18-مارس-2025
مظاهرة سابقة لعائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة (منصة إكس)

مظاهرة سابقة لعائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة (منصة إكس)

صعّدت إسرائيل، فجر الثلاثاء، حربها المستمرة على قطاع غزة، بشن غارات جوية مكثفة، وسط غضب بين عائلات المحتجزين الإسرائيليين الذين اتهموا الحكومة بالتخلي عن ابناءها لتحقيق مكاسب سياسية.

وفي ظل هذه التطورات، اشتدت الاحتجاجات الداخلية، مع اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستخدام الحرب كوسيلة للبقاء في السلطة.

أكبر مخاوف العائلات والرهائن والمواطنين في إسرائيل قد تحقق، الحكومة الإسرائيلية اختارت التخلي عن الرهائن

عائلات المحتجزين: نتنياهو ضحى بأبنائنا 

وأصدر منتدى عائلات الرهائن والمفقودين بيانًا فور استئناف العدوان على غزة، جاء فيه: "أكبر مخاوف العائلات والرهائن والمواطنين في إسرائيل قد تحقق، الحكومة الإسرائيلية اختارت التخلي عن الرهائن". وأعرب المنتدى عن "الصدمة والغضب والرعب" مما وصفه بـ "التفكيك المتعمد للعملية التي كان يمكن أن تعيد أحبّاءنا من قبضة حماس".

وأضاف المنتدى أن "العودة إلى القتال قبل الإفراج عن آخر رهينة تعني عمليًا التضحية بـ 59 رهينة لا يزالون في غزة، وكان يمكن إعادتهم بالمفاوضات".  

واتهم الحكومة الإسرائيلية بالإصرار على استمرار الحرب دون أي اعتبار لمصير المحتجزين.

وفي خطوة تصعيدية، دعا المنتدى إلى تظاهرة أمام الكنيست في القدس، حيث احتشد المئات من أهالي المحتجزين، مطالبين بوقف القتال فورًا وإعطاء الأولوية لاستعادة الرهائن بدلًا من استغلالهم في حسابات سياسية.

أهالي المحتجزين يقودون احتجاجات ميدانية واسعة

إلى جانب الاحتجاجات في القدس، شهدت مناطق أخرى مظاهرات شعبية، أبرزها في نير عوز، حيث أعلنت إيناف زانغوكر، والدة المحتجز ماتان، أنها ستتوجه إلى المستوطنة الواقعة جنوب إسرائيل "لمنع عودة القتال بأجسادنا".

وكتبت في منشور على فيسبوك: "لن أسمح بأن يأتي ضابط استخبارات إلى بابي ليبلغني أن ماتان قد قُتل. يجب علينا إيقاف هذا الجنون"، مضيفة: "أدعو الجميع للانضمام إليّ في المستوطنات المحيطة بغزة، لنكوّن سلسلة بشرية لإنقاذ الرهائن وإنقاذ إسرائيل من هذه الحرب العبثية".

بدوره، أعرب شقيق المحتجز نمرود كوهين عن غضبه واستيائه من استئناف القتال، معتبرًا أن إسرائيل بهذا القرار تصدر حكمًا بالإعدام على المحتجزين. وأشار إلى أن الضغط العسكري الإسرائيلي كان مسؤولًا عن مقتل 41 محتجزًا سابقًا، متسائلًا عما سيتغير الآن مقارنة بما حدث من قبل؟  كما وصف الادعاءات بشأن انهيار المفاوضات بأنها محض أكاذيب، مؤكدًا أن إسرائيل هي من أجهضت الصفقة ودمرت فرص الإفراج عن المحتجزين.

وقالت أورا روبنشتاين، عمة أحد المحتجزين في غزة، إنها تشعر بقلق بالغ على سلامة ابن شقيقها بار كوبرشتاين في ظل استئناف إسرائيل لهجماتها العسكرية. ووجهت روبنشتاين انتقادات حادة لحكومة بنيامين نتنياهو، متهمة إياها بأنها "تعتبر الحفاظ على الائتلاف الحكومي أكثر أهمية من حياة المحتجزين."

من جهته، قال داني ميرن، والد المحتجز عُمري، لصحيفة "هآرتس": "كل الرهائن الذين عادوا قالوا إن أكبر مخاوفهم كانت القصف الإسرائيلي، لأنهم كانوا يشعرون به عن قرب. طالما أن ابني وآخرين لا يزالون هناك، فإن مخاوفنا لا حدود لها". وأشار إلى أن الحكومة لم تتواصل مع العائلات بعد استئناف القتال، مضيفًا: "يجب أن تُمنح المفاوضات مزيدًا من الوقت، الحل لن يكون عبر الحرب، فكل طلقة تُطلق تعني فقدان المزيد من الأرواح".

اتهامات لنتنياهو باستخدام الحرب لإنقاذ حكومته

لم تقتصر الانتقادات على أهالي الرهائن، بل امتدت إلى الأوساط السياسية، حيث اتهم رئيس حزب الديمقراطيين، يائير غولان، نتنياهو باستغلال الجنود والرهائن للبقاء في السلطة. وكتب على منصة إكس: "الجنود على الجبهات والرهائن في غزة مجرد بيادق في لعبة نتنياهو للبقاء في منصبه"، مضيفًا: "يجب أن نثور بغضب لإنقاذ الرهائن والجنود ودولة إسرائيل من قبضة هذا الرجل الفاسد والخطير".

من جهتها، قالت منظمة "إيما إيرا"، التي تضم أمهات الجنود الإسرائيليين، إن استئناف القتال بعد أقل من 24 ساعة من إعلان إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار يثير تساؤلات حول توقيت القرار. وأضافت في بيان لها: "لن نسمح لأبنائنا بأن يكونوا دروعًا بشرية لحكومة فقدت ثقة الشعب".

دعم يميني لاستئناف القتال

على النقيض، دافع زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، عن استئناف العمليات العسكرية، معتبرًا أنها خطوة "صحيحة"، ومبررة تمامًا". وقال عبر منصة إكس: "يجب أن ندمر حماس بالكامل، وإعادة الرهائن يجب أن تأتي عبر القوة العسكرية وليس المفاوضات".

وكان بن غفير قد استقال من الحكومة في كانون الثاني/يناير الماضي احتجاجًا على وقف إطلاق النار، مؤكدًا أنه سيعود إلى الحكومة فور استئناف القتال ضد حماس، وهو ما قد يحدث بالفعل.

أما وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، فقد صرح بأن استئناف الحرب لم يكن قرارًا مفاجئًا، بل كان مخططًا له منذ أسابيع، مضيفًا: "لقد قمنا بإعداد هذه المرحلة منذ تعيين رئيس الأركان الجديد، إيال زامير. وأضاف: "نحن الآن في مرحلة جديدة، ويجب أن يكون شكل العمليات العسكرية مختلفًا عن السابق".

تصاعد الاحتجاجات الداخلية ضد نتنياهو مع استئناف الحرب

مع عودة الحرب في غزة، يبدو أن حكومة نتنياهو تسعى إلى تحقيق مكاسب عسكرية، لكنها تواجه بتصعيد في الاحتجاجات الداخلية، خاصة إذا ارتفعت أعداد القتلى والجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين.

وما بين الاتهامات بالتلاعب بمصير الرهائن، والضغوط السياسية من المعارضة، اختار نتنياهو الاستمرار في الحرب وسط هذا الانقسام داخل إسرائيل.