07-سبتمبر-2015

الحرب طويلة لكن الأمل موجود(رؤوف ملطس/الأناضول)

هل نعود إلى زمن الثورة الجميل؟ عندما كان السوري مأخوذًا بالهتافات التونسية والمصرية والليبية واليمنية والبحرينية؟ هل نعود بحراك شبابي جديد، وتحت تأثير اللهب والأمل الذي يأتي من لبنان والعراق وفلسطين؟

إن المشاكل السياسية والاقتصادية المتراكمة في سوريا، بالإضافة إلى مشاكل الحرب والموت الجماعي، ليست أقل من مشاكل لبنان والعراق وفلسطين، كما لم تكن في السابق بأقل من مشاكل تونس ومصر وليبيا واليمن. كل البلدان العربية لها مسببات الاحتقان الخاصة بها، والتي تكون سببًا رئيسيًا لانطلاق أي حراك ثوري في المستقبل كما حدث ذلك في الماضي القريب. حسب المعلومات المتعلقة بالوضع في سوريا، وآخرها التقرير الذي قدمه ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى سوريا، والذي جاء فيه أن "لبلادنا الحصة الأكبر من الاحتقان". يمكننا إذًا أن نحلم بثورة شبابية جديدة.

بلغ الاحتقان عند طلبة الجامعات السورية في الوقت الحالي أضعاف ما كان عليه عام 2011

وقد بلغ عدد الضحايا في سوريا أكثر من 300 ألف شخص على أقل تقدير، استشهدوا أو قتلوا في الحرب ومنهم 10 آلاف طفل و200 ألف معتقل ومختطف على أقل تقدير وآلاف المفقودين الذي لا يعرف عنهم شيء و 12 مليون نازح في الداخل والمهجر. فلسوريا الحق إذًا في قول كلمتها في الشارع من جديد. وبما أن الأحلام مشروعة، فلنكمل الحلم إلى آخره.

اقرأ/ي أيضًا: طلبة الرقة في مواجهة "داعش"

خلال الأشهر الماضية وبعد انطلاق الحراكين العراقي واللبناني، حدثت مفاجأة لم تخطر في بال أحد. فقد جرت عدة تحركات متقاربة زمنيًا في المناطق التي تعتبر من ضمن نفوذ النظام السوري، أي "طرطوس واللاذقية". اعتصم المئات من أهالي اللاذقية الموالين للنظام ضد "التشبيح"، بعد قيام سليمان الأسد، إبن عم بشار الأسد، بقتل ضابط برتبة عميد وجرى اعتصام آخر من أجل الكهرباء في اللاذقية واعتصام ضد مكب للنفايات في طرطوس استمر عدة أيام.

وأخيرًا عرفت طرطوس اعتصامًا آخر من قبل أهالي الجنود والضباط الموالين للنظام والمحاصرين في مطار الكويرس العسكري في حلب وذلك احتجاجًا على قيام النظام بتركهم تحت الحصار الذي فرضه تنظيم "داعش". وسبق ذلك اعتصامات طلاب كلية العمارة في جامعة اللاذقية في حزيران/يونيو الماضي واعتصام عمال معمل اسمنت طرطوس واعتصام سائقي الجرارات الزراعية في طرطوس أوائل العام الحالي كما حدثت اعتصامات لسائقي السرافيس وأصحاب معامل البلوك والمزارعين في محافظة الحسكة وإضراب لموظفي المشافي في المناطق التي تقع تحت سيطرة الثوار في حلب.

كل هذه التحركات تحمل طابعًا يشبه الطابع الذي اتسمت به تظاهرات لبنان والعراق الأخيرة، منها الخدماتي ومنها السياسي ومنها الاجتماعي، كما إنها تبين هشاشة موالاة النظام وتعطي إشارات عن احتقان موجود ومتنامي عندهم.

اقرأ/ي أيضًا: جامعة اللاذقية.. سادية دكتاتور برتبة أستاذ

أي دور للطلبة في كل ذلك؟

من الممكن انطلاق حراك جامعي في إطار ثورة شبابية ثانية في سوريا وهذا يعتمد على نجاح الحراك في بلدان قريبة كفلسطين ولبنان والعراق

قبل سنوات، وعشية انطلاق الثورة الشبابية في سوريا عام 2011 كان طلبة الجامعات يرمون المحاضرات، ويقضون ساعات طويلة يومياً متسمرين أمام شاشات التلفاز ينتظرون بشوق وبفارغ الصبر انطلاق المظاهرات في سوريا، بسبب تراكم المشاكل السياسية والتعليمية التي تسبب بها النظام طوال عقود.

لقد بلغ الاحتقان عند طلبة الجامعات السورية في الوقت الحالي أضعاف ما كان عليه عام 2011 عندما انطلقت التظاهرات الطلابية الأولى أثناء الثورة، فكل القرارات والمراسيم الصادرة أخيرًا تقتص مما تبقى من حقوق الطلبة السوريين، من زيادة أجور التعليم العالي وإعادة هيكلة التعليم الهشة وانعدام الديمقراطية وملاحقة الطلاب تعسفًا وكيديًا، من قبل الأجهزة المختلفة وسيطرة المحسوبيات على الجامعات بحماية ضباط كبار وغير ذلك.

نستطيع وصف الوضع في الجامعات السورية بالقابل للانفجار، نتيجة التطور "السرطاني" لمظاهر القمع والمحسوبيات والتعسف. ومن الممكن انطلاق حراك جامعي في إطار ثورة شبابية ثانية في سوريا وهذا يعتمد على نجاح الصوت المقبل من بيروت وبغداد وفلسطين. صحيح أن الدم كثير، والحرب طويلة، لكن الأمل موجود.

اقرأ/ي أيضًا:

 سوريا..الفصل من الجامعة بتهم سياسية

 دكتاتورية قانون تنظيم الجامعات في سوريّا