09-سبتمبر-2015

يضطر طلبة موريتانيا إلى السفر خارج أرض الوطن لإكمال المراحل العليا(Getty)

يؤدي النقص الحاصل في مؤسسات التعليم العالي بموريتانيا وندرة التخصصات التي يقبل عليها الشباب إلى لجوء الطلاب الموريتانيين إلى الدراسة خارج أرض الوطن. وتبعث الحكومة الموريتانية سنويًا مئات الطلاب المتفوقين في الباكالوريا/الثانوية العامة والإجازة للدراسة في الخارج، كما يسافر سنويًا أضعاف هذا العدد من الطلاب، على ميزانيتهم الخاصة، بحثًا عن التخصصات العلمية المختلفة أو لإكمال المراحل الدراسية العليا. 

وتعتمد موريتانيا بدرجة كبيرة على الكفاءات التي أكملت مراحلها التعليمية في الخارج، وسط انتقادات للحكومات المتعاقبة بعدم الاهتمام ببناء جامعات ومؤسسات تكوين عليا قادرة على سد الحاجة واحتواء الطلاب الموريتانيين.

وتعاني موريتانيا من شح كبير في مؤسسات التعليم العالي إذ تتبع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ثلاث جامعات فقط، اثنتان منها في نواكشوط وهي جامعة نواكشوط وجامعة العلوم والتكنولوجيا والطب، إضافة إلى جامعة العلوم الإسلامية في مدينة العيون بالشرق الموريتاني، وقد استحدثت في 2011 وتضم كلية للشريعة وكليات أخرى ناشئة.

توجد 3 جامعات حكومية فقط في موريتانيا

وظهرت خلال السنوات القليلة الماضية بموريتانيا خمس جامعات خاصة وفروع لجامعة دولية، إضافة إلى معاهد ومدارس عليا متخصصة لكن يبقى العدد محدودًا مقارنة بأعداد الطلبة الراغبين في مواصلة دراستهم إلى أعلى المستويات العلمية، إذ لا تتوفر دراسة الماجستير والدكتوراه في الجامعات الموريتانية إلا في حالات نادرة. وتعاني هذه الجامعات من محدودية التخصصات الموجودة بها مما يجعلها غير قادرة على احتواء كل طموحات الطلبة الجدد.

وينتقد بعض الاقتصاديين سياسة الحكومات الموريتانية القائمة على المنح الخارجية وإرسال طاقاتها الشابة للدراسة في الخارج، بدل تطوير وتعزيز مؤسسات التعليم العالي في البلاد، رغم الحديث عن "مساع رسمية لتحجيم المنح الطلابية وتوجيه عائداتها لتطوير المؤسسات المحلية"، لكنها لم تترجم بعد على أرض الواقع.

في المقابل، يعلق الباحث الاقتصادي ورئيس مركز المشورة للدراسات خالد ولد محمدن لـ"الترا صوت": "حجم التمويل المخصص للمنح لا يبني مؤسسات جديدة ولا يطور مؤسسات قائمة. بل على العكس فإن المؤسسات القائمة تنقصها الكفاءات في مجالات عديدة وهو ما يعني ضرورة إرسال طلبة إلى الخارج للتخصص فيها".

يقدر عدد الطلاب الموريتانيين في الخارج بحوالي عشرة آلاف طالب، وتمثل السنغال أبرز وجهاتهم، تليها المغرب وتونس والجزائر والسعودية والسودان وفرنسا وتركيا وألمانيا وإسبانيا ثم الأردن ومصر والصين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.

وحسب آخر لوائح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فقد بلغ عدد المؤهلين للمنح في العام الجامعي القادم2015/2016 إلى 194 منحة، من بينها 118 مقعدًا للمتفوقين في مرحلة الباكالوريا و76 للمتفوقين من مرحلة الإجازة.

ويقدر عضو الاتحاد الطلابي بالسنغال سابقًا مولاي ولد الشريف أحمد عدد الطلاب الموريتانيين في السنغال بحوالي 2700 طالب، فيما يقدر الأمين العام لاتحاد الطلبة والمتدربين الموريتانيين بالمغرب المرابط ولد أحمد عدد الطلاب الموريتانيين في المغرب بحوالي 2400 طالب، ويضيف لـ"الترا صوت": أن "العدد يزيد وينقص حسب الدفعات السنوية التي تتراوح ما بين 400 أو 600 طالب".

يقدر عدد الطلاب الموريتانيين في الخارج بحوالي عشرة آلاف طالب وتمثل السنغال أبرز وجهاتهم

أما الناشط في رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانين بتونس سيدي محمد عبد الله، فيقدر العدد بحوالي 1000 طالب موريتاني في جامعات تونس، وهو ما يقارب عدد الطلاب الموريتانيون في الجزائر  فيما يقدر العدد في أوروبا بالمئات.

وتتعدد أوجه المعاناة التي يعيشها الطلاب الموريتانيون في الخارج بما فيهم الطلاب المبعوثون رسميًا من طرف الدولة الموريتانية إذ لا تلتزم السفارات الموريتانية في الخارج باستقبالهم ولا بتوفير أماكن للإقامة أو مصاريف للسكن أو النقل كما لا تساعد الطلاب في إجراءات التسجيل إضافة إلى إشكالية تأخر صرف المنح. وهو ما يتسبب في احتجاجات واعتصامات عديدة كان آخرها اعتصام العام الجامعي الماضي في العاصمة التونسية، قبل أن تستدعي السفارة الشرطة التونسية للتدخل بحجة وجود إرهابيين بين الطلاب المعتصمين.

وزاد من معاناة الطلاب الموريتانيين خلال السنوات الأخيرة في المغرب، التي تعد إحدى أبرز وجهاتهم، تداعياتُ الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما انعكس في تعقد إجراءات التسجيل وخضوع ملفات التسجيل لمراحل طويلة، قبل أن يتم فرض رسوم جديدة تصل إلى 2000 درهم مغربي (حوالي 200 يورو).

وقد وضعت نقابات الطلاب الموريتانيين في الخارج على عاتقها منذ سنوات طويلة مسؤولية توفير حافلات لاستقبال ونقل أفواج الطلاب من المطارات إلى منازل تؤجرها لإقامتهم في عواصم الدول وفي المدن الرئيسية طيلة شهرين أو ثلاثة في انتظار إكمال إجراءات التسجيل. كما تعقد النقابات الطلابية في العاصمة نواكشوط صيف كل عام ملتقيات تقدم خلالها إرشادات وتوجيهات للطلبة الراغبين في السفر لإكمال الدراسة بالخارج.