20-ديسمبر-2021

(Getty Images)

لم يكد يمر على الأردنيين أسبوع واحد خلال عام 2021 من دون أن تضج مجالسهم بحدث هام أو أكثر، فبات الأردني ينام على حدث ويستيقظ على آخر في سلسلة من وقائع وأخبار كان لبعضها ما بعده.

عام 2021 الذي بدأ على وقع قرار قضائي أبرم في اليوم الأخير من العام الأسبق يقضي بحل نقابة المعلمين، أكبر النقابات المهنية من حيث عدد المنتسبين إليها ومن حيث تأثيرهاشهد متتالية من أحداث ما بين شد وجذب. ناهيك عن أحداث أخرى بعضها جعل الأردن حديث الصحافة العالمية، وأثار البعض الآخر جدلا مجتمعيا كان له أثره على الأرض أحيانا.

في هذه المادة نتناول تفاصيل أبرز الأحداث والقضايا التي شغلت الساحة الأردنية في العام 2021 مرتبة وفق تسلسلها الزمني.


1. حادثة مستشفى السلط

استيقظت ست عائلات أردنية صباح يوم السبت، الثالث عشر من شهر آذار، مذعورة على نبأ وفاة أحباء لهم في مستشفى السلط الحكومي الجديد. فطوال حوالي ساعتين، انقطع الأكسجين عن غرف العزل والعناية الحثيثة والتوليد في المستشفى ليتسبب ذلك بوفاة عشر مرضى، ستة منهم توفوا أثناء انقطاع الأكسجين.

ما إن انتشر الخبر حتى تجمهر العشرات من الأهالي أمام المستشفى مرددين شعارات غاضبة، في حين طوقت قوات الأمن محيط المستشفى في محاولة لتهدئة المتجمهرين.

الملك زار المستشفى وطالب مديره، الدكتور عبد الرزاق الخشمان، بالاستقالة، كما أمر بتشكيل لجنة طبية عسكرية للوقوف على ملابسات الحادثة، في حين أعلن وزير الصحة آنذاك، نذير عبيدات، استقالته وأعلن رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، أن حكومته تتحمل المسؤولية كاملة، وتم إيقاف مدير صحة محافظة البلقاء.

في كلمة له أمام مجلس النواب في اليوم التالي للحادثة، قال وزير الداخلية المكلف بإدارة وزارة الصحة، مازن الفراية، إن الأكسجين انقطع عن المستشفى قرابة الساعتين، وهو ما نفى ضمنيا أخبارا أولية حول أن عطلا كهربائيا كان قد تسبب في الحادث. 

وأضاف أن الحكومة اتخذت إجراءات تحول دون تكرار الحادثة منها تثبيت عناصر من الدفاع المدني في كل مستشفيات البلاد لتفقد مخزون الأكسجين 3 مرات يوميا، إضافة إلى تثبيت عناصر من الدفاع المدني في الشركتين المزودتين بالأكسجين، كما أعلن عن إنشاء القوات المسلحة مصنعا لتزويد المستشفيات بالأكسجين.

في مطلع كانون الأول، حكمت محكمة صلح جزاء عمان على مدير مستشفى السلط السابق وأربعة من مساعديه، بالسجن ثلاث سنوات، بعد إدانتهم بـ"جنحة التسبب بالوفاة مكررة 10 مرات"، فيما برأت ثمانية متهمين آخرين. وقد أتت تعليقات الأردنيين على وسائل التواصل الاجتماعي معبرة عن تراكم الغضب جراء ما وصفوه بالفساد وسوء الإدارة "الخانق" حرفيًا، والذي يذهب ضحيته المواطنون. 

 

 

 

 

2. حادثة "الفتنة"

في الثالث من نيسان/أبريل تفاجأ الأردنيون بحركة غير معتادة لآليات الأجهزة الأمنية في بعض مناطق غرب عمان ليعلموا بعد ذلك عن "محاولة انقلاب فاشلة" اتهم بالانخراط فيها الأمير حمزة بن الحسين، شقيق العاهل الأردني، واختلطت حولها المعلومات وتضاربت، حتى بات الحدث على لسان جميع الأردنيين، وقبل أن ترشح بعض التفاصيل والمعلومات، من وسائل إعلام أجنبية ومن بيانات إعلامية لاحقة من وزارة الخارجية، ومن الديوان الملكي الهاشمي. 

ثمانية عشر شخصًا، من بينهم شخصيات بارزة، اعتقلوا على خلفية الحدث الذي صار حديث الصحافة العالمية، في حين نفت السلطات اعتقال الأمير حمزة أو إخضاعه للإقامة الجبرية وأكدت أنها طلبت منه "التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره"، وهو ما نفاه الأمير حمزة في تسجيل مصور أكد فيه خضوعه للإقامة الجبرية.

على الرغم من اعتقال ثمانية عشر شخصا في ذروة الحدث إلا أن السلطات أطلقت سراح ستة عشر منهم بناء على توجيهات ملكية بتحويل الملف الذي أطلق عليه لاحقا اسم "الفتنة" إلى القضاء.

وفي تموز/يوليو من العام نفسه حكمت محكمة أمن الدولة على كل من باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد بالحبس مدة خمسة عشر عاما بعد إدانتهما بتهمتي "التحري على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم في المملكة" و"القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة".

الحدث غير المسبوق كانت له تفاعلات واسعة في الساحة المحلية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، فتربع الوسمان "أين الأمير حمزة" و "كلنا الأمير حمزة" على قائمة الوسوم الأكثر تداولا طوال أيام.

 

 

 

 

       

3. جريمة قتل الطالبة رانيا العبادي

بات الأردنيون ليلة السادس عشر من شهر حزيران/يونيو على نبأ هز الرأي العام، إذ أعادت جريمة مقتل الطالبة رانيا العبادي على أيدي والدها وشقيقها بالضرب المبرح، إلى الواجهة نقاشا مهما عن العنف الأسري.

رانيا العبادي طالبة جامعية في السنة الأولى، متفوقة كما أكد زملاؤها على مواقع التواصل الاجتماعي، ضربها والدها وشقيقها ضربا مبرحا باستخدام سلك كهربائي طوال قرابة ساعة من دون انقطاع ما تسبب بمقتلها، وذلك بذريعة انخفاض علاماتها واحتمالية فقدانها منحة دراسية كانت تدرس على حسابها.

ألقت الأجهزة الأمنية  القبض على الأب ووجهت له تهمة القتل المقترن بالتعذيب، وقد اعترف أمام المدعي العام بأنه ضرب ابنته، حسب ما نقل موقع رؤيا الإخباري نقلا عن مصدر مقرب من التحقيق، إلا أنه نفى نيته قتلها وقال إنه حاول إسعافها عندما فقدت وعيها، إلا أن جيران العائلة نفوا ذلك وقالوا إنهم حاولوا إنقاذها بعدما سمعوا صراخها إلا أن الأب منعهم من التدخل، كما أن الضحية نقلت إلى المستشفى بعد أربع ساعات من وقوع الجريمة.

أكد تقرير الطب الشرعي أن الكدمات كانت تغطي 50% من جسد الضحية وأن الجثة لا توجد عليها إلا آثار الضرب المفضي إلى الموت، فيما أشار التقرير إلى أن سبب الوفاة هو نزيف داخلي تحت الجلد.

تصدر وسم "#رانيا_العبادي" منصات التواصل الاجتماعي وسط مطالبات بسن تشريعات تحمي المرأة وتغلظ العقوبات في مثل هذا النوع من الجرائم، خاصة وأن الضحية كانت تشكو من تعنيف والدها المستمر لها بسبب ضعف علاماتها.

سجل الأردن في الشهور الإحدى عشرة الأولى من عام 2021 مقتل ست عشرة امرأة في خمس عشرة جريمة أسرية، حسب بيان لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، كما أظهر التقرير الإحصائي الجنائي لعام 2020 أن النساء يشكلن 22.2% من مجموع المجني عليهم في جرائم القتل العمد والقصد.

 

 

 

 

 

 

4. أوراق باندورا

في مطلع شهر تشرين الأول، نشرت أكثر من مئة وأربعين مؤسسة إعلامية عالمية خلاصة دراستها لما يقارب 12 مليون مستند كان قد سرب لصالح الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في واشنطن، وكانت المستندات تكشف عن ثروات سرية وعمليات تهرب ضريبي وغسيل للأموال لشخصيات عالمية مرموقة.

أما ما شغل الأردنيين في هذا الخصوص فقد كان ورود اسم ملك الأردن ضمن الوثائق، التي تعد من أكبر تسريبات الوثائق المالية، إذ خلص التحقيق في بعض الوثائق إلى أنه يمتلك "سرا" عددا من العقارات في بريطانيا والولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها 106 مليون دولار.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي "وثائق باندورا" وما الذي تكشفه عن أساليب "الكبار" في إخفاء أموالهم؟

من ناحيته أصدر الديوان الملكي بيانًا أكد فيه عدم دقة ما ورد في التحقيقات، كما أشار إلى أنه "تم توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها."

كما نص البيان على أن "جلالة الملك يمتلك عددا من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد أو مخفي، ويستخدم جلالته بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة، ويتم إتاحة التفاصيل المتعلقة بهذه الممتلكات للجهات المعنية عند الإعداد للزيارات الرسمية أو الخاصة والتنسيق الأمني بخصوصها."

وأضاف البيان أن عدم الإعلان عن العقارات الخاصة بالملك يأتي من باب الخصوصية ولأغراض أمنية لا بقصد السرية أو الإخفاء، كما أن كلفة العقارات وتبعاتها المالية تغطى على نفقة الملك الخاصة. وقد فضّل الأردنيون عدم التعليق على الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي. 

5. اتفاقية الماء مقابل الطاقة

في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لوزير المياه والري المهندس محمد النجار مع وزيرة موارد الطاقة والمياه الإسرائيلية كارين الحرار ووزيرة التغير المناخي الإماراتية مريم المهيري أثناء ما قيل أنه توقيع لاتفاقية الماء مقابل الطاقة بتمويل إماراتي ورعاية أمريكية.

 

ينص اتفاق النوايا على إنشاء مشروع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لصالح دولة الاحتلال التي تقدم بالمقابل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة للأردن بشكل سنوي.

الصورة انتشرت بعيد ساعات قليلة من مقابلة أجريت مع وزير الدولة لشؤون الإعلام، فيصل الشبول، الذي نفى خلالها وجود أي مباحثات لتوقيع الاتفاقية، وأيضا بعد تصريحات للنائب موسى هنطش الذي نقل عن وزير المياه نفيه القاطع للمشاركة في أي مباحثات تخص الاتفاقية التي كانت أخبارها قد بدأت بالانتشار في وسائل الإعلام الإسرائيلية مطلع الشهر.

ما إن انتشرت صورة جلسة التوقيع حتى أصدرت وزارة المياه بيانا يؤكد أن ما تم التوقيع عليه هو مجرد اتفاق نوايا ودراسة جدوى لا اتفاقية، إلا أن ذلك لم يهدئ الشارع الأردني الذي دعا إلى التظاهر في وسط البلد في حين ظل الوسم "التطبيع خيانة" على قائمة الوسوم الأكثر تداولا في الأردن طوال أيام.

دوار الداخلية أيضا في وسط العاصمة عمّان شهد حراكًا عفويًا من قبل نشطاء عبروا عن رفضهم للاتفاقية، إلا أن قوات الأمن اعتقلت عددا منهم قبل أن تفرج عنهم بعد بضعة أيام.

في السياق ذاته، شهدت جلسة مناقشة الاتفاق في البرلمان في منتصف شهر كانون الأول جدلا ومشاحنات انتهت برفض ثلاثة وسبعين نائبا للاتفاقية وموافقة عشرة نواب عليها، في حين فضل ثمانية نواب البقاء على الحياد وغاب عن الجلسة تسعة وثلاثون نائبا، إلا أن رئيس مجلس النواب حول الاتفاقية إلى لجنة الزراعة والمياه.

 

 

 

 

 

6. فيلم "أميرة"

في الشهر الأخير من عام 2021 انطلقت حملة إلكترونية تدعو إلى سحب ترشيح فيلم أميرة ليمثل الأردن في جوائز الأوسكار.

تدور أحداث الفيلم حول  فتاة فلسطينية تدعى أميرة ولدت بعملية تلقيح مجهري بنطفة مهربة من والدها نوار السجين لدى الاحتلال، لكن العائلة تكتشف أن نوار عقيم وأن والد أميرة هو أحد السجانين الإسرائيليين.

الحملة التي بدأت بتصريح لهيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين بناء على  اعتراضات من أهالي أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال رزقوا بأطفال عن طريق النطف المهربة، ما لبث أن انتقل زخمها إلى الأوساط الشعبية شرقي النهر، فضجت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات لسحب الفيلم وإيقاف عرضه والاعتذار من أهالي الأسرى لما ينطوي عليه الفيلم من إساءة لقضية الأطفال المولودين للأسرى الفلسطينيين عبر النطف المهربة، أو ما اصطلح على تسميتهم بسفراء الحرية.

أما على الأرض، فنظمت عدة اعتصامات للمطالبة بسحب الفيلم ومحاسبة المسؤولين عن إنتاجه وترشيحه، ليخرج بعد ذلك نقيب الفنانين الأردنيين، حسين الخطيب، ويصرح برفض النقابة للفيلم وعزمها على اتخاذ إجراءات تأديبية ضد من شاركوا فيه من فنانين.

من ناحية أخرى، نفت وزارة الثقافة على لسان الأمين العام لها، هزاع البراري، علمها بالفيلم أو محتواه، في حين صرحت الهيئة الملكية للأفلام أن دورها ينحصر بالإعلان عن تقديم التسهيلات وفتح باب التقديم للأفلام للترشح لجوائز الأوسكار.

الحملة التي امتدت على مدار يومين انتهت أخيرا بإعلان محمد دياب، مخرج الفيلم، على حسابه على منصة فيسبوك وقف عرض الفيلم، وتبع ذلك إعلان الهيئة الملكية سحبها لترشيح الفيلم في جوائز الأوسكار.

 

 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني تستكمل مناقشة مشروع تعديل الدستور

تنديد واسع بترشيح فيلم "الأميرة" لتمثيل الأردن في الأوسكار

 

 

 

 

دلالات: