15-ديسمبر-2019

الطبالون أو "المبرعين" في اليمن (الترا صوت)

يتنقلون من شارع إلى آخر، بين الأسواق والمحلات التجارية؛ ينشرون بهجة الإيقاع مقابل الحصول على بعض المال أو أوراق نبتة القات

الطبالون أو "المبرعيين" في اليمن، يتنقلون من شارع لآخر بين المنازل والمحال، ينشرون بهجة الإيقاع مقابل بعض المال أو أوراق القات

قارعو طبول من أبناء الطبقات الأفقر وطبقة المزاينة (العاملون في خدمة أبناء القبائل وفي الحرف اليدوية)، يتنقلون بين مختلف المحافظات اليمنية، يشاركون في إحياء حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات، وتُرقص على إيقاعاتهم رقصة البرع الشهيرة.

اقرأ/ي أيضًا: الرقص.. شغف اليمنيين في السلم والحرب

العمل بالطاسة

بـ"الطاسة" أو الطبلة المحلية المصنوعة من الخشب والجلد، متدليةً من على رقبته؛ يتنقل مسعد أمين في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، ضاربًا عليها بعصاتين من الخيزران، رفقة ابن عمه الذي يقرع إلى جواره على نوع آخر من الطبول. وهكذا تمتد رحلة العمل اليومي، من الصباح وحتى ما بعد الظهيرة.

الطبالون في اليمن

يجذبون إليهم الأنظارَ بإيقاعاتهم المختلفة، فيتحلق حولهم الناس للرقص والتصقيف والتهليل، قبل أن تنتهي الفقرة بحصولهم على بعض المال من الناس. وفي أحيانٍ أخرى يشاركون في حفلات الزفاف أو أي مناسبات تحتاج لقرع الطبول.

يقول أمين إنه لا يتحصل على مال وفير من عمله هذا، إلا أنها مهنة متوارثة عن أجداده، لذا فإنه حريص على التمسك بها، وسيحرص أيضًا على توريثها لأبنائه. "إنها تراث يمني قديم"، يقول أمين.

إذا كان أمين محظوظًا، فسيجمع في يوم العمل خمسة آلاف ريال يمني، أي حوالي 20 دولار أمريكي، بضرب الطبول لأصحاب المحال بالنغمة التي يطلبونها: "لكل شخص نغمته المفضلة: البرع الصنعاني والصعدي والحرازي والهمداني والبريشة"، يقول أمين.

وإذا لم يكن المال متوفرًا، فإن البديل هي أوراق القات التي يقدمها الناس لأمين وابن عمه، وغيرهما من قارعي الطبول في شوارع اليمن: "نجمع المال ممن يلتفون حولنا. وأحيانًا بعض القات الذي يقدموه لنا بدلًا من المال".

أما المشاركة في حفلات الزفاف يكون بالطلب؛ يُدعى قارعو الطبول لإحياء الأعراس أو حفلات إشهار الزواج، ويُتفق معهم على المقابل بحسب مستوى أهل العريس، ما بين ثلاثة آلاف ريال (12 دولار) و10 آلاف (40 دولار).

قد يستغرق منهم العرس اليومَ بطوله. يقول مسعد أمين: "نجلس لقرع الطبول من الصباح وحتى المساء. ويتحلق حولنا الحضور للرقص والتهليل".

طبقات مهمشة

تصنف القبيلة اليمنية قارع الطبل في درجة اجتماعية أدنى. وبالجملة، تقتصر مهنة قرع الطبول على أبناء الطبقات المهمشة المعروفين بـ"المزاينة".

الطبالون في اليمن

لكن مسعد أمين، وغيره من قارعي الطبول، يفتخرون بمهنتهم المتوارثة، ويرون أنهم بها يحافظون على تراثٍ يمني قديم، لولاهم لكان قد اندثر.

غير أن افتخارهم لا يغير من واقع النظرة الاجتماعية "الدونية" لهم، كما يخبر أمين نفسه: "هناك نظرة سلبية من قبل بعض السكان نحونا، وكأننا من كوكب آخر. على الرغم من أنهم لا يمكنهم الاستغناء عنا".

بالفعل لا يمكن الاستغناء عنهم، فلكل منطقة في اليمن طبالها أو ما يعرف بـ"المَبْرَعي"، يُطلب في المناسبات الاجتماعية والوطنية، وحتى في الأعياد. ومؤخرًا وعلى إثر الحرب، باتوا يُطلبون لتشييع "الشهداء".

موسم الخميس

كل يوم خميس، هو بمثابة موسم للطبّالين، كونه اليوم المفضل لدى اليمنيين لإحياء المناسبات المختلفة، خاصة الأعراس، أو حتى للخروج للتنزه أو التسوق، ولذا فهو يوم يكثر فيه العمل بالنسبة لقارعي الطبول.

وفي يوم الخميس، ينتشر الطبالون في الأسواق وبين الحارات، يقرعون طبولهم، ويطلبون من المارة أو أصحاب المحال "حقّ الخميس"، والذي يكون مالًا أو طعامًا أو قات.

الطبالون في اليمن

والأعياد، والمواسم الدينية مثل رمضان، هي أيضًا مجال أوسع لكسب الرزق بالنسبة للطبالين. ولهم فيها أعمال خاصة، فيزيد على قرع الطبول ترديدهم لأغانٍ تراثية خاصة بكل موسم.

تصنف القبيلة اليمنية قارع الطبل في درجة اجتماعية أدنى. وتقتصر مهنة الطبّال على الطبقات المهمشة المعروفة بـ"المزاينة"

في رمضان مثلًا، يرددون مع قرعهم للطبول: "ألا جينا نحييكم ونسمر معـكم.. أسعد الله مساكم يا جماعة/ ‏يا الله ونسمر سوى في حِماكم.. ليت وإحنا معاكم كل ساعة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

القفز فوق الجمال.. رياضة في اليمن

عَودة القنبوس.. آلات المغنى والزمن الجميل في اليمن