09-ديسمبر-2015

ريتا وعزوز

ريتا عماد أبو رحمة تبلغ الخامسة عشر من عمرها. وهي في الصف العاشر. عبد العزيز أسعد أبو شرخ، المعروف بين أصدقائه باسم "عزوز"، يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا. وهو في الصف التاسع. أحبا الموسيقي منذ طفولتهما. وكما كانت تدفع الصور التي رسمها الجيش الإسرائيلي خلال العدوان على غزة إلى الحقد، هما أرادا محاربتها، بآلاتهما الصغيرة.

ريتا، منذ سبعة أعوام وهي تعزف الكمان. كان والدها يحب الموسيقى ويعزف على العود كهاوٍ. لكنه لم يستمر، لعدم وجود أحد يعلمه أصول العزف. حبه للموسيقى جعله يشجع ابنته ريتا على العزف، وصقل موهبتها. هناك، في معهد إدوارد سعيد الذي يعلم الموسيقى بأنواعها، دخلت ابنته لتتعلم ما طمح له الأب، برفقة عزوز.

اختارت ريتا آلة الكمان، لأنها أحبت ذلك الصوت الشجي. تحب ريتا أن تؤدي كل مقطوعة برفق. ورغم أنها جربت كل الآلات في العزف، تتمتع بالإمساك بالكمان، وتشعر أنها تحرك الموسيقى للهواء وهي تسيطر عليها بإحساسها... "كنت أشاهد عزف الكمان في حفلات موسيقية كبيرة، وكانت عدة آلات تعزف، لكن الكمان كان أكثر ما يؤثر بي".

تعزف الطفلة الفلسطينية ريتا أبو رحمة أغاني فيروز ونشيد موطني على آلة الكمان

وتعلمت ريتا كل المقطوعات الموسيقية الغربية الكلاسيكية، وبدأت بعدها بتعلم المعزوفات العربية. وتعزف أغاني فيروز وخصوصًا "نسم علينا الهوا"، وأغنية "الحلوة دي"، ونشيد "موطني"، و"البنت الشلبية"، وتحب عزف أغاني الفنانة جوليا بطرس، التي كانت تعد واحدةً من الفنانات الملتزمات.

شاركت الطفلة الغزية في حفلات مع معهد إدوارد سعيد هي وعزوز، وشاركا في حفلات وأمسيات خارجية، وتطمح اليوم بأن تكمل تعلمها الكمان، والتحول إلى عازفة محترفة. أما عبد العزيز أسعد أبو شرخ، فهو يعزف القانون، منذ ثماني سنوات، هو يؤمن بأن الموسيقى التي يعزفها أسمى وأجمل لغة يقدّمها، ويصفها بغذاء الروح كما قال أفلاطون. لا ندري أين سمع هذه الكلمات، أو من لقنه إياها، لكنها كلمات جيدة في أية حال، في ظل غياب الجانب الموسيقي عن اهتمامات الكثير من الأطفال العرب.

اشترك عزوز في عام 2012 في مسابقة إدوارد سعيد التي كان قد تقدّم إليها أفضل العازفين على مستوى فلسطين. وعلى الرغم من أنه كان يبلغ العاشرة من عمره في تلك الفترة، إلا أنه حصل على المركز الثاني على المستوى الوطني في العزف على القانون. وبعد عامَين، فاز في المسابقة ذاتها بالمركز الأوّل، مع أنه أصغر المتنافسين. ويقوم بشكل متواصل بنشر مقطوعاته الموسيقية عبر حسابه الشخصي على الفيسبوك، وكان آخرها، السلام الوطني الفلسطيني، و"موطني"، و"باكتب اسمك يا بلادي".

في مسابقة إدوارد سعيد كان عزوز في العاشرة لكنه حصل على المركز الثاني على المستوى الوطني

عزوز الطفل، يقول ما لا يقوله الكبار. من خلال معزوفاته، يرغب بنشر السلام بين الفلسطينيين أولًا، لأنهم شعبٌ واحدٌ، كما يطمح أن تصير معزوفاته صوتًا يتجاوز فلسطين... "أقوم أنا وريتا بالعزف سويًا بكل الأغاني التي نجدها جميلة وبعيدة عن التجاذبات والخلافات، وهي أغاني توحد الكل تحت ألحانها بالحب والسلام، وكنت أهدي أطفال العالم معزوفات، وخصوصًا معزوفات تشعرهم بالدفء في ظل وجود نسبة من الأطفال خارج مدنهم وبيوتهم التي دمرت".

هكذا، يطمح الثنائي عزوز وريتا، لأن يعرفهما العالم بأسره كطفلين من غزة. ورغم الحصار، وكل ما تعاني منه غزة، إلا أن الطفلين يرغبان، يومًا ما، بتنظيم حفلات خيرية، هدفها الأول جمع التبرعات من خلالها لمرضى السرطان، وأيضًا لإنشاء مستشفى لعلاج الأطفال.

اقرأ/ي أيضًا:
ملك من غزة تحيي إيلان
ساري.. الراب ضدًّ الحصار