23-مايو-2017

عاشور فنّي (فيسبوك)

تكاد لا تخلو جامعة جزائرية واحدة، من قسم لعلوم الإعلام والاتصال، يدرّس فيه عشرات الأساتذة، منهم من يحمل صفة "باحث"، مع ذلك من النّادر أن نجد كتبًا ودراساتٍ ومقالاتٍ وبحوثًا لهم، في القضايا المتّصلة بما يُدرّسونه، وبما يعتمل في الفضاء الجزائري من ظواهرَ وتحوّلات.

في كتابه، يفسر الباحث عاشور فنّي الانتقال من الصناعة الثقافية إلى الصناعة الإعلامية

ويُعدّ أستاذ اقتصاديات الإعلام، في جامعة الجزائر الثّالثة، عاشور فنّي، واحدًا من نخبة قليلة تداوم على البحث والنّشر، بعيدًا عن روح الاستعراض الإعلامي، بحيث يمكن أن نحصل من خلال كتاباته، على جملة من الإجابات المتعلّقة بالإعلام، في علاقته بالحقول الأخرى، مثل الثقافة والاقتصاد.

اقرأ/ي أيضًا: بيت للشّعر في الجزائر.. أيّ سؤال؟

من ذلك كتاب عاشور فني الجديد "من الصّناعات الثقافية إلى الصّناعات الإعلامية" (دار الوطن اليوم) الذي قارب فيه العوامل الموضوعية التي أدّت إلى انتقال السّياق العالمي الجديد، من الصّناعة الثقافية، بما هي صنع المحتوى الثقافي ونشره وتوزيعه واستهلاكه، في ظلّ النظام الرأسمالي السّائد، إلى الصناعة الإعلامية، بما هي ابتكار الوسائل والوسائط الكفيلة بتسويق هذا المحتوى.

[[{"fid":"73501","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":315,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

نشأت الصناعة الثقافية، بحسب الكتاب، مع تطبيق نظام الإنتاج الرأسمالي في حقول ثقافية محدّدة في القرن التاسع عشر مثل الكتاب والصّحافة، ثمّ ازدهرت أكثر في القرن العشرين مع الصناعة السينمائية والإذاعية والتلفزية والصناعات الفنية المختلفة. وفي النصف الثاني منه، لم يعد الأمر يقتصر على ذلك، بل تجاوزه إلى كلّ ما يتعلّق بأوقات الفراغ والتسلية، مثل الرياضة ومشاهدة البرامج والعروض المتنوّعة، ممّا ضاعف من اهتمام الباحثين، فتعدّدت المفاهيم والنظريات.

منها نظرية الصّناعات الثقافية التي تميّزت بأصالتها في طرح مسألة الثقافة والاتصال في المجتمع الحديث، حيث أخذت بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والتقنية، التي تجعل هذه الصناعات شطرًا من النشاط الاقتصادي والصناعي، وراعت خصوصيات هذه الصّناعة ضمن بقية الأنشطة الاقتصادية.

لم تتحول الجزائر إلى الصناعة الإعلامية بسبب وقوع الإعلام تحت النظام

أمّا صناعة وسائل الإعلام، التي خضع ظهورها لدوافع سياسية وصناعية واقتصادية، فقد تطوّر البحث فيها، امتدادًا للصناعات الثقافية، منذ نهاية سبعينات القرن العشرين من خلال العديد من الكتب والبحوث، ثمّ جمعت فيما بعد بين حقول الثقافة والإعلام والاتصال من منظور اقتصادي، ذلك أنها كانت تاريخيًا من بين أولى فروع الصناعات الثقافية التي مسّها التّصنيع.

اقرأ/ي أيضًا: المهرجان الوطني لمسرح الهواة.. خطوة في الصّحراء الجزائرية

يقوم المنطق الاقتصادي لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة على قيمة المنتوج الإعلامي وأسواق وسائلها، ولأنه من الصّعب فرض تسعيرة على المشاهد/ المستمع مباشرة، فقد تمّ اللجوء إلى المعلن، ممّا جعل ريتم التطور بطيئًا في هذا الباب، عكس مجال الاتصالات اللاسلكية، حيث يتحمّل المستهلك التسعيرة مباشرة.

من هنا، يرصد كتاب "من الصّناعات الثقافية إلى الصّناعات الإعلامية" التحوّلَ الحاصل في علاقة وسائل الإعلام بالمتلقي، حيث بات السّؤال "ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام؟"، عوضًا عن "ماذا تفعل وسائل الإعلام بالجمهور؟"، ويشير عاشور فنّي إلى أنه في الحالة الجزائرية تمّ إخضاع الإعلام للاتصال، من غير السّماح له بالتحول إلى المرحلة الصّناعية، بالنظر إلى بقاء هذا الحقل تحت الهيمنة المباشرة للنظام السّياسي القائم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

القصّة القصيرة في الجزائر.. في طريق العودة

توفيق بكّار.. رحيل عرّاب النقد التونسي