02-نوفمبر-2017

أسبوع الثقافة الصينية في قسنطينة (توفيق زيتوني)

كم من سنةٍ مرّت على تواجد الصينيين بيننا نحن الجزائريين؟ لقد تحوّلوا إلى حقيقة اقتصادية واجتماعية وثقافية في الفضاء الجزائري. إذ باتوا يحظون بمربّعٍ خاصٍّ بهم في مقبرة العالية، بالجزائر العاصمة، وقد سجّلت مصالح الأحوال الشخصية عشرات حالات الزواج، وهذا يعني أننا مقبلون، بعد فترة قصيرة، على حقيقة جديدة هي ظاهرة الجزائريين الصّينيين بكل التبعات المترتبة عن هذه الزّيجات. كيف يسمّى هذا المقام الجزائري، الذي لا يستشرف ظواهره ولا يعدّ ما يجب أن يعدّ لها، حتى تكون ضمن ما ينفعه ويضيف إليه؟

مع تزايد عدد الصينيين في الجزائر وارتفاع حالات الزواج المشترك، تحول هؤلاء إلى فاعلين في المشهد الاقتصادي والاجتماعي الجزائري

وبعيدًا عن النزعة العنصرية المقيتة علينا أن نواجه هذا السّؤال: لقد استفاد الصّينيون من تعاملهم معنا خلقَ سوق حقيقية، إذ لم تنزل وارداتنا من الصين عن ثمانية مليارات دولار أمريكي منذ 2015، من غير احتساب ما تجنيه الشركات الصينية العاملة في البلاد، إذ بلغ عدد عمّالها 40 ألف عامل صيني، وقد بات الحيّ الصّيني في الجزائر العاصمة ينافس أعرق الأحياء العاصمية في الشهرة والألق، فما الذي استفدناه نحن منهم؟

اقرأ/ي أيضًا: "تشاينا تاون".. الحي الصيني في قلب الجزائر

لم نكفّ في مجالسنا الواقعية والافتراضية عن وصف الصّينيين بأكلة القطط والكلاب والحمير والبغال والقرود والخنازير والخنافس، ولم نلتفت إلى جدّيتهم في العمل وإتقانهم له والتزامهم بالمواعيد وقلة ثرثرتهم ودقة مشيهم في الطرقات واحترامهم للضمير الديني للآخرين. ففي الوقت الذي يحضر فيه العامل الصيني إلى ورشة العمل نصف ساعة قبل الموعد، يأتي العامل الجزائر ساعة بعد ذلك. وفي مقابل تدخين الصيني سيجارته وهو معلّق في الجدار، يدخنها الجزائري كأنه في فسحة.

يكاد الجزائريون أن يفوتوا على أنفسهم فرصة تاريخية للاستفادة من الصينيين الذين ارتفعت أعدادهم في الجزائر واندمجوا اجتماعيًأ

إننا نكاد أن نفوّت على أنفسنا فرصةً تاريخيةً، هي أن نتعلّم من الصّينيين هذه القيم، بعد أن فشلنا في تعلمها عن الأوروبيين، مستفيدين من خلوّ علاقتنا معهم من التشنجات التاريخية. إذ لم يسبق لهم أن آذونا من منظور استعماري، مثل الفرنسيين، بل إنهم وقفوا إلى جانبنا خلال ثورة التحرير وما تلاها من عقود الاستقلال الوطني، ودافعوا عن مصالحنا السياسية في أكثر من محفل.

اقرأ/ي أيضًا: فهم الاستراتيجية الصينية عن طريق ثقافتها

لقد أعطت لنا جمهورية الصّين الشعبية عام 2012 إشارةً واضحةً على استعدادها للتعامل الثقافي والحضاري معنا على غرار التعامل الاقتصادي من خلال مبادرتها بإنجاز أوبرا الجزائر مجانًا بالجزائر العاصمة، فما الذي فعلناه للتفاعل إيجابيًا مع هذه الإشارات؟ هل كنا ستنقاعس لو أتتنا هذه الإشارات من العرب أو فرنسا؟ بعدها أمضى اتحاد الكتّاب الجزائريين اتفاقية تبادل مع نظيره الصّيني، فما الذي نتج عنها؟ والحديث قياس على ما جمع السّفارتين ووزارتي الثقافة من اتفاقيات.

إننا كبرنا على الأثر القائل: "اطلبوا العلم ولو في الصّين"، وإذا بهذا العلم الصّيني يأتينا إلى عقر دارنا، فقابلناه بسلبية جديرة بالدّراسة والمراجعة والانتباه. كم جزائريًا استغل الوضع وتعلم الصينية عن الصينيين؟ علمًا أن ذلك يدرّ عليه مصالحًا وأموالًا؟ إننا لم نتعلّم حتى تحيتهم. وفي الوقت الذي باتت فيه السرقة عندنا هواءً نتنفسه رحنا نناديهم بـ"علي بابا" كناية عن كونهم سرّاقين!

هو يأكل قطًا وأنا آكل خروفًا. مع ذلك أنا أموء خمولًا، وهو يثغو نشاطًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما الذي دفع الصين إلى الانخراط في الحرب السورية

اللغة الصينية.. كيف تضع 5000 رمز على لوحة مفاتيح