18-نوفمبر-2017

من المرجح أن تباع أسهم أرامكو بأسعار منخفضة (رويترز)

بعد طرح أرامكو للاكتتاب العام، تبدو الفكرة حاليًا وحسب تصريحات المختصين الأجانب، غير مفيدة للمملكة التي تجد صعوبات في إيجاد مهتمين بشراء أسهم مُعرضة للخطر، وإن وجدت فقد يكون ذلك بأسعار منخفضة. في هذا المقال، المترجم عن الرابط التالي، تفاصيل أكثر عن الموضوع.


انتشرت أخبار كثيرة قادمة من المملكة العربية السعودية والتي تحمل في طياتها الخوف والقلق في الأيام الماضية. وعلى الجانب الآخر، وصلت بعض الأخبار الضخمة وغير المتوقعة على الإطلاق من النرويج. حيث أعلن صندوق الاستثمار والثروة السيادية في النرويج، الذي تبلغ قيمته تريليون دولار، يوم الخميس الماضي، عن بيع نحو 35 مليار دولار من أسهم النفط والغاز، ويُشكل هذا الإعلان تحولًا كبيرًا على عدة مستويات، كذلك هو يؤثر بشكل كبير على المملكة العربية السعودية.

قد تكون فكرة الاكتتاب العام لشركة أرامكو غير مفيدة للمملكة العربية السعودية نظرًا لصعوبة إيجاد مهتمين بشراء أسهم مُعرضة للخطر لشركة نفط كبيرة

يمتد استثمار النرويج في النفط والغاز لعقودٍ طويلة، إذ أنتجت فى العام الماضي أقل من 3.9 مليون برميل من النفط المكافئ للوقود، وهو ما يُسهم فقط بخُمس اقتصادها. تبلغ قيمة شركة (ستات أويل ايه اس ايه)، وهي شركة محلية للنفط، 66 مليار دولار، ويمتلك صندوق التقاعد الحكومي -وهو صندوق منفصل عن صندوق الثروة السيادية الأكبر حجمًا- 70 في المائة منها. لذلك ربما تتساءل، لماذا تحتفظ أوسلو بمخزون يبلغ تريليون دولار من أسهم النفط في المقام الأول؟. على الجانب الآخر يبدو طبيعًا ومنطقيًا بالتأكيد سعي النرويج لتقليص أسهمها من النفط والغاز.

ولكن ما حدث يبدو أنه أكثر بكثير من مُجرد اهتمام خبراء التأمين النرويجيين بإدارة المخاطر السيادية. إذ جاءت الجملة الرئيسية في رسالة مدير الصندوق إلى وزير المالية النرويجي كالتالي: "إن الانخفاض الدائم في أسعار النفط والغاز ليس مجرد عبارة تنتشر فقط في أوسلو أو الرياض". والقياس الواضح هنا هو الاكتتاب العام المخطط له لشركة النفط السعودية، أو شركة أرامكو.

تمامًا مثل النرويجيين، يريد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة السعودية حاليًا، تقليص اعتماد بلاده على النفط. والمشكلة التي يواجهها هي أن المملكة كان يجب أن تتحرك في هذا الاتجاه منذ عقود، تمامًا مثل ما فعلت النرويج. وعلى الرغم من الاحتكاك المتواجد بين النرويج، التي تقع في أقصى الشمال، وروسيا، إلا أن دول الجوار حولها هم السويد وفنلندا - وليس إيران والعراق واليمن.

اقرأ/ي أيضًا:  حزمة أوامر العاهل السعودي.. خطة محمد بن سلمان للسيطرة على كل شيء

لا تتحدث الرياض عن الانخفاضات الدائمة في أسعار النفط، ولكن قراراتها وخطواتها تُشبه كثيرًا القرار الذي أخذته النرويج بصدد أسهم شركة أرامكو. ويهدف اقتراح النرويج الأخير إلى التأكيد فقط على أن فكرة الطلب على النفط تبلغ ذروتها في غُضُون عمر الأمير، والذي ربما يكون عقدًا أو عقدين.

ومن المحتمل أن فكرة الاكتتاب العام لشركة أرامكو غير مفيدة للمملكة العربية السعودية على الجانب الآخر. وتحدث الأمير عن أن قيمة شركة أرامكو تُقدر بـ 2 تريليون دولار، مع تعويم يبلغ 5 في المئة وهو ما يُكافئ صافي مبلغ 100 مليار دولار للخزانات المستنفدة في المملكة العربية السعودية. وهذا أمرٌ غير واقعي بالمرة؛ ولكن حتى لو القيمة 1 تريليون دولار، وهو ما يعني أن قيمة 50 مليار دولار مطروحة للاكتتاب العام مما يترك على البنوك المصرفية الحكومية عبء  إيجاد المشترين.

سيحتاج هؤلاء المشترين إلى جيوب عميقة جدًا -هذا وقد ألمح أحد المشترين المحتملين، وهو المستثمر الأكثر ثُقلًا من الجميع، أنه ربما لا يكون مهتمًا بشراء أسهم مُعرضة للخطر لشركة نفط كبيرة.

النهاية العميقة

تتمتع النرويج بأكبر تجمع ثروة سيادية في العالم، إذ تتربع على قمة أكبر 10 دول تهيمن عليها الصين والممالك العربية.

تتمتع النرويج بأكبر تجمع ثروة سيادية في العالم (بلومبورج)

تُثير الأخبار القادمة من النرويج سؤالًا مثيرًا للاهتمام حول من سيتقدم لشراء ما يمكن أن يكون أكبر اكتتاب عام في العالم، بل قد يكون الأكبر على الإطلاق من أي وقتٍ مضى. قد تُقرر صناديق الثروة السيادية الأخرى في الدول المحيطة بالمملكة العربية السعودية أن تتدخل. ولكن إذا استخلصوا أي درس من هؤلاء الخبراء في أوسلو، فهو أن أموال الخليج يجب أن تتنوع في استثماراتها بعيدًا عن النفط.

اقرأ/ي أيضًا:  النفط والبطالة: وجهان لدولة آل سعود

أرامكو قد تتجه إلى تجمعات أخرى من رأس المال، وخاصة في الصين، التي تُمثل واحدة من كُبريات الأسواق نموًا في مجال الاستثمار في النفط

إلى جانب صناديق الثروة السيادية، هناك بالطبع مصادر كبيرة أخرى لرأس المال، مثل صناديق المعاشات التقاعدية العملاقة في أماكن مثل هولندا، وكندا، والولايات المتحدة، ولكنهم لن يكونوا بالضرورة مُشترين من الكبار لأي أسهم أرامكو. وبعضها، مثل نظام التقاعد العمومي في كاليفورنيا، قد ضغط بالفعل بنجاح على شركات النفط الكبرى للبدء في الإبلاغ عن مخاطر الأعمال التي يُشكلها تغيُر المناخ. وقد وقّعت مئات صناديق المعاشات التقاعدية على مبادئ الاستثمار المسؤول، وهي شبكة تدفع مديري الأصول إلى معالجة القضايا البيئية والاجتماعية، بما في ذلك تغير المناخ، عندما يشترون ويبيعون.

وكما أُشيع في وقتٍ سابقٍ من الشهر الماضي، فإن أرامكو قد تتجه إلى تجمعات أخرى من رأس المال، وخاصةً في الصين. هناك بالتأكيد الكثير من المال، كما أن الصين تُمثل واحدة من كُبريات الأسواق، وهم قلة، نموًا في مجال الاستثمار في النفط.

وعلى الرغم من ذلك، وكما كتبت هنا، تعرف الصين أنه مع تراجع الطلب على النفط في معظم أنحاء العالم المتقدم، يجب أن يتدفق براميل أرامكو شرقًا على أي حال. لذا فإن الفكرة ربما تكون أن تشتري الصين من شركة أرامكو أي كمية ولكن بأسعارٍ منخفضة -وبدون أي نوع من المميزات. ولكن من الممكن أيضًا أن تُعرض بكين عن الشراء طبقًا لما تراه من التحول في سوق النفط، تمامًا كرؤية الخبراء النرويجيين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

محمد بن سلمان.. قمع وابتزاز نحو العرش بمشورة حبيب العادلي!

تقدير موقف: السياسات السعودية.. تعزيز فرص انتقال السلطة وإعادة تشكيل المنطقة؟