27-نوفمبر-2015

متظاهرة في الذكرى الرابعة للثورة 25/1/215

بعد الانقلاب العسكري بداية يوليو عام 2013، بدأت السلطة الجديدة في إدراك مفهوم القمع كما ينبغي أن يكون، فبدلًا من ترك مساحة ولو هامشية في المجال العام، بدأ النظام بخنق الشارع على من فيه، وإخماد كُل صوتٍ خارج سِرب تمجيد النظام ورموزه.

 خلال فترته، التي قاربت العام، أصدر عدلي منصور العديد من القوانين التي أثارت جدلًا واسعًا، حتى من داخل معسكر الثالث من يوليو

واقعيًا، تولّى رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور، رئاسة الجمهورية "مؤقتًا" لحين انتخاب رئيس للجمهورية، خلال فترته، التي قاربت العام، أصدر عدلي منصور العديد من القوانين التي أثارت جدلًا واسعًا، حتى من داخل معسكر الثالث من يوليو، أبرز تلك القوانين، هو قانون التظاهر، والذي يحمل رقم 107 لسنة 2013، وهو قانون ينظم الاجتماعات والتظاهرات السلمية المصرية، ويُلزم القانون منظمي المظاهرات بإبلاغ السلطات قبل ثلاثة أيام على الأقل من موعدها، ولوزير الداخلية أن يقرر منع المظاهرة إذا كانت تشكل "تهديدًا للأمن". وينص القانون على استخدام تدريجي للقوة يبدأ من التحذيرات الشفهية إلى إطلاق الرصاص المطاطي مرورًا بخراطيم المياه والهراوات والغاز المسيل للدموع، وصدر القانون في ظل عدم وجود برلمان للتشريع، ليواجه القانون رفض عدة كيانات سياسية منها حركة 6 أبريل وحركة تمرد وحركة كفاية، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين المعنية الأساسية بهذا القانون.

أبرز الانتقادات

 الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى، قال إن قانون التظاهر يحمل نصوصًا صريحة مخالفة للدستور، ومخالفة للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه مصر، ورغم تحفظ الكثير من المنظمات عليه، لم يتم الاستجابة للتحفظات، وصدر القانون محملًا بهذه النصوص المعيبة. ووصف مركز كارتر في مايو 2014 القانون بأنه يقيد بشدة التجمعات العامة بما في ذلك الحملات الانتخابية، وأوصى بالإلغاء الفوري للقانون وإطلاق سراح السجناء المحبوسين بمقتضاه.

وكانت دائرة الحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإداري قد أجازت في يونيو 2014 الطعن على قانون التظاهر أمام المحكمة الدستورية، نظرًا لوجود شبهة عدم توافق بين القانون والدستور، ليطعن المرشح الرئاسي السابق خالد علي في يونيو 2014 أمام المحكمة الدستورية العليا لإلغاء القانون بداعي مخالفته للدستور. إلا أنه لم يتم تحديد موعد للنظر في الطعن، حتى الآن.

أبرز القضايا

قضية مظاهرة محكمة عابدين والتي تم فيها الحكم على النشطاء أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل في ديسمبر 2013 بالسجن ثلاث سنوات، وتم تأييد الحكم في الاستئناف ثم في النقض، وهم في السجن منذ ديسمبر 2013.

قضية متظاهري الإسكندرية، والتي كانت تضم ماهينور المصري وستة من زملائها، وبينما قبلت المحكمة طعن ماهينور واكتفت بالمدة التي قضتها في الحبس لنحو ستة أشهر، فلقد أيدت محكمة الاستئناف حكم الحبس الصادر بحق ستة من زملائها، عمر حاذق، ولؤي قهوجي، حسن مصطفى، وموسى حسين، وناصر أبو الحمد، وإسلام محمدين، لمدة سنتين بتهمة التظاهر أمام محكمة الإسكندرية للمطالبة بمحاكمة عادلة لأمناء الشرطة المتهمين بقتل الشهيد خالد سعيد، ماهينور علّقت على حكم إخلاء سبيلها بالمسيّس، وتقبع الآن في السجن في قضية محاولة اقتحام قسم شرطة الرمل بالإسكندرية، وهي قضية من وقت حكم محمد مرسي. 

 قضية متظاهري الاتحادية، والتي تضم سبعة فتيات وستة عشر شابًا، بينهم سناء سيف ويارا سلام وآخرين، ألقي القبض عليهم في الحادي والعشرين من يونيو 2014، وصدر الحكم ضدهم من محكمة الاستئناف بخفض مدة السجن من ثلاثة أعوام إلى عامين، ليتم الإفراج عن أغلب المدانين في القضية بعفو رئاسي نهاية شهر سبتمبر الماضي.

الحكم الأكثر قسوة في قضايا التظاهر كان من نصيب قضية، مجلس الشورى، حيث أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالسجن خمس سنوات والغرامة مائة ألف جنيه والمراقبة خمس سنوات ضد الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وأحمد عبدالرحمن، وبالسجن ثلاث سنوات على أربعة وعشرين آخرين بتهمة التظاهر أمام مقر مجلس الشورى في نوفمبر 2013.

وكان المتهمون في القضية، قد طلبوا رد المستشار محمد الفقي، رئيس هيئة المحكمة، بسبب وجود خصومة مسبقة بينه وبين عبد الفتاح، حيث كان الأخير واحدًا ممن تظاهروا ضد الفقي سنة ٢٠٠٥ بعد ورود اسمه ضمن قائمة سوداء أعدتها نقابة المحامين تتهم فيها عددًا من القضاة بالضلوع في تزوير الانتخابات البرلمانية وقتها، إلا أن محكمة استئناف القاهرة رفضت طلب الرد.

أثر القانون على الحراك الشعبي

نضال المصري، يعرف نفسه بالناطق الرسمي باسم أولتراس نهضاوي، تحدث لـ "ألترا صوت" عن عدم إيمانه بالقانون من الأساس، وذلك لعدم اعترافهم بالنظام الحالي كونه جاء لسدة الحكم بانقلاب عسكري على سلطة شرعية منتخبة.

وعن كيفية تأثير القانون والأحكام على وجودهم في الشارع، أكد نضال أن القانون أثر على تواجدهم بشكل كبير، حيث زادت القبضة الأمنية عليهم فأصبح كل صاحب رأي معرضًا للاعتقال والقتل بسبب هذا القانون، وغيره من القوانين التي أقرتها سلطة عبدالفتاح السيسي.

فقد قُتل من أعضاء أولتراس نهضاوي أكثر من عشرة أفراد، وتعرض المئات للإصابات والاعتقالات وصدر بحق العديد منهم أحكامًا بقوة هذا القانون.

ويتابع المصري، أنه رغم كل هذا لم تستطع القبضة الأمنية الشديدة تكميم أفواهنا أو تشتيت شملنا، فى الوقت الذى يظن فيه هذا النظام -الطاغي- أنه قد أصبح المسيطر وأنه قد استطاع إنهاء الحراك أو استنزاف قوى الثورة، مازالنا قادرين على التحرك.

المطالبات بإلغاء القانون

 أكثر من 10 آلاف و800 معتقل على اعتبار أنهم كانوا يخططون لعمل تظاهرات أو قاموا بالتظاهر أو حرضوا على التظاهر

وطالبت ست عشرة منظمة حقوقية عبد الفتاح السيسي، في الذكرى الثانية لإقرار قانون التظاهر، بإلغاء العمل به، أو استخدام سلطة العفو عن العقوبة –المخولة له بموجب الدستور– في إصدار قرارات عفو فورية عن المحكوم عليهم بموجب القانون، في قضايا تتعلق بممارسة حق التظاهر والتجمع السلمي.

ودعوا في بيان لهم البرلمان المقبل إلى عدم الموافقة على قانون التظاهر، وأن يخوض مناقشات حول القواعد اللازمة لضمان الحق في التظاهر السلمي، وفقًا للدستور والمعايير الدولية، على أن تشارك منظمات حقوق الإنسان في تلك المناقشات.

وأعربوا عن عميق أسفهم إزاء ما يتعرض إليه عشرات الآلاف من الأبرياء من ملاحقات قضائية واحتجاز، سواء بسبب ممارستهم الحق في التظاهر والتجمع السلمي، أو بسبب تصادف وجودهم في محيط تظاهرة معينة.

مسؤول الملف المصري بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان أحمد مفرح، قال إنه طبقًا لما تم رصده عقب إقرار القانون وحتى منتصف العام الجاري، فقد تم تقديم أكثر من عشرة آلاف وثمانمائة معتقل على اعتبار أنهم كانوا يخططون لعمل تظاهرات أو قاموا بالتظاهر أو حرضوا على التظاهر، بالإضافة إلى تهم أخرى، لافتًا إلى أن عدد الفعاليات الاحتجاجية منذ بداية العمل بالقانون بلغ أكثر من ألفي تظاهرة احتجاجية.

وأكد أن قانون التظاهر يعتبر أبرز مظاهر عودة القمع، ويكرس للدولة البوليسية عقب الانقلاب العسكري، وهو بمثابة (الحصانة) للنظام القمعي في مصر، بعدما تم استخدامه كغطاء للتحركات الأمنية لقمع كل التظاهرات والاحتجاجات.

اقرأ/ي أيضًا: 

مأزق الاصطفاف في مصر

موسم ترويع الإعلام في مصر