28-فبراير-2023
getty

أول انعكاسات الغزو على الرياضة كانت منع المنتخب الروسي من استكمال تصفيات كأس العالم (Getty)

أرخت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على جميع المجالات الحياتية في موسكو وكييف، وأثّرت بشكلٍ سلبي على الاقتصاد والمجتمع والحياة الثقافية والتربوية وما إلى ذلك، ودفعت الرياضة ثمنًا كبيرًا خلال الحرب. 

تسببت الحرب في إلغاء العديد من المسابقات والبطولات التي كان من المقرر إقامتها في البلدين وخاصةً في روسيا، كما تمّ استبعاد عدد من الفرق والرياضيين الروس من المسابقات الرياضية

وتسببت الحرب في إلغاء العديد من المسابقات والبطولات التي كان من المقرر إقامتها في البلدين وخاصةً في روسيا، كما تمّ استبعاد عدد من الفرق والرياضيين الروس من المسابقات الرياضية تطبيقًا للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، في وقت أجبرت العديد من الفرق الأوكرانية على نقل مقراتها لمناطق في غرب البلاد، بعيدًا عن الجبهات غير الآمنة التي تستمر فيها الحرب.

ومع حلول الذكرى السنوية الأولى للهجوم الروسي على أوكرانيا، نستعرض في التقرير التالي أهم الآثار السلبية التي نجمت عن الحرب فيما يخص الرياضة بشكلٍ عام، وكرة القدم تحديدًا.

getty

روسيا خارج تصفيات المونديال 

احتلّ المنتخب الروسي لكرة القدم المركز الثاني في مجموعته ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال قطر 2022 وكان من المفترض أن يواجه المنتخب البولندي ضمن مباريات الملحق في شهر أيار/مايو الماضي، إلا أنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم" الفيفا" استبعد المنتخب الروسي من التصفيات، كذلك فعل الاتحاد الأوروبي "اليويفا" مع الأندية الروسية ومنعها من المشاركة في الدور الثاني من مسابقتي الدوري الأوروبي ودوري المؤتمرات. 

وبعد انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا، كذلك منع اليويفا الفرق الروسية من المشاركة في جميع المسابقات الأوروبية للعام 2022-2023، كما حرم منتخب كرة القدم الأول من اللعب بدوري الأمم الأوروبية في العام 2023، وانسحبت العقوبات على منتخبات وأندية السيدّات والفئات العمرية.

وفي سياق متصل، قامت الاتحادات الرياضية الدولية المختلفة بإلغاء معظم المسابقات الدولية التي كان من المفترض أن تُقام في روسيا عقابًا لها بسبب الحرب المندلعة، من بينها إلغاء جائزة سباق السيارات " الفورمولا وان " التي كان من المزمع عقدها في روسيا خلال شهر شباط/ فبراير من العام الماضي، كذلك مُنع الرياضيون من روسيا وبيلاروسيا من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لذوي الاحتياجات الخاصة، التي استضافتها بكين في العام 2022، وقد قال يومها رئيس اللجنة الدولية للمسابقة: "للحفاظ على نزاهة هذه الألعاب وسلامة جميع المشاركين، قررنا رفض مشاركات الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا".

getty

هل ستشارك روسيا بالأولمبياد القادمة؟  

شكل موضوع مشاركة روسيا في دورة الألعاب الأولمبية القادمة، موضوعًا للتراشق الكلامي، ويعود ذلك لأن اللجنة الأولمبية الدولية بدأت التفكير بالسماح لرياضيين من روسيا وبيلاروسيا بالمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي من المقرر أن تعقد في باريس صيف 2024.

والمقترح يدور حول اشتراط أن يلعب الرياضيين الروس، تحت راية العلم الأولمبي وليس علم بلدهم، لكن اللجنة تجد صعوبةً بإيجاد طريقة لإدراجهم بالتصفيات المؤهلّة إلى المسابقة.

والحديث عن احتمال إشراك الرياضيين الروس في الأولمبياد القادمة أغضب السلطات الأوكرانية، فاعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن "السماح لروسيا بالمشاركة بالدورة الأولمبية، هو بمثابة القول إن الإرهاب مقبول إلى حدّ ما". فيما قال مستشاره ميخايل بودرولياك، إن "اللّجنة الأولمبية في حال سمحت للروس بحضور الأولمبياد، فإنّها بذلك تروج للعنف، والقتل الجماعي والدمار، وأن تواجد روسيا في الأولمبياد سيمنحها منصّةً للترويج للإبادة الجماعية"، بحسب قوله.

getty

ويبدو أن تصريح الرئيس الأوكراني ومستشاره دفعا اللجنة إلى التراجع عن موقفها، خاصة بعد حديث عمدة باريس آن هيدالغو، الذي عبرت من خلاله عن أنه لا يجب السماح للوفد الروسي بحضور الأولمبياد، حال واصلت موسكو الحرب على أوكرانيا.

كذلك كان للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على الأوليغارشية الروسية تأثير على كرة القدم الأوروبية، حيث طالت هذه العقوبات نادي تشيلسي الإنجليزي ومالكه السابق رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، الذي يمكن وصفه بـ"صانع أمجاد الناس اللندني" والذي ترأسه لحوالي 20 عامًا، إذ اتّهم أنه جمع الأموال بطريقة غير شرعية، واستخدمها لشراء النادي في العام 2003، وقد عمد الملياردير الروسي إلى بيع كل أسهمه في النادي الربيع الماضي، لكي يجنّبه تداعيات أية عقوبات، بحسب ما أعلنه يومها.

وعلى ذكر المسابقات الأوروبية، فقد كان من المقرر أن تحتضن مدينة سان بطرسبرج الروسية نهائي دوري الأبطال في الموسم الماضي، لكن الاتحاد الأوروبي قرّر نقلها إلى باريس بعد أيام قليلة من انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا.

getty

تشظي الحياة الكروية في أوكرانيا 

في أوكرانيا تمّ إيقاف العدد الأكبر من الأنشطة الكروية بُعيد الهجوم الروسي، واضطّر عدد كبير من الأندية الرياضية إلى نقل مقارها والاتجاه نحو مناطق بعيدة نسبيًا عن جبهات القتال، كذلك رحل عدد كبير من نجوم كرة القدم وكرة السلة والرياضات الأخرى من أوكرانيا، واضطرت الفرق المشاركة في المسابقة الأوروبية إلى إكمال الموسم بدون عدد من لاعبيها الأجانب، كذلك التحق عدد كبير من الرياضيين بالجيش الأوكراني واشتركوا بالحرب الدائرة.

على صعيد مغادرة الرياضيين الأجانب، اشتهر نادي شاختار دونيتسك الأوكراني على سبيل المثال، بالتعاقد مع اللاعبين البرازيليين، وفي بعض مبارياته كان أكثر من نصف لاعبيه هم من راقصي السامبا، مستفيدًا من تمويل رجل الأعمال رينات أحمدوف، مالك مصانع الصلب الشهير في ماريوبول، اليوم وبعد اندلاع الحرب، غادر جلّ اللاعبين البرازيليين، وبات نادي شاختار يعتمد بشكلٍ أساسي على النجوم المحليين، الأمر نفسه ينطبق على منافسه الأول دينامو كييف فريق العاصمة.

وتوقّف الدوري الأوكراني لكرة القدم لمدة ناهزت السبعة أشهر، قبل أن يقرر الاتحاد الأوكراني استكماله في النصف الثاني من شهر آب/ أغسطس الماضي، في خطوة قال القيمون على الرياضة في أوكرانيا، إنها تهدف إلى إعادة شيء من الحياة الطبيعية المفقودة.

getty

وقد تزامنت عودة الدوري مع يوم الاستقلال الأوكراني الذي يصادف 24 من آب/ أغسطس حيث تحتفل أوكرانيا فيه باستقلالها عن الاتحاد السوفيتي الذي تحقق في العام 1991. وقد استكملت المباريات بدون جماهير ووفق معايير سلامة مرتفعة، وتم استخدام أجهزة إنذار وخطة طوارئ تمكّن اللاعبين من اللجوء إلى منشآت تحت الأرض في حال تعرّضت المنطقة لهجوم روسي. 

ومن أصل 18 فريقًا ينشط في الدوري الأوكراني، استكمل الدوري 16 منها، فيما أوقف ناديا ديسنا شيرينيف وماريابول أنشطتهما الرياضية بفعل الضرر الكبير الذي لحق بالمدينتين حيث يتواجد مقرّا الفريقين.

وعن الخسائر البشرية نتيجة الحرب، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اتصال هاتفي مع رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إن 184 رياضيًا أوكرانيًا لقوا حتفهم نتيجة للحرب الروسية على بلاده، وقد جاء كلام زيلينسكي في معرض حث اللجنة على عدم السماح بـ"التطبيع الرياضي مع روسيا"، فيما أكّد وزير الرياضة الأوكراني فاديم هوتسيت، أن أكثر من 220 رياضيًا ومدربًا قضوا خلال الحرب، وتمّ تدمير أكثر من 340 منشأة رياضية بشكلٍ جزئي أو كامل، بحسب ما نقلت وكالة رويترز.

وقد أشار هوتسيت في المقابلة نفسها، إلى أن بلاده ستقاطع دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، حال سمحت اللجنة لروسيا أو بيلاروسيا المشاركة بالدورة.

getty

عقوبات اقتصادية– رياضية

على إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا، أعلن عدد كبير من إدارات الأندية ونجوم الرياضة عن وقوفهم إلى جانب أوكرانيا ورفضهم الغزو الروسي، وقد تمّ اتخاذ إجراءات عملية لتجسيد هذا الموقف، فمثلًا انسحب نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي من عقد رعاية موقّع مع شركة إيرولفت، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران في روسيا.

أكّد وزير الرياضة الأوكراني فاديم هوتسيت، أن أكثر من 220 رياضيًا ومدربًا قضوا خلال الحرب، وتمّ تدمير أكثر من 340 منشأة رياضية بشكلٍ جزئي أو كامل

كذلك عمد نادي شالكه الناشط في الدوري الألماني لكرة القدم، إلى إلغاء عقده مع شركة غازبروم الروسية الراعية لقمصان النادي منذ عام 2007، وقد كان لها دور في إنقاذ من النادي من خطر الإفلاس أكثر من مرة، وقد استعاض النادي عن ذلك بعقد مع شركة فيفاوست المتخصّصة بشؤون الإسكان.