26-أكتوبر-2017

أصدر العاهل المغربي قرارًا بإقالة وزراء في حكومة سعد الدين العثماني (ستيفان دي ساكوتين/ أ.ف.ب)

في اليوم الذي شهد أول جلسة محاكمة علنية لعدد من قيادات حراك الريف بالمغرب، بينهم ناصر الزفزافي، أعلن الديوان الملكي المغربي إعفاء عدد من الوزارء والمسؤولين البارزين في حكومة سعدالدين العثماني، على خلفية "تقصيرهم" في إنجاز مشاريع حكومية في مدينة الحسيمة، التي تشهد منذ شهور احتجاجات شعبية هي الأكبر من نوعها في المغرب منذ سنوات.

أقال الملك المغربي عددًا من وزراء حكومة سعد الدين العثماني، في نفس اليوم الذي شهد أول محاكمة علنية لعدد من قيادات حراك الريف

واعتبرت وسائل إعلام أنّ تلك الإقالات تمثل بدء تنفيذ العاهل المغرب لـ"الزلزال السياسي"، التعبير الذي استخدمه الملك محمد السادس في خطاب افتتاحه الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان المغربي.

اقرأ/ي أيضًا: ترقب وحذر من "زلزال سياسي" وعد به ملك المغرب

وتأتي هذه الإقالات بعد أن استقبل العاهل المغربي، الثلاثاء الماضي، في القصر الملكي بالعاصمة الرباط، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، والذي رفع تقريرًا حول برنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، بحضور كل من رئيس الحكومة، ووزيري الداخلية والاقتصاد والمالية. وتضمن التقرير نتائج وخلاصات المجلس الأعلى للحسابات حول المشروع المذكور، والذي يبدو أنه قد شهد قصورًا في تنفيذه سواءً من الوزارات المعنية أو من قبل السلطات المحلية للحسيمة.

وقال التقرير، إن عددًا من القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، لم تف بالتزاماتها في إنجاز المشروع، مُضيفًا أن التي قدمتها هذه القطاعات والمؤسسات "لا تبرر التأخر الذي عرفه تنفيذ هذا البرنامج" الذي يهدف لإحداث تنمية في مدينة الحسيمة.

المثير للاهتمام، أن قرار الديوان الملكي، تضمن رفضًا لإسناد أية مهام مستقبلية لخمسة وزراء سابقين، ليسوا طرفًا في الحكومة الحالية، وهم رشيد بلمختار ولحسن حداد ولحسن السكوري ومحمد أمين الصبيحي وحكيمة الحيطي.

وتضمن القرار كذلك اتخاذ تدابير في حق 14 مسؤولًا إداريًا. وقد أشار الديوان في بلاغه إلى أن عدة قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية، "لم تف بالتزاماتها في إنجاز المشاريع، وتهربت من مسؤولياتها".

هذا ويُشار إلى أنّ الوزراء المقالين بالقرار الملكي، لا ينتمون لحزب العدالة والتنمية، وإنما لحزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية. ويرى نبيل آيت منصور، الباحث في العلوم السياسية، أن أمام رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، أن يُعوّض الوزراء الأربعة بآخرين من نفس الحزبين، لكن "يُشترط أن يُعبّر الحزبان عن رغبتيهما في الاستمرار بالحكومة"، لكن في حال رغب العثماني في إجراء تعديلٍ حكومي مُوسّع، من المحتمل دخول حزب الاستقلال إلى الحكومة، وفقًا لمنصور.

الصلاحيات الدستورية للعاهل المغربي تعطيه الحق في إصدار قرار بالعفو عن معتقلي حراك الريف، وهو ما لم يحدث!

سلطة ملكية مطلقة

وعلى ما يبدو، يأتي القرار الملكي الأخير، ومن قبله خطابه الذي افتتح به الدورة التشريعية الجديدة في البرلمان المغربي؛ في إطار محاولاته لإعادة فرض سلطته المطلقة على المشهد السياسي في البلاد، باستغلال أزمة حراك الريف لكسب تأييد شعبي من قبل ساكنة الحسيمة.

اقرأ/ي أيضًا: حراك الريف.. انتهاكات الأمن مستمرة بتعذيب المعتقلين داخل السجون

ويتضح ذلك من تفاعل حضور محاكمة عددٍ من قادة حراك الريف، إذ اهتزت جنبات القاعة 7 بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، بالهتاف للملك، بعد الإعلان عن قرار الإعفال للوزراء الذين قيل إنهم مسؤولون عن تأخر تنفيذ مشاريع تنمية الحسيمة. فيما قررت المحكمة تأجيل قضية الزفزافي ومن معه من المعتقلين إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

كما أنّ هذه الإقالات من قبل الملك لوزراء في حكومة سعد الدين العثماني التي عرفت منذ تشكيلها انتقادات واسعة في المغرب ومن الملك نفسه؛ تأتي رغم تجاهل العاهل المغربي للانتهاكا الحقوقية التي مورست بحق نشطاء حراك الريف، بل إشادته بتعامل وزارة الداخلية مع الحراك، رغم أنّه تعامل أدانته العديد من المنظمات الحقوقية، بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان التابع للدولة؛ بوصفه جنح إلى استخدام العنف المفرط، ثم التعذيب أثناء استجواب النشطاء المعتقلين.

ورغم أنّ الصلاحيات الدستورية للعاهل المغربي، تعطيه الحق في إصدار قرار بالعفو عن معتقلي حراك الريف، إلا أنّ قرار إقالة الوزراء لم يصحبه قرار مماثل بالعفو، ولا يزال نشطاء حراك الريف قيد الاعتقال، وهو ما يُعزز من الرأي القائل بأنّ "الزلزال السياسي" الذي تحدث عنه الملك، يعني "مزيدًا من التحكم في الحياة الحزبية وإضعاف المؤسسات وتتفيه نتائج الانتخابات".

وفي نفس السياق، قال مصطفى الشناوي، عضو فيدرالية اليسار الديمقراطي، في تدوينة على فيسبوك، إن "إطلاق سراح المعتقلين هو التنزيل الحقيقي للإعفاءات، حتى لا تكون مجرد ذر الرماد في العيون".

على ما يبدو، يأتي القرار الملكي بإقالة وزارء من الحكومة، في سياق محاولة التحكم المطلق للملك في المشهد السياسي المغربي

ويأتي القرار الأخير بإقالة عددٍ من وزراء حكومة سعد الدين العثماني، ومن قبله وعد الملك بـ"زلزال سياسي"، بعد الانتقاد شديد اللهجة الذي وجّهه محمد السادس للأحزاب السياسية في خطاب العرش.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حراك الريف في المغرب.. الملك يشيد بالشرطة رغم الانتهاكات!

هل سلطان ملك المغرب فوق كل السلطات؟