لا يمرّ يوم في غزة دون تسجيل أعدادٍ جديدة من الشهداء بفعل آلة القتل الإسرائيلية؛ فمنذ صباح اليوم الأحد أعلنت الجهات الطبية التابعة لوزارة الصحة في غزة عن استشهاد 14 فلسطينيًا وصلت جثامينهم إلى مجمع ناصر الطبي، وذلك جراء قصف إسرائيلي استهدف جنوب قطاع غزة فجر اليوم.
وبالتزامن مع ذلك دقّت الجهات الطبية ناقوس الخطر بشأن نفاد الحليب العلاجي والعادي من مستشفيات غزة، في ظل منع إسرائيل، طيلة 4 أشهر، دخول أي كميات من الحليب إلى القطاع المحاصر، الأمر الذي فاقم من انتشار سوء التغذية الحاد بين الرضّع والخدّج في غزة.
قصف متواصل ومزيد من المستشفيات في طريقها للخروج من الخدمة
أفاد مصدر طبي في مجمع ناصر بأن فلسطينيين استشهدا وأصيب آخرون، نتيجة قصف نفذته مسيّرة إسرائيلية على خيمة تؤوي نازحين بمواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما أفادت مصادر محلية في القطاع أن القصف المدفعي الإسرائيلي على المناطق الشمالية والجنوبية من مدينة خان يونس متواصل منذ فجر اليوم.
يحدث ذلك في وقت تزايدت فيه المخاوف من احتمال إخراج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة، ما قد يحرم مئات الآلاف من سكان مدينتَي خانيونس ورفح الذين يتكدسون في المواصي من الخدمات الطبية.
يشار إلى أنّ مجمع ناصر الطبي أُدرج قبل أكثر من أسبوعين في إطار أوامر الإخلاء؛ ويعد مجمع ناصر الطبي، آخر منشآت القطاع الصحي في جنوب قطاع غزة، والأكبر في القطاع، بعد إخراج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة.
يُذكر في هذا الصدد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أخرج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة منذ أسبوعين بعد استهدافه والتوغل بداخله وتحويله إلى ثكنة عسكرية.
وفي الأثناء أفادت مصادر محلية أيضًا أن قصفًا مدفعيًا إسرائيليًا استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، كما أفادت مصادر محلية بأن طائرة مسيّرة للاحتلال استهدفت شقة سكنية في مخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى إلى استشهاد رجل وزوجته. وأضافت تلك المصادر أن الطائرات استهدفت خيمة نازحين في منطقة الحساينة غرب مخيم النصيرات، ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة آخرين.
الشهداء من الجوعى
نشر المكتب الإعلامي الحكومي حصيلة جديدة لأعداد الشهداء الجوعى الذين سقطوا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق توزيع المساعدات التي تحولت إلى مصائد لقتل الفلسطينيين. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي فقد بلغ عدد القتلى من الجوعى 450 شهيدًا، بالإضافة إلى 3,466 إصابة، و39 مفقودًا.
حصار الرّضّع في غزة
دقّت وزارة الصحة في غزة ناقوس الخطر جرّاء عدم توفر الحليب العلاجي والعادي في مستشفيات غزة، بسبب منع جيش الاحتلال الإسرائيلي إدخال أي شحنة من الحليب منذ نحو 4 أشهر. ويُنذر هذا الوضع بانتشار سوء التغذية الحادّ بين الرّضّع في قطاع غزة، وقد عاينت الفرق الإنسانية بالفعل حالات سوء تغذية في مستشفى مجمع ناصر الطبي بخانيونس ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح.
وأفادت المصادر الطبية في مجمع ناصر الطبي أن المستشفى يستقبل يوميًا 10 حالات على الأقل لأطفال رضّع يعانون من سوء التغذية الحاد.
وتحذّر مستشفيات عديدة في قطاع غزة من خطر وقوع كارثة صحية وشيكة، من شأنها أن تهدد حياة آلاف الأطفال الخُدّج والرُضّع في أقسام الحضانة، نتيجة نفاد الحليب العادي والعلاجي بأنواعه المختلفة.
وتعليقًا على هذا الوضع قال الدكتور أحمد الفرا في تصريحات إعلامية: "إن الحليب المخصص لمراحل نمو الطفل المختلفة بات مفقودًا تمامًا، مما ينذر بخطر حقيقي يهدد أرواح آلاف الأطفال، ما لم تهب المؤسسات والهيئات الدولية المختصة للضغط على إسرائيل لفتح المعابر وإدخال الحليب بسرعة وفي غضون ساعات قليلة".
وبحسب المدير العام في المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة، فإن "الأطفال يشكلون النسبة الأكبر من الضحايا المحتملين في المرحلة القادمة، نظرًا لهشاشة أجسادهم وعدم قدرتهم على الصمود أمام هذا الحصار الغذائي الخانق، مما يضع جريمة الحصار وإغلاق المعابر في مصاف جرائم الإبادة الجماعية".
ويضيف الثوابتة قائلًا: "الأطفال يُتركون وحدهم في مواجهة آلة الموت البطيء، بلا غذاء، ولا دواء، ولا ماء نظيف، ولا حتى حليب الرضع"، مؤكدًا أن إسرائيل تنفّذ "جريمة إبادة صامتة بحق أطفال غزة باستخدام سلاح التجويع ومنع الحليب".