16-ديسمبر-2019

آل اتفاق السويد إلى مصير أثبت فشل المساعي الأممية في اليمن (Getty)

يوشك العام الخامس من الحرب اليمنية على الانتهاء، وما تزال عملية  السلام راكدة مكانها، حيث تواجه مفاوضات السلام في اليمن تعقيدات كبيرة أهمها الصراع الإقليمي بين طهران وواشنطن من جهة، وتقسم الصراع في البلاد حسب معايير مناطقية وطائفية وحزبية من جهة أخرى، ناهيك عن المطامع السعودية الإماراتية في موانئ اليمن وثرواته.

 مر عام على توقيع اتفاق السويد ولم يزل حبرًا على روق، بينما لم يتحقق منه سوى تلك النجاحات التي يتحدث عنها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في خطاباته

 مر عام على توقيع اتفاق السويد ولم يزل حبرًا على روق، بينما لم يتحقق منه سوى تلك النجاحات التي يتحدث عنها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في خطاباته، أما على الواقع فلم تتمكن الأمم المتحدة من حلحلة الملفات التي نص عليها الاتفاق في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة إماراتية وسعودية في اليمن.. صفقة "كارثية" على درب حرب لا نهاية لها

ملف الأسرى وملف الحديدة وأيضًا ملف فك الحصار عن مدينة تعز، بالإضافة إلى ملف فتح مطار صنعاء، هي الملفات التي ناقشها طرفا الصراع في استوكهولم، بحضور العديد من السفراء لدى اليمن، لكنها وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2018 يقضي بإطلاق الأسرى وإعادة الانتشار في الحديدة وفتح مطار صنعاء، ما زالت تتنقل من طاولة مفاوضات إلى أخرى، دون أي تقدم يذكر.

ملفات كثيرة ما زالت راكدة، على الرغم من التفاؤل الأممي بالوصول إلى حل نهائي للأزمة اليمنية على طاولة المفاوضات، فالمكابرات بين الأطراف المتصارعة وعدم تقديمها أي تنازلات، بالإضافة إلى أن الأمم المتحدة باتت محل شك بحقيقة رغبتها في إنهاء الصراع.

مارتن غريفيث، وفي كلمة له بمناسبة مرور عام على اتفاق السويد طالب من الأطراف اليمنية التخلي عن آمال النصر العسكري لتحقيق السلام في اليمن ومتابعة ما أسماه "النصر الكبير"، الذي يمكن تحقيقه من خلال المفاوضات.

مفاوضات لم تبرح مكانها منذ بدء الحرب في العام 2015 عدا أنه بعد كل جلسة مشاورات يزداد التصعيد الميداني.  

ملف الحديدة

إنجازات كثيرة حققها اتفاق "ستوكهولم" وفي مقدمتها أنه جنب مدينة الحديدة وموانئها هجومًا وشيكًا، بالإضافة إلى أنه حقق نتائج إيجابية في وقف إطلاق النار في المدينة ذاتها، بحسب حديث غيريفيث.

لكن الوضع في البوابة الغربية لليمن ما يزال يشهد مواجهات عنيفة بين الحين والآخر بين القوات المشتركة والحوثيين، ولم تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ انسحاب القوات المتقاتلة من المدينة وموانئها، وإعادة الانتشار على الرغم من تعاقب ثلاثة مراقبين دوليين على رئاسة اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ إعادة  الإنتشار. كل ما حققته اللجنة هو نشر خمس نقاط مراقبة في مناطق متفرقة من المدينة الساحلية لمراقبة وقف إطلاق النار.

ليس للأطراف اليمنية الذنب الأول في عرقلة تنفيذ اتفاق الحديدة، فالمنظمة الأممية لم تسم في بنود الاتفاق الطرف الذي سيتسلم الإشراف على موانئ الحديدة، وكل طرف ترجم البند لصالحه، فالاتفاق الذي سمح بدخول مراقبين أمميين إلى المدينة، لم يكن أكثر من خدعة وقع بها طرفا الصراع ونجاح زائف لغريفيث، زاد الوضع تعقيدًا بحسب ما يراه سياسيون يمنيون.

 الأسرى

كان من المقرر إطلاق خمسة عشر ألف أسير من الطرفين، لكن هذا الملف الإنساني البحت، هو الآخر بقي على حاله، باستثناء إطلاق عشرات الأسرى خلال الأشهر الماضية من الطرفين بوساطات قبلية، لكن الآلاف من الأسرى ما زالوا في السجون، وكانوا قد بنوا آمالهم على اتفاقٍ فاشل، ما يزال يراه غريفث بداية الحل في اليمن.

حتى غريفث ذاته، يشعر بخيبة أمل كبيرة بعد أن تعثر ملف الأسرى. ويقول: "خرجنا من اتفاق ستوكهولم بأمل كبير، أملٌ تلاشى بطرق عديدة، ولكن أحرزنا أيضًا بعض الإنجازات الكبيرة". إنجازات غريفث ينظر إليها الشارع اليمني بعين السخرية، فهي لم تتحقق على مدار الشهور الماضية، وأيضًا قد لا تتحقق على مدى أعوام قادمة، فالبلاد تحتاج إلى وقف شامل لإطلاق النار والضغط على كافة الأطراف لتشكيل حكومة مشتركة، ثم التركيز على الملفات الأخرى، حسب مراقبين.   

أظهر اتفاق السويد أيضًا أن الأطراف المتصارعة يمكن أن تتفق فعليًا على طريقة مختلفة للخروج من الأزمة، حسب حديث المبعوث الأممي. ربما يعد هذا النجاح الوحيد الذي اكتشفه غريفيث، لكن سكان اليمن الذين يتسابق الرصاص مع الفقر والأوبئة للفتك بهم، ما زالوا يتأملون أنه سيكون هناك حل سياسي، لكنهم  يائسون من أن يتحقق تحت إشراف الأمم المتحدة التي خذلتهم خلال الأعوام السابقة.

كان اليمنيون يتوقعون أن ينهي اتفاق السويد معاناتهم، ويضع حدًا للصراع الذي أدخل البلاد في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن تلك الآمال تبددت فلا الحرب توقفت ولا المنظمات التابعة للأمم المتحدة تمكنت من معالجة الأزمة الإنسانية.

اقرأ/ي أيضًا: مسرحية المساعدات السعودية لليمن.. أوقفوا القصف أولًا!

وبعد فشل اتفاق السويد يعلق غريفيث آماله على اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الانتقالي والحكومة الشرعية للحل الشامل في اليمن. بحسب حوار غريفيث مع موقع الأمم المتحدة، فإن "هناك مصلحة لدى كل من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي لتنفيذ الاتفاقية، ربما ليس في جميع جوانبها، ولكن بما فيه الكفاية للسماح لنا في الأمم المتحدة بالتوسط لإنهاء الصراع الشامل".

المبعوث الأممي حذر أيضًا من أن انهيار اتفاق الرياض سيكون ضربة مدمرة لليمن. هذه التحذيرات تتزامن مع محادثات حوثية سعودية بعيدًا عن أروقة الأمم المتحدة، يقول الحوثيون إنها لا ترقى إلى المفاوضات، لكنها ربما تكون بادرة أمل خصوصًا مع تقديم الطرفين تنازلات بسيطة جدًا، ربما تضع حدًا لمعاناة الإنسان اليمني وتخفف من آلامه.

كان اليمنيون يتوقعون أن ينهي اتفاق السويد معاناتهم، ويضع حدًا للصراع الذي أدخل البلاد في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن تلك الآمال تبددت

أيام قليلة على دخول العام السادس على الحرب في اليمن، والثاني على اتفاق استوكهولم، لكن ما رقعة الصراع في البلاد ما زالت تتوسع، ومعها تزداد حدة الأزمة الإنسانية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل ينجح المراقبون الأمميون في السيطرة على الوضع في الحديدة؟

آخر جرائم السعودية في اليمن.. تهجير قسري لأكثر من 121 ألف مدني من الحديدة