طفرة الذكاء الاصطناعي: بين قلق المصرفيين وتفاؤل التقنيين
9 أكتوبر 2025
في وقت يتصاعد به الحماس العالمي تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأت مؤسسات مالية بارزة بدق ناقوس الخطر، محذّرة من احتمال تشكّل فقاعة استثمارية قد تهدد استقرار الأسواق العالمية.
وبينما تتسابق الشركات التقنية في بناء مراكز بيانات وتوقيع صفقات ضخمة، تتزايد المخاوف من أن هذا الاندفاع قد يكون مدفوعًا بتوقعات غير واقعية، تذكّرنا بفقاعة الإنترنت في مطلع الألفية.
وحسبما نقلت وكالة "أسوشيتد برس"، ففي تقرير صدر الأربعاء، حذّر بنك إنجلترا من أن أسعار أسهم التكنولوجيا، التي ارتفعت بفعل طفرة الذكاء الاصطناعي، قد تكون عرضة لانهيار مفاجئ. وأشار البنك إلى أن "خطر التصحيح الحاد في السوق قد ازداد"، في إشارة إلى احتمال تراجع مفاجئ في تقييمات الشركات التقنية.
بينما تتسابق الشركات التقنية في بناء مراكز بيانات وتوقيع صفقات ضخمة، تتزايد المخاوف من أن هذا الاندفاع قد يكون مدفوعًا بتوقعات غير واقعية
بعد ساعات فقط، انضمت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، إلى التحذيرات، مشيرة إلى أن "الظروف المالية قد تنقلب فجأة"، رغم أن ارتفاع أسعار الأسهم العالمية مدفوع بـ"تفاؤل بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز الإنتاجية".
آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "أوكسفورد إيكونوميكس"، أشار إلى أن هناك "أعراضًا محتملة" لفقاعة استثمارية، منها:
- النمو السريع في أسعار أسهم التكنولوجيا.
- استحواذ شركات التكنولوجيا على نحو 40% من مؤشر S&P 500.
- تقييمات سوقية "مبالغ فيها" مقارنة بالقيمة الحقيقية.
- تفاؤل مفرط بشأن التكنولوجيا، رغم الغموض الكبير حول نتائجها الفعلية.
وفي حين تتوقع بعض النماذج الاقتصادية أن تقود منتجات الذكاء الاصطناعي إلى تحولات اقتصادية تضاهي إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، يرى آخرون، مثل دارون أسيماوغلو من معهد ماساتسوشتس للتكنولوجيا، أن المكاسب ستكون "متواضعة"، لا تتجاوز 0.7% سنويًا على مدى عقد.
تقييمات ضخمة وصفقات متشابكة
رغم أن شركة OpenAI، المطورة لـ ChatGPT، لا تحقق أرباحًا، إلا أنها تُعد اليوم أغلى شركة ناشئة في العالم، بقيمة سوقية تبلغ 500 مليار دولار. وقد وقّعت مؤخرًا صفقات ضخمة مع Nvidia وAMD، إلى جانب اتفاقية بقيمة 300 مليار دولار مع Oracle لبناء مراكز بيانات مستقبلية.
بنك إنجلترا لم يذكر أسماء محددة، لكنه أشار إلى أن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي "ممتدة بشكل مفرط"، ومقارنة بمستويات فقاعة الإنترنت عام 2000، فإن الأسواق "معرّضة بشدة" لأي تراجع في التوقعات بشأن الذكاء الاصطناعي.
من بين المخاطر التي أشار إليها البنك: نقص الكهرباء أو البيانات أو الشرائح الإلكترونية، أو تغيّرات تقنية تقلل الحاجة للبنية التحتية الحالية.
بين الواقعية والتفاؤل
في مؤتمر تقني بإيطاليا، قلّل مؤسس أمازون، جيف بيزوس، من المخاوف، معتبرًا أن "الفقاعات الصناعية ليست سيئة بالضرورة"، مشبّهًا الوضع بفقاعة التكنولوجيا الحيوية في التسعينات التي أفرزت أدوية منقذة للحياة.
لكنه أقر بأن "الحماس المفرط" يؤدي إلى تمويل أفكار جيدة وسيئة على حد سواء، ما يصعّب على المستثمرين التمييز بينها.
من جانبه، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، خلال جولة في مركز بيانات بتكساس، إن "الاستثمارات الغبية" ستحدث، لكن على المدى الطويل، "نحن واثقون من أن هذه التكنولوجيا ستقود موجة جديدة من النمو الاقتصادي غير المسبوق".
وعود لم تتحقق بعد
الرئيس التنفيذي لـ Nvidia، جنسن هوانغ، أقر بأن OpenAI لا تملك المال الكافي لشراء شرائح شركته، لكنها "ستضطر إلى جمعه"، مشيرًا إلى أن الإيرادات "تنمو بشكل أُسّي".
هوانغ يرى أن الذكاء الاصطناعي انتقل من نماذج غير مربحة إلى أنظمة قادرة على "البحث قبل الإجابة"، واستخدام أدوات متعددة لإنتاج معلومات مفيدة.
لكن مع تراجع الضجيج الإعلامي، بدأت الشركات تتساءل عن جدوى الاستثمار في "وكلاء الذكاء الاصطناعي" الذين يُفترض أن يؤدوا مهامًا عملية مثل البرمجة وإدارة الملفات. المحللة سودها ماهيشواري من شركة Forrester كتبت: "كل فقاعة تنفجر في النهاية، وفي عام 2026، سيفقد الذكاء الاصطناعي بريقه، ويستبدل تاجه بخوذة عمل".