20-أغسطس-2021

الأمير عبد القادر الجزائري وديوانه

ألترا صوت – فريق التحرير

عبد القادر الجزائري أمير مجاهد، من العلماء الشعراء البسلاء. ولد في القيطنة (من قرى إيالة وهران بالجزائر) وتعلم في وهران. وحج مع أبيه سنة 1241هـ، فزار المدينة ودمشق وبغداد. ولما دخل الفرنسيون بلاد الجزائر سنة 1843م بايعه الجزائريون وولوه القيام بأمر الجهاد، فنهض بهم، وقاتل الفرنسيين خمسة عشر عامًا، ضرب في أثنائها نقودًا سماها المحمدية، وأنشأ معامل للأسلحة والأدوات الحربية وملابس الجند.

وبعد نضاله المديد وقع في الأسر، ومن ثم تم نفيه إلى دمشق.

الأمير عبد القادر شاعر مجيد، وقد جمعت أشعاره في ديوان. اخترنا منه هذه القصيدة عن مدينة تلمسان التي اشتهرت بصبرها على مقاومة فرنسا، وقد استنجدت مرة بالأمير فأنجدها بنفسه ودخلها مظفرًا فقال:


إلى الصون مدّت تلمسان يداها

ولبّت فهذا حسن صوت نداها

 

وقد رفعت عنها الإزار فلج به

وبرد فؤادًا من زلال نداها

 

وذا روض خدّيها تفتق نَوره

فلا ترضَ من زاهي الرياض عداها

 

ويا طالما عانت نقاب جمالها

عداةٌ وهم بين الأنام عداها

 

وكم رائمٍ رام الجمال الذي ترى

فأرداه منها لحظها ومناها

 

وحاول لثمَ الخال من ورد خدها

فضنّت بما يبغي وشطّ مداها

 

وكم خاطبٍ لم يدع كفئًا لها ولم

يشم طرفًا من وشي ذيلِ رداها

 

وآخر لم يعقد عليها بعصمةٍ

وما مسّها مسًّا أبان رضاها

 

وخابت ظنون المفسدين بسعيهم

ولم تنل الأعدا هناك مناها

 

قد انفصمت من تلمسان حبالها

وبانت وآلت لا يحل عراها

 

سوى صاحب الإقدام في الرأي والوغى

وذي الغيرة الحامي الغداة حماها

 

ولما علمت الصدق منها بأنها

أنالتني الكرسي وحزت علاها

 

ولم أعلمن في القطر غيري كافلًا

ولا عارفًا في حقها وبهاها

 

فبادرت حزمًا وانتصارًا بهمّتي

وأمهرتها حبًّا فكان دواها

 

فكنت لها بعلًا وكانت حليلتي

وعرسي وملكي ناشرًا للواها

 

ووشحتها ثوبًا من العز رافلًا

فقامت بإعجابٍ تجرّ رداها

 

ونادت أعبد القادر المنقذ الذي

أغثتَ أناسًا من بحور هواها

 

لأنك أعطيت المفاتيح عنوة

فزدني أيا عزّ الجزائر جاها

 

ووهران والمرساة كلا بما حوت

غدت حائزاتٍ من حماك مناها

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبو القاسم الشابي: نشيد الجبار

راينر ماريا ريلكه: خمسة أناشيد