24-مايو-2018

عايد علقم: إذا فرقتنا السياسة، فإن الفن يمكن أن يوحدنا (ألترا صوت)

قبل دخول شهر رمضان، كانت كل المؤشرات تفيد بأن عملًا واحدًا يمكن أن "يشذ عن القاعدة"، ويتحلى بالشجاعة ويتخذ من القضية الفلسطينية محورًا لأحداثه. وهنا تبادرت الكثير من الأسئلة للذهن، على رأسها: هل سيجد هذا المسلسل طريقه للعرض؟

تتعرض الأعمال الفنية، الدرامية منها تحديدًا، التي تتحدث عن القضية الفلسطينية، للعديد من التضييقات في سوق الدراما العربية

وبالفعل، ومع مرور الأيام، وبداية سوق عكاظ الرمضاني، لم نجد للمسلسل أي أثر، ومن هذا المنطلق توجهنا للمخرج الأردني المعروف عايد علقم، كي يضعنا في الصورة، ويتحدث إليها عن مسلسله "رمل الذاكرة"، وسر غيابه في رمضان، وما يعترض المبدعين العرب التواقين لطرح أعمال عن فلسطين، وغير ذلك من التفاصيل في الحوار التالي:

  • هل انتهيت من تصوير عملك الجديد "رمل الذاكرة"؟

لا لم ننته، تم تأجيل العمل بعد رمضان هذه السنة، وذلك لأسباب لها علاقة بالقناة التي تم الاتفاق معها، حيث إننا نتجه الآن لإنتاجه مع شركة سورية معروفة.

اقرأ/ي أيضًا: القضية الفلسطينية في السينما المصرية.. سؤال التطبيع والالتزام

  • كيف واجهتم عقبة التسويق التي تواجه أي عمل يتخذ من القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا لأحداثه؟

إن الأعمال التي تتحدث عن القضية الفلسطينية يتم التوقف عندها، وكأن بعض القنوات الفضائية لا تريد أن تتحدث عن هذا المحور الأساسي، وهو محور يخص العرب كافة، لأن فلسطين هي قضية كل العرب. وتتدخل السياسات أحيانًا في عرض أي عمل فني، وكما تلاحظ في شهر رمضان بالذات لا وجود لأي عمل فني على شاشاتنا العربية يتحدث عن القضية الفلسطينية أو مسلسل يتحدث عن تاريخ فلسطين بشكل درامي.

كتبت نصًا تلفزيونيًا شبيه بـ"باب الحارة"، المسلسل السوري المعروف، تحت عنوان "باب العامود" يتحدث عن أهل فلسطين في الثلاثينات، ومقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار البريطاني، لأنه يُساعد اليهود في الاستيطان مع الاتجاه إلى الجانب الاجتماعي والعادات والتقاليد. وكيف أن هذا الشعب كان يعيش حياة مستقرة، وكيف واجه الاستعمار والمحتل، مع شباب وقفوا صفًا واحدًا وإلى جانب بعضهم البعض يقأومون الاستعمار. لكن للأسف، هذا النص تم رفضه من عدة جهات مُنتجة، سواءً إنتاجًا شخصيًا أو قنوات فضائية.

  • ألم يشكل هذا الموضوع هاجسًا لكم قبل خوض هذه التجربة؟ أم أنكم تلقيتم ضمانات بتسويقه؟

مسلسل رمل الذاكرة لا يتحدث في مجمله عن قضية فلسطين، لهذا السبب نحن عازمون على إنتاجه. الجزء الأول فقط يتحدث عن ثوار عرب جاؤوا من مصر والأردن وسوريا ملتحقين بالثورة لمجابهة المحتل، وذلك يستمر في مشاهد عديدة ثم تنتهي مع اختفاء صلاح الثائر المصري، ويبدأ صراع آخر مع الأحفاد في وقتنا الحاضر، ما بين مصر والأردن في قصة اجتماعية بعيدًا عن القضية الفلسطينية

  • ألا تزعجك المقارنات التي يعقدها الجمهور والمشاهد مع مسلسل "التغريبة الفلسطينية"؟ وما الذي يميز "رمل الذاكرة" عنه؟

التغريبة الفلسطينية أحداثها بعيدة عن أحداث رمل الذاكرة. التغريبة تتحدث عن تاريخ النكبة الفلسطينية التي حدثت في عام 1948، بينما هذا المسلسل "رمل الذاكرة" يتحدث عن فترة قصيرة كما ذكرت في إجابتي السابقة، وقلت إن هناك فترة قصيرة لعب الثوار فيها دورًا أساسيًا وبارزًا ضد المحتل، وسرعان ما انتهت الأحداث نذهب إلى قصة اجتماعية مشوقة هادفة ولها أبعاد مهمة في حياتنا.

  • كيف تجاوَب الفنانون العرب المشاركين في المسلسل مع الفكرة في البداية؟ وهل واجهتك صعوبات في اختيارهم؟

بالطبع تجاوب كل الفنانين المشاركين في العمل سواء من مصر أو الأردن أو سوريا أو لبنان أو فلسطين. وبالطبع السيناريو مكتوب مع حوار شدّهم إلى درجة الإعجاب، وخاصة الفنانين المصريين، لأن المحور الاساسي في هذا العمل، هو صلاح المصري، الذي ترك مصر والتحق بالثورة ونال الشهادة، وظهر أحفاده للبحث عن جثته في الأردن، لأنه اختفى مع صندوق ذهب في أحداث غامضة، لنكتشف أن جثته تم العثور عليها في مزرعة بالأردن ولم تتحلل.

عايد علقم: لقد أصبح المنتج الدعائي هو المتحكم في الدراما العربية، الإعلانات التي ترعى المسلسلات هي صاحبة القرار

 ونُبرز هنا أن مصر هي أساس العروبة والتحدي ومواجهة المحتل الإسرائيلي، وأن التاريخ يشهد على ذلك. إلى جانب الثوار السوريين أيضًا الذين التحقوا بالثورة الفلسطينية، وكان لهم دور بارز في التصدي والمواجهة والمساعدة.

اقرأ/ي أيضًا: هل خيبت الدراما العربية أملك؟ إليك 6 مسلسلات أجنبية لرمضان

  • ما رأيك في الخلطة  الدارجة اليوم بين شركات الإنتاج التي تدعي طرح دراما عربية مشتركة من خلال الاعتماد على فنان سوري وفنانة لبنانية ومعهم فنان مصري؟ ألا يقلل هذا النوع من فرص الأعمال الجادة التي تناقش الهموم العربية؟

أصبحت شركات الإنتاج الآن تبحث عن وجوه ساهمت بعض المحطات الفضائية في انتشارها ونجوميتها سواء كان الممثل سوريًا أو لبنانيًا أو مصريًا أو أردنيًا أو حتى خليجيًا، من أجل تسويق عملهم على محطات تلفزيونية، فالمحطة لا تنظر إلى سوية العمل الدرامي ولا إلى التكاليف الإنتاجية الباهظة، إنما تنظر إلى من في العمل من نجوم، حتى لو كان نجمًا واحدًا وباقي الممثلين غير معروفين، ذلك لا يهم أبدًا. وكل ذلك من أجل حصول القنوات الفضائية على "رعاية" هذا العمل.

لقد أصبح المنتج الدعائي هو المتحكم بالدراما العربية. منتجات وصناعات عربية تظهر على الشاشات العربية في المسلسل كرعاية، هي صاحبة القرار، وهناك منتجات وصناعات عربية كثيرة أنت تعرفها تمامًا، لا نريد ذكرها، هي التي تتحكم في المنجز التلفزيوني الدرامي حتى لو كان المسلسل "تافهًا"، المهم هناك نجم وتم شراء هذا العمل ومن ثم حصل هذا العمل على أكثر من رعاية تتجاوز الملايين من وراء هذا النجم. للأسف تدار الأمور بهذا الشكل.

أما بالنسبة  إلى الخلطة في مسلسل رمل الذاكرة، فكل الشخوص في مكانهم سواء السوري أو اللبناني أو الأردني أو المصري أو الفلسطيني، لم نتفق مع ممثلين من دول عربية من أجل خلطة عربية لتسويق العمل، إنما العمل يتحدث عن تاريخ حدث في فلسطين والأردن، فكانت عناصره من عدة دول واستمر ذلك حتى الجزء الثاني، لأن القصة أبطالها عناصر عربية من دول وقفت إلى جانب الثورة الفلسطينية.

  •  يتناول المسلسل مرحلتين: الأولى قبل وبعد نكبة 1948، والثانية تخص الواقع الحالي، من خلال ارتباط الأبناء والأحفاد بتضحيات أجدادهم وآبائهم. كيف تعاملت مع أحداث الظرفية الآنية في ظل ما تكابده القضية الفلسطينية اليوم من خذلان؟

نعم المرحلة الأولى هي صراع الثوار العرب مع المحتل، وهروب صلاح المصري بصندوق ذهب لمساندة الثوار، ثم اختفاؤه. وتأتي المرحلة الثانية البحث عن هذا الجد الذي ضحى بنفسه من أجل فلسطين ومساندة الثوار العرب، وتتلخص أحداث المرحلة الثانية في أن الذاكرة العربية مطبوع فيها أن هناك إرثًا حقيقيًا ليس الصندوق المليء بالذهب، وهو ما يتم البحث عنه. إنما ذهبت القصة في اتجاهين، هما كنز تحت الارض، ولكن هو كنز آخر مدفون تحت الأرض يأتي الأحفاد من مصر بالتعاون مع أقربائهم في الأردن للبحث عن صندوق بنظرهم هو كنز مدفون، لكن نظرة أخرى هو كنزنا الحقيقي في هذه الأرض.

أمّا الاتجاه الآخر، فهو ليس بحثًا عن الجد الذي هو كنز حقيقي وإنما البحث وراء المصالح الشخصية، والجاه والمال ونسيان الأرض والقضية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها كل عربي. لكن ما يميز العمل أننا سنرى من خلاله وحدة الدم ما بين المصري والأردني والسوري والفلسطيني والمسيحي والمسلم، وهناك خط آخر يأتي ضمن سياق مواز للأحداث وهو الإرهاب.

إننا في هذا العمل نقول إذا السياسة فرقتنا كعرب، فإن الفن يمكن أن يوحدنا. نتوحد في الفن لنجمع قيمةً وهدفًا ساميًا في عمل تلفزيوني، لأننا نحن كعرب نحمل نفس الهم. 

عايلد علقم: الفن يمكن أن يوحد الشعوب العربية حين يجتمع ممثلون من جنسيات عربية مختلفة في عمل فني واحد

وأكون سعيدًا عندما نجتمع في مهرجان مسرحي على أرض عربية نرى فنانين من جنسيات مختلفة في المهرجانات، بعيدين عن الخلافات السياسية. كرة القدم توحد العرب بل وحدت الشعوب أيضًا، وكذلك الفن يمكن أن يوحد الشعوب حين يجتمع العرب في عمل واحد ويتم التصوير على أرض مصرية أو أردنية أو سورية أو فلسطينية أو لبنانية، أو في بلاد المغرب، أو أي قُطر عربي، وإشراك ممثلين من جنسيات مختلفة على ملعب أو ساحة عربية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحرير الأسدي.. ميراث خشبة مسرح الإغريق

 عبدالله بهلول.. أن تمارس المسرح وتدرسه