04-فبراير-2022

(Getty)

انشغل الرأي العام في لبنان يوم الخميس في الثالث من شباط /فبراير بخبر قيام أحد المجمعات التجارية الكبرى، بالطلب من أحد المطاعم الذي يشغل أحد الأقسام في المجمع، باستبدال إحدى الموظفات بسبب ارتدائها الحجاب، ما أشعل موجة ردود فعل على وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت برّر المجمع قراره بانه يرفض أن يحمل أي موظف في المجمع ما يرمز إلى انتمائه الديني، بينما أعلنت شركة الأطعمة التي تعمل لديها الموظفة وقوفها إلى جانبها، ومقاطعتها بالتالي المجمّع وإخلاء القسم.

في التفاصيل، نشرت إحدى الناشطات على صفحتها على انستغرام، خبرًا مفاده أن الشابة سمية حجازي التي تمتلك "ستاند" لبيع المأكولات اللبنانية في مجمع ABC المعروف، القائم في منطقة الاشرفية شرقي بيروت، قد طُردت من المجمع لأنها ترتدي الحجاب، وقد برّرت إدارة المجمع قرارها، في بيان نشرته، بانها تحترم جميع الديانات والمذاهب، وتتعامل معها على مبدأ المساواة، وهي لذلك تحافظ على عدم إبراز إي شعار ديني أو حزبي او سياسي لأي فئة انتمى.

متجر " فول هاوس " المالك للستاند الذي تشغله سمية حجازي، أكّد من خلال منشور على انستغرام، تأكيده على رفض جميع أشكال التمييز، وهو ما دفعه إلى مغادرة المجمّع وإقفال جميع الستاندات الخاصة به، بعد تلقيه طلب من إدارة ABC  بتغيير الموظفة، واستبدالها بأخرى غير محجبة.

وسم #قاطع_ABC يتصدّر المشهد في لبنان

فور انتشار الخبر أطلق ناشطون وحقوقيون لبنانيون وسمي #قاطع_ABC و#BoycottABC، ودعوا من خلالهما إلى مقاطعة المتجر، مؤكدين على حق احترام المعتقد والديانة، ورافضين اعتبار الحجاب من الأمور التي يحقّ للمجمعات والشركات طرد الموظفين بسببها، فيما دافع بعض المغردين عن قرار المجمع، معتبرين أنه يمتلك الحقّ في وضع القوانين التي يعتبرها مناسبة بالنسبة له وتتمشى مع سياساته.

في أبرز التعليقات في هذا المجال، اعتبر رجل الدين الشيعي جعفر فضل الله، نجل المرجع البارز الراحل  محمد حسين فضل الله، أن الحجاب بالنسبة للمسلمة ليس شعارًا دينيًا، بل واجب شرعي مرتبط بظهورها في الحيز العام، ولا فرق بين منعها وإلزامها بترك الصلاة. ورأى أن  ما جرى في بعض الأسواق التجارية هو اعتداء على نصف شعب لديه هذه الثقافة و #إسلاموفوبيا مستوردة وتخلف حضاري، داعيًا إلى مقاطعة التجار الذي لا يوافقون على توظيف المحجبات.

واعتبر الناشط عباس زهري أن الحل الأمثل في هذه الحالة هو مقاطعة ABC، والذهاب للتظاهر  داخله، معتبرًا أن حجة منع الشعارات الدينية في المجمعات تستهدف المحجبات حصرًا.

الناشطة علياء  رمال نشرت صورًا من داخل مجمع ABC  تظهر فيها شجرة الميلاد، وتوجهت إلى إدارة المجمع بالسؤال: " هل شجرة الميلاد هي ليست " أكسسوارًا " دينيًا بينما الحجاب هو كذلك؟ وأضافت " عليكم تحمل العواقب".

ضمن السياق نفسه، قالت الناشطة ريم سلوم إن سياسات ABC الداخلية تحظر جميع لعروض الدينية العامة، فهل شجرة الميلاد هي ليست عرضًا دينيًا، مضيفةً : " تقضي سياسات ABC الداخلية بمنع العروض الإسلامية فقط".

الناشط فؤاد خريس قال إنه فقط في لبنان لا يُسمح للمحجبات أن يبيعوا، لكن يُسمح لهم أن يشتروا، ودعا إلى مقاطعة متجر ABC الذي وصفه بـ " فخر العنصرية والتمييز حسب المعتقد "

من جهتها، نشرت المغردة جنى صورة تدعو إلى مقاطعة ABC بتهمة العنصرية، وانتهاك المواثيق الدولية التي تضمن حق المعتقد، وفقًا للمادة 18 من نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعلّقت بالقول : " يا للعار، أصبحنا في العام 2022، ولا زلنا نعاني من التمييز".

في المقابل استغربت المغردة مريم سلوم الضجة المثارة حول الموضوع، فمصرف لبنان، الجيش، ومعظم الشركات والوسائل الاعلاميّة لا توظف المحجبات، في المقابل المؤسسات الدينية الاسلاميّة لا توظف غير المحجبات، معتبرةً أن المؤسسات الخاصة لديها الحريّة بوضع قوانينها الخاصة.

غياب المساواة بين المواطنين انعكاس لعجز الدولة

ما جرى في متجر ABC  يعيد فتح النقاش في الفضاء العام اللبناني، حول الحريات وطريقة تطبيق القوانين، وقوانين العمل والمساواة بين المواطنين، انطلاقًا من حوادث حرمان المحجبات من الوظائف بسبب حجابهن، وصولًا إلى فرض بعض المؤسسات ذات التوجه السلامي على موظفاتها ارتداء الحجاب خلال العمل، مرورًا بالمسابح التي ترفض استقبال المحجبات، أو العاملات المنزليات في عنصرية فجّة ومباشرة، كل هذا والدولة اللبنانية عاجزة عن تطبيق قوانينها، وخلق جو يشعر فيه مواطنيها بالأمان والمساواة، بسبب غرقها في الفساد على كافة المستويات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لبنان.. "مرصد العنصرية" يرصد ما تغفله الدولة

"حضانة للبيض فقط".. لعنة التمييز العنصري في لبنان تطارد طفلًا سودانيًا