19-أغسطس-2016

ضريبة حدودية تخلق "أزمة" بين الجزائر وتونس(فتحي ناصري/أ.ف.ب)

"فرحة لم تتم"، هكذا هو حال الوضع بين الجزائريين والتونسيين في هذا الصيف، فقبل أيام عادت حافلات نقل المسافرين بين البلدين إلى العمل بعد توقفها في نهاية سنة 2000، والتي خصص لها معبر "بتيتة" بعين الدراهم، لكن انفجرت منذ أيام أزمة المعابر الحدودية بين البلدين من جديد. القصة بدأت عندما أغلق مسافرون جزائريون ثلاثة معابر حدودية في "وادي سوف" و"تبسة" و"الطارف" احتجاجًا على استمرار فرض السلطات التونسية لضريبة دخول السيارات الجزائرية المقدرة بـ30 دينار تونسي أو ما يعادل 15 دولار أمريكي.

احتج عديد الجزائريين على استمرار فرض السلطات التونسية لضريبة دخول السيارات الجزائرية المقدرة بـ30 دينار تونسي

الاحتجاجات تسببت في منع المسافرين وسكان المناطق الحدودية القادمين من الجزائر من العبور، كما تم منع التونسيين من عبور الخطوط الحدودية الجزائرية، حتى تذعن السلطات في البلدين إلى مطلب رفع هذه الضريبة المعمول بها منذ ثلاث سنوات. أما المحتجون فهم من سكان المناطق الحدودية، الذين يتنقلون إلى تونس أكثر من مرة، وهو ما يعني أن الضريبة قد تثقل كاهلهم وخاصة العائلات، اللاتي ترتبط بذويها في جنبات حدود البلدين، بحسب شهادات البعض في تصريحات متفرقة لـ"الترا صوت"، وهكذا كان الهدف هو الضغط على السلطات التونسية لإيقاف الضريبة.

اقرأ/ي أيضًا: إجازة الجزائريين الصيفية.. بين تونس والجزائر

بحسب المتابعين، فإن هذه الخطوة التي تسببت في "أزمة"، فرضها منطق الواقع خصوصًا في هذه الفترة إذ يتوجه الجزائريون بالآلاف إلى المدن التونسية لقضاء عطلة الصيف، وهو ما يعني أن المئات من السيارات منعت من دخول تونس، وساهم ذلك في تطور تأثير الاحتجاجات وتضخم المشكل الذي خلق توترًا بين البلدين.

احتجاجات الشارع انتقلت إلى الرواق الرسمي، حيث عقد أول اجتماع بين ممثلي حكومتي البلدين في لقاء جمع الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية حسن رابحي مع القائم بأعمال سفارة الجمهورية التونسية بالجزائر شكري لطيف، وتناولا خلال اللقاء شروط إقامة وتنقل مواطني البلدين، وجاء في بيان الخارجية أن "اللقاء يهدف إلى تحسين ظروف تنقل المواطنين ورفع المعوقات أمام حركة الأشخاص إلى البلدين بما يرتقي إلى مستوى العلاقات التي تربط الشعبين الشقيقين".

سياسيًا، تتواصل المساعي البرلمانية في الجزائر من أجل إيجاد حل لهذا المشكل، حيث وجه عديد النواب انتقادات لما وصفوه بـ"صمت الحكومة الجزائرية عن هذه الضريبة"، حيث قالت النائب من المجلس الشعبي الوطني الجزائري سميرة ضوايفية، في رسالتها إلى وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، إن "القضية لها أبعاد إنسانية واقتصادية واجتماعية"، ووجهت ضوايفية، النائب عن حركة مجتمع السلم عن محافظة تبسة الحدودية، رسالة إلى لعمامرة تطالبه بـ"دعم المطلب الشعبي"، خاصة وأن "المئات من الجزائريين يتنقلون إلى تونس للعلاج فضلًا عن أن الكثير منهم تربطهم علاقات دم في الجانب الآخر من الحدود"، على حد تعبير ضوايفية.

تحولت احتجاجات الجزائريين إلى جدل إعلامي حيث دعى البعض عبر الإعلام إلى تغيير وجهة الجزائريين المصطافين إلى دول أخرى غير تونس

من جانبه، تساءل النائب عن كتلة العدالة والتنمية في البرلمان الجزائري لخضر بن خلاف عن، ما سماها، "أزمة الضريبة التي تفرض من الجانب التونسي فقط"، أما الجزائر فلا تفرضها على كل تونسي يدخل ترابها، مشيرًا إلى "تكبد الناقلين الخواص الجزائريين على خط عنابة تونس والذين يدخلون تونس مرتين في اليوم الواحد مصاريف باهظة". وأكد بن خلاف في رسالته إلى رئيس الدبلوماسية الجزائرية "ضرورة التدخل لحلحلة الأزمة التي أساءت وتسيء إلى بلدين جارين تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة ذات الأبعاد المختلفة.

اقرأ/ي أيضًا: التعاون الجزائري التونسي.. في دائرة النار

أما على أرض الواقع، ورغم أن هذه الضريبة الحدودية على السيارات الجزائرية تعد إجراءً تونسيًا معمولًا به منذ ثلاث سنوات إلا أنه في هذه المرة أخذ بعدًا آخر، يراه الكثيرون، اقتصاديًا، بالنظر إلى الأوساط الشعبية الجزائرية وخصوصًا العائلات التي تسكن على الحدود وتنتقل أكثر من مرة إلى الطرف التونسي لأنها أصبحت تتكبد أعباءً مالية باهظة بالموازاة مع غلاء المعيشة.

واللافت أيضًا، أن هذه القضية أحدثت "تشنجًا" إعلاميًا في الجزائر، حيث خصصت لها القنوات والصحف حيزًا كبيرًا، كما دعا البعض عبر الإعلام إلى توجيه دعوات للحكومة الجزائرية إلى المعاملة بالمثل بالنسبة للرعايا التونسيين القادمين إلى التراب الجزائري، فيما انتقد البعض السياح الجزائريين، الذين يتتالون إلى تونس هذه الأيام، ودعتهم إلى تغيير وجهتهم نحو دول أخرى.

تفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي مع الضريبة الحدودية

تفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي مع الضريبة الحدودية

تفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي مع الضريبة الحدودية

اقرأ/ي أيضًا:

في الجزائر.. قطيعة بين النواب والمواطنين

الجيش الجزائري.. عين على ليبيا وأخرى على تونس