنا ألا يكونوا حافظين للقرآن الكريم، إلا أنهم يرتلون هذه الآيات بكل سلاسة، أمام صبر النساء، سواء زوجاتهم، أو حبيباتهم، أو زميلاتهم، أو شقيقاتهم. وكأن الرجال يعلنون نصرهم على النساء، متباهين، وأحيانًا مهددين، بقدرتهم على الزواج مثلًا بأكثر من امرأة، أو الحصول على الإرث أكثر من شقيقاتهم، دون أن ننسى ترديدهم بين الفينة والأخرى بكونهم قوامين على النساء.

التفت إلى زوجتك، كم هي سعيدة بارتباطها بك، تخبرك أنك "سيد الرجال"، ولا تقارنك أبدًا بأبطال مسلسلات التركية، كما تفعل أنت

في موضوع التعدد، مثلًا، من منا نحن النساء لم تسمع زملاء لها أو أفراد من أسرتها، أو حتى أزواجنا يخبروننا، بكونهم قادرين على الزواج من أكثر من امرأة، تارة مازحين، وتارة أخرى مهددين.

تجد أغلب الرجال، وليس الجميع، لكي أكون منطقية، ولكي لا يتهمني البعض بالتعصب، يرددون آيات من الذكر الحكيم، من سورة النساء: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ"، وهذه هي الآية الوحيدة التي ذكر فيها حكم تعدد الزوجات.

اقرأ/ي أيضًا: رجال يضعون أحمر الشفاه رفضّا للعنف ضد المرأة

في تفكير رجالنا، لا يهم أن يكون رجلًا مفلسًا ماديًا، ولا أن تكون قدراته الصحية تسمح له بالزواج من أكثر من امرأة، ولا يهم أيضًا أن يكون كبيرًا في السن، أو شابًا، أو متزوجًا وله أبناء، أو عقيمًا، المهم فقط أن الشرع سمح لهم بالزواج مثنى وثلاث ورباع، يصرحون ذلك بكل غباء، فيا عزيزي الرجل، اجلس بين نفسك، واعترف أنك لا تستطيع الزواج بأكثر من امرأة، واعترف أيضًا أن واحدة تكفيك.

صدقًا، أنت لا تستطيع، أنت الآن تشاهد نفسك في المرآة. تقول في نفسك إنك رجل، وهذا واضح، وتقول أيضًا إنه باستطاعتك أن تنال إعجاب العديد من النساء. لكن يا رجل كيف ستنال إعجاب النساء؟ ومن هن النساء اللواتي ستفوز بقلبهن؟ جوابك أعرفه ستقول بكل بسالة "جميعهن".

لا يهم أن يكون رجلا مفلسًا، أو تكون قدراته الصحية ضعيفة، المهم أن الشرع سمح له بالزواج المتعدد

لماذا يا عزيزي لا ترضى بزوجتك التي أنعم الله عليك بها؟ إنها قنوعة وراضية بقدرها الذي جمعها معك. فأنت لا تشبه "مهند" مثلًا، ولا "إيزيل"، ولا تتوفر على بنية جسمانية مشابهة لهما لكي تغري النساء بجمالك، أنت لا تهتم كثيرًا بممارسة الرياضة، ولا تملك الوقت ولا تتوفر على المال لذلك، فبـ"كرشك" ياعزيزي لن تغرِي جميع النساء أبدًا. التفت إلى زوجتك، كم هي سعيدة بارتباطها بك، تخبرك أنك "سيد الرجال"، ولا تقارنك أبدًا بأبطال مسلسلات التركية، كما تفعل أنت.

ما زلت تشاهد المرآة ولم تقتنع بكلامي، ومتشبثًا بتهديدك لزوجتك، بكونك ستتزوج من امرأة ثانية، وثالثة ورابعة إن أردت. لكن لحظة، كيف ستصرف على هؤلاء النساء؟ كن منطقيًا ياعزيزي، راتبك لا يكفيك لنهاية الشهر، وتذكر الآية الكريمة: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، ألست تتباهى بقوامتك؟

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. إعلام يهين المرأة

وبالإضافة إلى كل هذا، زوجتك مكتفية بما تقدمه لها، فهي لا تلبس مثل قريناتها، وتتغاضى عن الكثير من متطلباتها، فغيرتك الشديدة عليها، جعلتها حبيسة المنزل، لكن بالرغم من هذا ما زلت في نظرها "سيد الرجال". لماذا تسأل نفسك عن راتبك المتواضع؟ هل هذا الأخير سيسمح لك بالزواج من أربع نساء أو ثانية فقط؟

أنت لا تهتم كثيرًا بممارسة الرياضة، ولا تملك الوقت ولا تتوفر على المال لذلك، فبـ"كرشك" ياعزيزي لن تغرِي النساء أبدًا

هل سألت نفسك متى آخر مرة مارست علاقة حميمية مع زوجتك؟ الإجابة ستكون أكثر من شهر، لأنك ببساطة مرهق بسبب مشاكل العمل، لدرجة أنك لا تستطيع أن تجالس زوجتك، فأنت مرهق جدًا، وتفكر كثيرًا في الأقساط المتراكمة عليك، إذن كيف ستتزوج من امرأة أخرى؟

لا تدع أفكارك تخبرك بأنك عاجز، أبدًا، فما زلت شابًا، وزوجتك أيضًا ما زالت شابة، فقط هي راضية بقدرها، قنوعة بما تقدمه لها، مكتفية بشكلك وجسدك النحيف أو المرتهل، أو الممتلئ حتى، المهم أنت لا تنافس العارضين الأتراك، الذين ملؤوا شاشات التلفزيون.

تتركك زوجتك تسمعك تعبر عن رغباتك بالزواج من امرأة أخرى، تسمع إلى تهديدك بكونك يومًا ما ستقترن بامرأة فاتنة تشبه الحسناوات اللواتي يظهرن على شاشات التلفزيون، تجلس وهي تتأملك وأنت تخبرها بذلك، وبالمناسبة هي أيضًا تحفظ الآية الكريمة، غير أن الفرق أن زوجتك ذكية، عندما تسمع تهديدك بأن لديك القدرة على الزواج بأكثر من امرأة، ولأن الشرع سمح لك بذلك، ففي الحقيقة تسخر منك، أنت بمثابة طفلها المدلل أو المشاكس، فهي لا تريد أن تحطمك بترديد تتمة الآية: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً"، أو ترديد آية أخرى: "وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ".

هذا سر بيني وبينك، أفشيه لك، لعلك تخبر الرجال الآخرين بذلك، عادة النساء لا يناقشن الرجال في هذه الأمور، كي يتحن لهم الإحساس بفحولتهم وقوامتهم، لكن في قرارة أنفسهن، يقولن كم أنت غبي، لو تدرك الحقيقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أن تكوني أمًا لذكر

المناصفة والحد من العنف.. أهم الوعود للمغربيات