28-يونيو-2017

رجل يرتدي زيًا سعوديًا ويحمل علم الاحتلال الإسرائيلي ضمن حملة ترويج لمبادرة السلام السعودية (روني شوتزر/ أ.ف.ب)

لمؤامرة التطبيع الكامل مع تل أبيب اتفاقان وثلاثة أطراف، أمّا الأطراف الثلاثة فهي إسرائيل والسعودية وآخرها مصر، وأما الاتفاقان فهما التنازل عن تيران وصنافير للرياض، وتولي محمد بن سلمان ولاية العهد. ففي حوار مع دويتش فيلله الألمانية، أشار الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، عرَّاب التطبيع بين الرياض وتل أبيب، إلى تفاصيل الصفقة التي تجري بين البلديْن بوساطة أمريكية.

كشف أنور عشقي تفاصيل الخطوة الأولى من المؤامرة بقوله، إنّه "عندما رسمت الحدود مع مصر، أصبحت جزيرتا تيران وصنافير داخل حدود السعودية، وهذا سيفضي إلى التعامل مع معاهدة كامب ديفيد، أي أن المعاهدة لم تعد مصرية إسرائيلية، وإنما صارت دولية، فمصر والسعودية ستشتركان في السيطرة على الممر الذي تمر منه السفن الإسرائيلية والأردنية وغيرها من السفن التي تمر بين البلدين".

اعترف أنور عشقي، بأن السعودية في طريقها لنسج علاقات مع إسرائيل تنتهي بالتطبيع الكامل معها

وقدم أنور عشقي، المقرّب من دوائر القصر الملكي السعودي، لأول مرة، خبرًا صريحًا بأن "المملكة ستنسج علاقة مع إسرائيل"، معترفًا بأن "السعودية ستتجه للتطبيع مع إسرائيل بعد تطبيق المبادرة العربية"، ومُضيفًا أنّ بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "طرح مُبادرة أيضًا، وهي مختلفة عن المبادرة العربية قليلًا. وتدرس الآن في الولايات المتحدة، وبعد ذلك سيُنظر فيها، فإذا وافق عليها الأخوة الفلسطينيون فأنا على يقين بأن المملكة لن تعترض على ذلك"، على حد قوله.

اقرأ/ي أيضًا: عشقي في إسرائيل.. السعودية تشهر التطبيع

تقدم السعودية معادلة "التطبيع مقابل السلام"، فهذه ضمانتها الوحيدة للسلام كما تزعم مُروّجة لذلك، بينما تتقارب مع مبادرتها تل أبيب بمبادرة إسرائيلية "مختلفة عنها قليلًا"، لكن ما الفارق؟

وفق المعلومات المتاحة، فإنّ المبادرة الإسرائيلية توافق على قيام دولة فلسطينية يكون الحكم فيها فيدراليًا، أي السلطات مقسّمة بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر أي ولايات وأقاليم، وبضمان من الأردن ومصر، رُتّبَ له، وفقًا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، منذ قمة سريّة في مدينة العقبة الأردنية مطلع 2016، تمّ فيها الاتفاق على كل شيء يتحقق الآن تقريبًا. كذلك فإن من بين "الاختلاف القليل"، بتعبير أنور عشقي، بين المبادرة الإسرائيلية والعربية، ترك أمر القدس المحتلة إلى النهاية دون حسم.

ووفقًا لتصريحات أنور عشقي، فإنّ السعودية وعدت إسرائيل بتطبيع كامل مع الدول الإسلامية كلها، مستندة إلى أنه "ما تبين لنا في مؤتمر القمة الإسلامي، فإن موقف المملكة دليل للدول الإسلامية، فإذا طبّعت المملكة مع إسرائيل فسوف تطبّع الدول الإسلامية كلها مع إسرائيل، وستكون قد كسرت العزلة بين إسرائيل ودول المنطقة".

ويضع أنور عشقي "موافقة فلسطين على المبادرة العربية" شرطًا لاستمرار الدعم السعودي المزعوم لاسترداد الفلسطينيين حقوقهم، غير أنه لا يلتفت إلى خلافٍ عربي عربي قديم بشأن تلك المبادرة؛ إذ إن القمة العربية في بيروت عام 2002 تبنَّتها، فاعتبرها الفلسطينيون تنازلًا تاريخيًا مجانيًا من جانب واحد، فكان العرب يمدّون أياديهم بالسلام دون توفر الاستعداد الإسرائيلي لقبوله، أو وجود إرادة دولية أو أمريكية للضغط على إسرائيل. 

في الوقت نفسه لم يكن العرب يملكون -ولا يزال الأمر على ما هو عليه- القوة اللازمة لفرض المبادرة، ففشلت، ولم يبقَ منها إلا التنازل، فجاء الجواب الإسرائيلي سريعًا: الاستفادة من الانبطاح العربي في قمة بيروت، وشنّ عدوان عسكري شامل على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وحصار مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ثم اغتياله.

يزيف عشقي الحقائق بادعائه أن المجتمع السعودي يوافق على التطبيع مع إسرائيل باعتبار أنها "لم تعتدي ولا مرة على السعودية"! 

الخلاف بشأن مبادرة السلام العربية قديم، يتجاوزه أنور عشقي معبّرًا عن إرادة السعودية، ليكشف "الشيطان الأكبر" الذي أشرف على العملية كلها، بقوله "الأقوى من إسرائيل هي الولايات المتحدة لهذا تتحالف معها المملكة"، ردًا على سؤال "هناك من يقول إن السعودية تحتاج إلى قوة عسكرية في المنطقة تتحالف معها، وهذه القوة حاليًا غير متوفرة في الدول العربية، وأن إسرائيل هي الأقوى من الناحية العسكرية؟"

اقرأ/ي أيضًا: السعودية تستأنف رحلة تطبيعها الكامل مع إسرائيل.. تل أبيب محبوبة "العرب"!

ويتجاوز أنور عشقي أيضًا إرادة الشعب السعودي، التي تبلورت بوَسْم (هاشتاغ) "#سعوديون_ضد_التطبيع"، الذي كان الأكثر متابعة على مدى الأيام الماضية في السعودية، ردًا على حملة إعلامية تُمهّد للتطبيع السعودي الكامل مع تل أبيب، فيقول، فيما بدا واضحًا أنّه زيفًا، إنّ "المجتمع السعودي الآن لو نظرنا إلى تغريدات وتعليقات أبنائه، نجد أنهم يقولون إن إسرائيل لم يسجل منها عدوان واحد على المملكة"!

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تطبيع أبوظبي والرياض مع إسرائيل.. اتهم قطر لتنجوا بجريمتك!

تأسيس مملكة محمد بن سلمان "المتهورة".. الحكاية من أولها