18-أغسطس-2021

سيرة متقلبة للملا عبد الغني برادر (تويتر)

الترا صوت – فريق التحرير

يستعرض التقرير أدناه، المترجم بتصرف عن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، السيرة المتقلبة للملا عبد الغني برادر، أحد أبرز زعماء حركة طالبان. سيرة تبدأ من القتال ضد السوفييت، وتصل إلى السجن، ثم أخيرًا تنتهي به إلى صدارة المشهد بعد سيطرة الحركة على السلطة مجددًا.


في عام 2001، حاول الملا عبد الغني برادر، أحد المؤسسين البارزين لحركة طالبان، أن يرتب طريقة ما لاستسلام جماعته للحكومة الأفغانية الجديدة المدعومة من الولايات المتحدة. تم رفض عرضه، وأمضى معظم العقد الماضي معتقلًا في باكستان. بعد 20 عامًا على هذا التاريخ، وبعد أن ضغطت الولايات المتحدة من أجل إطلاق سراحه عقب بدء إدارة ترامب محادثات مع طالبان، ها هو الرجل نفسه يعود إلى السلطة.

في حين لا يزال ما نعرفه محدودًا عن زعماء أفغانستان الجديدين، وعن الطريقة التي سيحكمون فيها البلاد، فإنه إذا كان هناك للحركة وجه أول اليوم، فهو الملا برادر

ترأس الملا المكتب السياسي لحركة طالبان في الدوحة، وقاد محادثات مع واشنطن انتهت إلى اتفاق على إنهاء الحرب التي استمرت 20 عامًا. وفي حين لا يزال ما نعرفه محدودًا عن زعماء أفغانستان الجديدين، وعن الطريقة التي سيحكمون فيها البلاد، فإنه إذا كان هناك للحركة وجه أول اليوم، فهو الملا برادر. إنه أبرز زعيم للحركة يظهر على الملأ منذ استعادتها السيطرة على أفغانستان.

اقرأ/ي أيضًا: من سايغون إلى كابول.. هل يسير بايدن على استراتيجية واحدة؟

يوم الأحد، ظهر الملا برادر لأول مرة بعد الأحداث الأخيرة، بنظاراته وملامحه التي توحي بشيء من الكآبة. تحدث بنبرة منخفضة وحث على الهدوء، ووعد البلاد بالخدمات، ودعا مقاتلي جماعته إلى الالتزام بالاحترام.  كما قال في فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي إن "الطريقة التي حققنا بها هذا كانت غير متوقعة. الله منحنا هذا النصر"، حاثًا قادة طالبان على "ألا يكونوا متعجرفين".

وعلى مدى عقدين من الزمن، أدارت طالبان الحرب من خلال قادة ومسؤولين عسكريين وقضاة يتم تعيينهم لكل مقاطعة، لكنهم هؤلاء القادة نادرًا ما ظهروا علنًا. ويعتقد أن أمير طالبان أو الزعيم الروحي لها، الملا هبة الله أخون زاده يعيش بالقرب من كويتا في باكستان. لذلك، فإن من يقود العمليات اليومية للجماعة هو نائبه الملا يعقوب، الابن الأكبر للزعيم الأول للجماعة، الملا محمد عمر، بالإضافة إلى سراج الدين حقاني، قائد المكتب العسكري.

في هذا السياق، يقول آشلي جاكسون، الخبير في حركات التمرد ومؤلف كتاب عن الحياة في ظل حكم طالبان، إن "بنية الجماعة التي نراها الآن لن تكون بالضرورة نفسها عند وصولهم إلى الحكومة"، مضيفًا أنه "لا أحد يعرف من سيدير ​​الحركة... لا أحد يعرف، وأراهن أن طالبان نفسها لا تعرف لأنهم لم يعلنوا عن أي شيء بعد."

الملا برادر، البالغ من العمر الآن حوالي 50 عامًا، كان شخصية محورية في حركة طالبان منذ ظهورها. كان على صداقة مع مؤسس حركة طالبان والزعيم الراحل الملا عمر منذ عقود. تقول بيت دام، الخبيرة في شأن طالبان ومؤلفة كتاب عن الملا عمر، إن الاثنين التقيا في جنوب قندهار، مسقط رأس حركة طالبان، في الفترة التي تلت الحرب ضد السوفييت بعد غزو عام 1979".

أثبت الملا برادر نفسه كقائد عسكري موهوب أثناء سيطرة طالبان على أفغانستان في عام 1994. وعندما أجبرت الحركة على العمل في السر بعد الغزو الأمريكي عام 2001، حاول أولًا الاستسلام ثم لعب دورًا مركزيًا في إعادة تجميع الجماعة وتحويلها إلى حركة تمرد.

تقول دام إنه "كان الشخص الذي استسلم لحميد كرزاي في ديسمبر (كانون الأول) 2001"، في إشارة إلى أول رئيس لأفغانستان بعد سقوط طالبان من السلطة. وكان يُنظر إلى الملا برادر على الدوام على أنه القائد الأعلى لطالبان الذي سيشارك في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية وحلفائها الغربيين. وقد حاول مرة أخرى التفاوض من أجل التوصل إلى تسوية، ودخل في اتصالات سرية مع حكومة السيد كرزاي قبل أن يتم القبض عليه من قبل وكلاء الولايات المتحدة وباكستان في أوائل عام 2010.

يقول إبراهيم بحيس، مستشار شؤون أفغانستان لدى مجموعة الأزمات الدولية: "إنه أحد أهم الأشخاص في طالبان لأنه موجود منذ اليوم الأول وكان قوة أساسية في المراحل الحاسمة للحركة". بعد سنوات من اعتقاله، ضغط كرزاي على باكستان لتحرير زعيم طالبان على أمل أن يساعد إطلاق سراحه في بدء محادثات سلام مع الجماعة المتمردة . لم تنجح هذه الجهود إلا في عام 2018، حيث تم الإفراج عنه استجابةً لضغوط الولايات المتحدة.

بالنسبة للأمريكيين، فقد صنع إطلاق سراحه فارقًا في لهجة المفاوضات. كانت المناقشات محتدمة قبل ذلك حول الضحايا المدنيين، حيث اتهم كل طرف الآخر بارتكاب أعمال وحشية، مع ذلك فإنه نادرًا ما كان يُرى الملا برادر وهو يرفع صوته. يصفه المفاوضون بأنه هادئ، متوازن، ومن الصعب قراءته. عندما تصل المحادثات إلى طريق مسدود، كان يمكن الاعتماد على الملا بارادار للتدخل وتسهيل تحقيق اختراق. لم يكن إقصائيًا، وكثيرًا ما كان يصمت للسماح لأعضاء الوفد الآخرين بالتحدث.

كما يقول أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات، فإنه "لم يكن من نوع الرجال الذين يهيمنون على الغرفة من خلال كلماتهم". لكن آخرين عبروا عن إحباطهم بسبب محدودية التواصل. في لقاء مؤخرًا مع وفد أوروبي، تلا الملا برادر بيانًا بلغة الباشتو، تمت ترجمته، ما لم يترك مجالًا كبيرًا للحوار. قال دبلوماسي أوروبي: "لم يكن هناك سوى هامش محدود للحوار الحقيقي الذي يمكن من خلاله تكوين رأي حول شخصيته".

في الأيام التي سبقت سقوط كابول، كان الملا برادر وجه الحركة الذي وعد الدبلوماسيين الأمريكيين بأن طالبان لن تدخل كابول حتى يتم إخلاء السفارة. لكن بعد فرار الحكومة دون سابق إنذار، توغلت طالبان في المدينة، مبررة ذلك بأن الهدف هو تجنب الفوضى.

كان الملا برادر قد أعلن قبل شهرين، عن اهتمامه بالانخراط مع الشركاء الدوليين واستمرار الوجود الدولي في كابول ، وفقًا لدبلوماسيين

وفي حين يقول المسؤولون الغربيون إنهم يأملون في أن تحترم طالبان الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحافظ على بعض الحريات، يعرض الدبلوماسيون الغربيون نوعًا من الشرعية الدولية في المقابل، وربما حتى المساعدات. وكان الملا برادر قد أعلن قبل شهرين، عن اهتمامه بالانخراط مع الشركاء الدوليين واستمرار الوجود الدولي في كابول، وفقًا لدبلوماسيين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تقدير موقف: خلفيات عودة طالبان إلى حكم أفغانستان وتداعياتها