04-يناير-2017

غلاف الكتاب

في مجموعته الثالثة "لا نصّ يجب أن يكتمل" ("دار بردية للنشر" و"مصر العربية"، 2017)، يقدّم الشاعر السوري عبد السلام الشبلي 100 نص قصير ومتوسط من الشعر النثري، تقوم على مقاطع متوسطة الطول، إلا أنه يمكن اعتبارها قصيدة طويلة، منفصلة ومتصلة في آن، تلامس الوجع الإنساني السوري، من خلال تأملات في حالات الغياب والمنفى، التي تتصل بنتائج الحرب والهجرة السورية في عامها السادس. 

في "لا نص يجب أن يكتمل"، سعي حثيث إلى النقصان كما لو كان هدفًا بذاته

اقرأ/ي أيضًا: "رقصة القبور".. درس في حكاية المهزومين

سيبدأ قارئ "لا نص يجب أن يكتمل" بحلم وردي يعيشه الشاعر السوري في بداية مجموعته: "حَلمتُ بأنكِ وطنٌ/ يعودُ إليهِ الجميعُ بعدَ الحرب/ وأكونُ أنا أكبرُ الخاسرينَ فرحًا"، بعد ذلك تأتي الحرب التي أماتت كل ما هو جميل، كان الإنسان السوري قد أحبه وتعلّق به، وبنى عليه حياته: "أنا أسوأُ عاشقٍ في الدنيا/ كل البلادِ التي أحببتها.. ماتتْ/ كل الجميلاتِ اللاتي غرقتُ بهنَّ/ جففنَّ من عسلهنَّ ودمعهنَّ/ كل الأسماءِ التي حفظتُها/ فقدتْ أرواحَ أصحابِها/ كل الأحلامِ التي أدمنتُها/ استيقظتْ وأعلنتْ أضغاثَها".

في "لا نص يجب أن يكتمل"، سعي حثيث إلى النقصان كما لو كان هدفًا بذاته، تماشيًا مع نهج النقصان الذي تخلقه الحرب، الذي ينعكس نقصانًا على الحياة والبشر والأحلام، إلى درجة أنه يصيب بنية النص نفسها، وذلك في نظرة سوداوية، رثائية، تنوس بين التراجيديا والأسى، بما يجعل من الحرب منظورًا إلى عالم قائم على الموت والفقدان والغياب: "هذه الحياةُ سوداء بما يكفي/ لنلعنها/ ونموت خوفًا من عتمة ظلمها/ هذه الحياة بيضاء بما يكفي/ لنصنع منها أكفانًا/ نلتجئ عند الخلاصِ لها".

يحاول الشبلي أن يؤكد في آخر مجموعته على قناعته الأولى، بأن الحرب لا تمنح الفرصة لشيء بأن يكتمل، فهي التي تسرق كل شيء من جميل حتى الكذبات الوردية "في الحرب لا نص يجبُ أن يكتمل/ كل لوحاتنا ناقصة/ والألوانُ لا تكفي/ لنرسمَ كذباتنا الجميلةِ/ ونلونَ أحلامنا الضائعة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"ظل الريح".. حكاية المدينة مدفونة في مقبرة كتب

نبيل الملحم: الكتابة فعل أقرب إلى الاستحمام