1. سياسة
  2. سياق متصل

عدوان توسعت أهدافه: هل تسعى إسرائيل إلى تغيير النظام في إيران؟

16 يونيو 2025
موقع انفجار في طهران
يمرّ المواطنون بالقرب من موقع الانفجار الذي وقع في وسط طهران (Getty)
الترا صوت الترا صوت

تصاعدت وتيرة الحرب الإسرائيلية على إيران بشكل غير مسبوق، مع تحوّل واضح في طبيعة الأهداف وتوسّع رقعة القصف لتشمل منشآت حيوية في قلب المدن الإيرانية، وفي مقدمتها العاصمة طهران. فبعد أن تركزت الضربات في الأيام الأولى على المواقع النووية الإيرانية، بدأت إسرائيل منذ السبت بشنّ هجمات على منشآت للطاقة والمرافق الصناعية والبنية التحتية.

تصعيد غير مسبوق في العمق الإيراني

أعلنت إسرائيل الأحد أنها استهدفت أكثر من 250 موقعًا في إيران، من بينها 80 هدفًا في طهران وحدها، في واحدة من أعنف موجات القصف منذ بداية الهجوم الإسرائيلي. وأفادت تقارير من سكان طهران عن وقوع انفجارات متتالية كل نصف ساعة، وسط حالة من الذعر الشعبي، خاصة مع استهداف أحياء سكنية ومقار حكومية.

اللافت في الضربات الأخيرة أنها تجاوزت المواقع النووية، لتطال منشآت إنتاج الطاقة، ومصانع الإلكترونيات، ومرافق صيانة الطائرات، بالإضافة إلى محطات الشرطة ومباني تنسيق المساجد في العاصمة، بحسب تسجيلات وصور على وسائل التواصل الاجتماعي. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من بعض المواقع، فيما لا تزال السلطات الإيرانية متكتمة على عدد الضحايا.

أعلنت إسرائيل الأحد أنها استهدفت أكثر من 250 موقعًا في إيران، من بينها 80 هدفًا في طهران وحدها، في واحدة من أعنف موجات القصف

منشآت حيوية تحت النار واغتيالات متصاعدة

في مشهد غير معتاد، تعرّضت منشأة "بارس الجنوبي"، وهي أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، لقصف مباشر أدّى إلى اندلاع حريق كبير وتوقف جزئي في الإنتاج. كما شملت الهجمات مستودع وقود قرب طهران، ومطارًا إقليميًا في مدينة مشهد شرقي البلاد.

الضربات استهدفت أيضًا مواقع إلكترونية ومجمعات صناعية للطيران ومكاتب حكومية في عمق العاصمة. وقال سكان لطهران لصحيفة "واشنطن بوست" إن الغارات وصلت إلى مناطق مأهولة، وبعضها طال سيارات مدنية، ما أثار الشكوك بوجود عمليات اغتيال ميدانية.

فقد سُجّلت انفجارات غامضة استهدفت سيارات مدنية، ما أثار شكوكًا بوجود عمليات اغتيال ميدانية عبر طائرات مسيّرة أو تفجيرات صغيرة. وأُمر سكان العاصمة بالابتعاد عن المنشآت العسكرية، رغم صعوبة تحديد مواقعها، في ظل غياب ملاجئ عامة في المدن الإيرانية.

وفي هذا السياق، أشار المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الأهداف التي قصفتها إسرائيل في طهران، يوم أمس، لم تكن مدرجة ضمن قائمة الأهداف المحددة عند بدء الحرب، ما يعكس اتساع شهية إسرائيل العسكرية مع تطورات الميدان. 

ويشبّه المراسل المشهد بما جرى في لبنان بعد "البيجرات"، حين تحوّلت العمليات المحدودة إلى سلسلة من الاغتيالات. فقد أشار وزير الأمن الإسرائيلي السابق يوآف غالانت إلى أن اغتيال قادة كبار مثل عقيل ونصر الله وصفي الدين لم يكن مخططًا له منذ البداية، لكن نجاح عملية "البيجرات" دفع نحو تنفيذ تلك الاغتيالات، وبدورها فتحت الباب أمام موجة جديدة منها.

من الردع إلى إسقاط النظام؟

يرى مراقبون أن هذه المرحلة من الحرب تُظهر تغيّرًا في أهداف إسرائيل، من مجرد كبح البرنامج النووي الإيراني إلى محاولة إنهاك النظام الإيراني نفسه وضرب اقتصاده المتدهور، وربما التمهيد لتغيير سياسي كبير داخل البلاد. 

ووفقًا للمسؤول الأميركي السابق المختص بإيران، ريتشارد نيفيو، فإن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطرة كبيرة، لأنها تفترض انهيار منظومة السلطة الإيرانية جراء الضغط العسكري المكثّف.

من جهته، نفى المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يوسي كوبرفاسر، أن يكون تغيير النظام هو الهدف الرسمي للعملية، مؤكدًا أن الضربات الحالية تستهدف منشآت الحرس الثوري بالأساس، ضمن سياق العمليات العسكرية، وليس لإسقاط النظام.

واعتبر محللون أن إسرائيل لا تستهدف فقط البنية العسكرية الإيرانية، بل تسعى إلى خلق حالة من الفوضى المركزة التي تُضعف القبضة الداخلية للنظام دون تحمّل تبعات إسقاطه الكامل.

خطاب نتنياهو: دعوة للشعب الإيراني للانتفاض

من جهته، صعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهجته، ودعا الإيرانيين صراحةً إلى الانتفاض ضد ما وصفه بـ"نظام قاتل وفاسد".

وادّعى في خطاب ألقاه يوم السبت: "نحترم الشعب الإيراني ونراه شريكًا في النضال ضد الاستبداد. آن الأوان أن تستعيدوا حريتكم من هذا النظام الذي أضعفكم وأفقركم"، وفق قوله. واعتبر نتنياهو أن هذه اللحظة قد تكون فرصة تاريخية لإسقاط النظام من الداخل.

بين تدمير النووي الإيراني وتقويض النظام

في تقدير موقف أصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حول الهجوم الإسرائيلي على إيران، أشار المركز إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جعل، منذ عودته إلى الحكم عام 2009، من تدمير البرنامج النووي الإيراني هدفًا رئيسًا لجميع الحكومات التي ترأسها، سواء عبر عمليات أمنية وتخريبية، أو من خلال اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين.

وأوضح التقرير أن إسرائيل أعلنت أن الهدف من هذه العملية العسكرية هو تفكيك البرنامج النووي الإيراني والقضاء على أي فرصة لامتلاك طهران سلاحًا نوويًا، في مسعى للحفاظ على وضعها كالقوة النووية الوحيدة في المنطقة. واعتبر المركز أن هذا الموقف ينسجم مع سياسة انتهجتها إسرائيل سابقًا، مكّنتها من تدمير البرنامج النووي العراقي عام 1981، وتفكيك البرنامج النووي الليبي عام 2003، وضرب البرنامج النووي السوري عام 2007.

ويرى المركز، من خلال طبيعة الأهداف التي استهدفتها إسرائيل في اليومين الأولين من العملية العسكرية، أن حكومة نتنياهو تسعى، إلى جانب إضعاف القدرات العسكرية الإيرانية، إلى إسقاط النظام الإيراني من خلال تقويض شرعيته وكسر هيبته داخليًا، وهو هدف صريح لطالما تبناه نتنياهو وسعى لإقناع واشنطن بأهميته.

تحذيرات للأسواق الدولية: منشآت الخليج ليست بمنأى عن النيران

وتأثرت الأسواق النفطية بالتطورات، خصوصًا بعد قصف منشأة "بارس الجنوبي". وقالت الخبيرة في شؤون الطاقة أمينة بكر إن الضربة "تُظهر مدى اقتراب منشآت الخليج من خط النار"، رغم أن صادرات إيران النفطية لم تتأثر حتى الآن. وأشارت إلى أن أسعار النفط ارتفعت نتيجة الذعر، أكثر من تأثرها بعوامل العرض والطلب.

المدنيون يفرّون من طهران

في سياق ميداني متصل، غادرت حشود من سكان طهران المدينة هربًا من تصاعد الضربات، فيما امتلأت الطرق بسيارات المدنيين الفارين، وسط ازدحام مروري واختناقات عند نقاط التفتيش التي أقامتها قوات الأمن الإيرانية بحثًا عن جواسيس.

وردًا على التصعيد، أعلنت السلطات الإيرانية فتح محطات المترو والمدارس كملاجئ طارئة، وسط عجز كامل في البنية التحتية المخصصة للحماية. وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني: "نحن في حالة حرب حقيقية. لم نرد هذه الحرب، لكننا سنواجهها".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جعل، منذ عودته إلى الحكم عام 2009، من تدمير البرنامج النووي الإيراني هدفًا رئيسًا لجميع الحكومات التي ترأسها، سواء عبر عمليات أمنية وتخريبية

الحسابات السياسية

الضربات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل لا ترى في الوقت الحالي أي قيود سياسية على عمليتها، مستغلة تفوّقها الجوي والفراغ الدولي، كما يرى الباحث فرزان سابت. وقال إن استهداف صناعات الطيران والإلكترونيات والبنية التحتية الحيوية يهدف إلى تجفيف قدرات إيران التسليحية مستقبلاً.

وأشار سابت إلى أن إسرائيل تسارع في تنفيذ عملياتها قبل أن يتبدّد الغطاء السياسي الدولي، وخصوصًا الأميركي، في ظل مخاوف من تحوّل الرأي العام أو تعرض تل أبيب لضغوط أوروبية.

وفي الوقت نفسه، أشار تقرير لـ"فايننشال تايمز" إلى أن الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني أصلًا من العقوبات والعزلة الدولية، بات مهددًا بانهيار جزئي إذا ما استمرت الضربات على المنشآت الإنتاجية، ما قد يُفجّر احتجاجات داخلية تتجاوز قدرة النظام على احتوائها.

ومع استمرار القصف، يبقى السؤال الأساسي: هل تسعى إسرائيل فعلًا إلى تغيير النظام في طهران، أم أنها تشنّ حملة ردع شاملة، تحت غطاء تأييد دولي مؤقت، قد يتبدّد في أي لحظة؟

كلمات مفتاحية
القنيطرة

إسرائيل ترفض الاتفاق الأمني.. والدوريات الروسية تعود إلى الجنوب السوري

تزامن الإعلان الإسرائيلي عن رفض الاتفاق الأمني مع أنباء عن تسيير دوريات للجيش الروسي في المناطق الحدودية مع إسرائيل

الحرب في السودان

بابنوسة سُرّة كردفان.. قصة مدينة سودانية صُلِبت مرتين

تأثرت مدينة بابنوسة بنيران الحرب قبل أن تصلها

غزة

غزة والضفة في مواجهة تصعيد إسرائيلي متواصل

تشهد الأراضي الفلسطينية، في قطاع غزة والضفة الغربية، موجة جديدة من التصعيد الإسرائيلي

شركة "كلاود فلير"
تكنولوجيا

عطل في خدمات "كلاودفلير" يتسبب بشلل رقمي واسع حول العالم

شهدت شبكة الإنترنت، اليوم الثلاثاء، واحدًا من أكبر الانقطاعات الرقمية في الأشهر الأخيرة

الشيباني في بكين
قول

سباق دبلوماسي سوري في سياق التنافس الأميركي والصيني والروسي

تشهد الساحة الدولية حراكًا دبلوماسيًا سوريًا نشطًا، في ظل التحولات الكبرى التي تمر بها المنطقة

البرلمان المصري
قول

عزوف وإحباط: الفجوة المستمرة بين المصريين وبرلمانهم على مدار التاريخ

شرع المصريون في ممارسة أولى صور المشاركة السياسية المنظمة، وعلى امتداد ما يقرب من قرنين

tsamym-altra-wyb-qyas-jdyd.png
نشرة ثقافية

بعد 45 عامًا من النجومية والعطاء.. توم كروز يحصل على جائزة الأوسكار الفخرية

توح كروز يحصل على الأوسكار الفخرية