08-فبراير-2017

طوني خليفة (فيسبوك)

تستعين المحطات التلفزيونية في لبنان ببرامج "التوك شو" المختلط لملء نقص ما في برامجها الأسبوعية. هل المجتمع اللبناني خصب إلى درجة الرفد المتواصل لهذه البرامج بكل غريب ومثير للجدل في آن، سؤال يُطرح إزاء هذا النوع من البرامج المستمرة منذ سنوات على كل المحطات ودون استثناء. ويُلخص التكرار ونبش الملفات الساخنة نفسها بين الحين والآخر الإجابة الثابتة عليه. والإعلامي طوني خليفة، المتخصص بهذا النوع من البرامج الهجينة التي تجمع في النقاش ما بين السياسي والديني والاجتماعي والفني.. يُجيد "مهارة" الظهور المتكرر تحت مسميات مختلفة ولكن بمضمون باهت ومستهلك يجهد لإعادة إنتاجه على طريقته دون أن يُقدّم للمادة التي يتم "الجدل" حولها أي جديد. مع أهمية الإشارة إلى براعته في صب الزيت على النار لتسخين المواضيع التي "بَردت" بفعل التقادم أو بعدها عن واجهة أولويات الناس.

عالج طوني خليفة موضوع الزواج المدني بطريقة مستخفة ومستعجلة وفيها أحكام مسبقة ونمطية مكرسة

موضوع "الزواج المدني"، المعضلة المحلية التي شهدت انفراجًا مؤقتًا منذ بضعة أعوام، عنوان غبّ الطلب لهذا النوع من البرامج التي تفقد دومًا مادتها "الطازجة" فإما تعيد صياغة الأفكار المنسوخة عن بعضها البعض أو تعود إلى الأرشيف لتنفض عنه الغبار. وطوني خليفة، الذي لم يخطُ في برنامجه "العين بالعين" خارج الدائرة المهنية التي أغلقها على نفسه قبل أعوام، استنفذ ربما مادة برنامجه الجديد فاستعان بـ "الزواج المدني" الذي يشكل مطلبًا نضاليًا قديمًا لشريحة كبيرة من اللبنانيين لإخراج البرنامج "الشحيح" من مأزقه.

اقرأ/ي أيضًا: فيسبوك في العراق.. على قياس العشيرة وأزلام الحكم

وبإعداد "روتيني" لحلقة حضَرها إلى رجال دين من الطائفتين الإسلامية والمسيحية، بولا يعقوبيان إعلامية مناصرة للزواج المدني وسبق أن تزوجت مدنيًا قبل عدة أعوام، وزير الداخلية السابق مروان شربل الذي ذلل معضلة الزواج مدنيًا في لبنان ووقع عددًا كبيرًا من عقود الزواج خلال توليه الوزارة قبل أربعة أعوام، وشاب شكّلت تجربته "المريرة" مؤخرًا مع رفض وزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق التوقيع على عقود الزواج المدنية نموذجًا عن العراقيل التي تقطع الطريق على إرادة الشباب في الحب والزواج في لبنان خارج قيود الطوائف، ما يُضطرهم أمام الأمر الواقع إلى السفر إلى الخارج لإتمام زواج مدني معترف به محليًا لأنه آتٍ من خلف الحدود".

الضيوف لم يزيدوا على النقاش الذي بدا كأنه امتلاء لفراغ الهواء وليس لعلاج القضية

سياق الحلقة، وعلى جري العادة عند بحث هذا الموضوع تحديدًا كان لعبة "شد حبال" بين تأييد ومعارضة، قبول ورفض مع بعض التكفير "الديني" الذي يجعل الموقف أكثر إثارة لـ "المتحسسين" من الحساسيات واستفزازًا للمتعافين منها. مع ذلك لم يأتِ خليفة في تخصيصه حلقة كاملة لموضوع "الزواج المدني" بأي جديد. معلوم أن ظروف المقبلين على قول "نعم" مدنية في لبنان ليست على ما يرام، ولكن "العين بالعين" لم يعرض واقعهم على سبيل إيجاد الحلول السريعة والمناسبة له. وهو لم يكلّف نفسه عناء سؤال المشنوق عن موقفه خصوصًا من الزيجات التي لم يوقع عليها فحُرم الأبناء من تسجيلهم في سجلات النفوس، ولم يُشر إن كان التواصل مع وزير الداخلية تمّ ولم يلقَ قبولًا.

خليفة لم يستضف على سبيل المثال لا الحصر خبيرًا قانونيًا "يُفتي" بطرق قانونية لمواجهة عواقب عدم التوقيع، أو ناشطين مدنيين للحديث عن تحركات مطلبية في هذا الخصوص. ما فعله طوني خليفة على مدى ساعة من الوقت في إدارته للنقاش غير قابل للاستنتاج في مضمونه كونه لم يصل إلى خلاصة ما مفيدة أم غير مفيدة، لكن في شكله هو مجرد ملء "هواء" بحلقة أخرى من "العين بالعين".. والناسخ أظلم. 

اقرأ/ي أيضًا:

هل صحافة بيروت في موت غير معلن؟

ديك "النهار".. حين يتقيأ عنصرية ضد السوريين