10-أغسطس-2020

لبنانيون يسيرون بين البيوت المدمرة بعد الانفجار في العاصمة بيروت (الأناضول)

الترا صوت – فريق التحرير

جدد صندوق النقد الدولي مطالبته للحكومة اللبنانية بتنفيذ حزمة من الإصلاحات الشاملة لاستعادة القدرة على الوفاء بالديون، ووضع إجراءات حماية مؤقتة لتجنب استمرار هروب رؤوس الأموال، مطالبًا السلطات المثقلة بالأزمة الاقتصادية باتخاذ خطوات للحد من الخسائر الفادحة التي تتكبدها الكثير من الشركات الرسمية، وتوسيع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الأكثر احتياجًا في البلاد.

جدد صندوق النقد الدولي مطالبته للحكومة اللبنانية بتنفيذ حزمة من الإصلاحات الشاملة لاستعادة القدرة على الوفاء بالديون، ووضع إجراءات حماية مؤقتة لتجنب استمرار هروب رؤوس الأموال

وأكدت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا في بيان صدر في نهاية مؤتمر للمانحين للمساهمة بإعادة إعمار لبنان، على استعداد الصندوق لمضاعفة جهوده في مساعدة الحكومة اللبنانية لانتشالها من أزمتها الاقتصادية، لكنها أشارت إلى حاجتهم لاتحاد جميع المؤسسات على "التصميم لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشدة"، ومضت بالقول مشددةً على أن "الالتزام بتلك الإصلاحات سيتيح الوصول لمليارات الدولارات لصالح الشعب اللبناني"، وأضافت "تلك هي اللحظة التي يتعين فيها على صانعي السياسات في البلاد التصرف بحسم".

اقرأ/ي أيضًا: لبنان: الشارع الغاضب يزعزع الحكومة

وتعثرت المفاوضات بين ممثلي الصندوق ووفد الحكومة اللبنانية بعد وصولها لطريق مسدود بشأن تحديد حجم الخسائر المالية المترتبة على الاقتصاد اللبناني خلال الأعوام الماضية، متأثرة باعتراضات قدمتها البنوك التجارية ومشرعون من الأحزاب السياسية الرئيسية التي تتقاسم الحكم في لبنان على أسس طائفية منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990.

وعلى خلفية تعثر المفاوضات مع الصندوق، قدم مستشار وزير المالية اللبناني هنري شاوول، والمدير العام السابق لـوزارة المالية آلان بيفاني استقالتهما من الوفد اللبناني في وقت سابق، وأرجع بيفاني أسباب استقالته لتغليب المصالح الخاصة في المفاوضات، الأمر الذي قوّض خطة الحكومة للتعافي الاقتصادي، مشيرًا إلى أن قيمة خسائر النظام المالي اللبناني بلغت 61 مليار دولار.

بينما كانت الحكومة اللبنانية قد وافقت على أن الخطة التي قدمتها ستؤدي إلى خسائر تقدر بـ68 مليار دولار في النظام المالي، وذلك وفقًا لسعر الصرف الذي تطبقه الخطة كأساس للمحادثات مع الصندوق، لكن لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، مدعومة من الطبقة السياسية الحاكمة  عارضت النهج الذي تبنته الخطة، بعدما شددت على أنها توصلت إلى أن الخسائر تقع ما بين ربع حتى نصف المبلغ الوارد في الخطة الحكومية.

وأشارت تقارير صحفية نقلًا عن مصادر إلى محاولة الصندوق إقناع حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بقبول الأرقام الأعلى، غير أن محاولاتهم قوبلت بالرفض من قبل سلامة، وتضيف التقارير بأن القبول بالأرقام لن يكون كافيًا، بالنظر لأن الحكومة اللبنانية مطالبة بمعالجة سبب المشكلة، ممثلةً بصرفها بشكل مفرط لمكافأة أنصار أحزاب سياسية محددة.

كما يشترط الصندوق على الحكومة اللبنانية في مقابل موافقته على منحها قرضًا ماليًا بقيمة عشرة مليارات دولار لتأمين خطة إنقاذ أولية، أن تبدأ خطوة إصلاحية من خلال تقليص كلفة مرتبات العاملين بالدولة ومعاشات التقاعد، فيما يتفق الجميع بشكل تقريبي على ضرورة تصدر شركة كهرباء لبنان قائمة الإصلاحات بسبب الخسائر التي تسجلها بنحو ملياري دولار سنويًا.

ويطالب الصندوق الحكومة اللبنانية بنفيذ إصلاحات أساسية كانت قد تجاهلتها سابقًا من أجل العودة لطاولة المفاوضات، مع وجوب فرض سيطرتها على الجمارك التي تخضع لسلطة الأحزاب السياسية، فضلًا عن إنشاء حساب موحد للمصروفات والإيرادات بوزارة المالية وتوحيد أسعار الصرف، فيما تطالب واشنطن ودول الكتلة الأوروبية بتقليص نفوذ حزب الله في الحياة السياسية بشكل عام، منعًا من استفادة النظام السوري الذي يخضع لعقوبات اقتصادية مشددة من المنحة المالية.

إلى ذلك، يتوقع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن ترتفع معدلات الفقر بين اللبنانيين من 50  إلى 75 بالمائة في نهاية العام، بالأخص بعدما فقدت الليرة اللبنانية 80 بالمائة من قيمتها منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبحسب مدير قسم الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور فإن الأزمة المالية الحالية أدت إلى "وضع اجتماعي حاد مع مستوى تضخم لا يمكن تحمله"، لافتًا إلى أنه على الحكومة اللبنانية "استعادة الثقة" قبل المضي بأي عملية إصلاح.

ومن المتوقع أن تتلقى الحكومة اللبنانية مساعدة مالية دولية لإعادة إعمار بيروت على خلفية الانفجار الضخم الذي ضرب ميناء العاصمة قبل أيام، وبحسب بيان صادر عن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الدول تعهدت بتقديم مساعدات مالية بقيمة 298 مليون دولار كمساعدات إغاثية فورية، وأوضح البيان أن التعهدات لن تكون مشروطة بإصلاحات سياسية أو مؤسسية، لافتًا لوجود تعهدات أخرى متعلقة بالدعم طويل الأمد ستعتمد على تغييرات تنفذها السلطات اللبنانية.

يتوقع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن ترتفع معدلات الفقر بين اللبنانيين من 50  إلى 75 بالمائة في نهاية العام، بالأخص بعدما فقدت الليرة اللبنانية 80 بالمائة من قيمتها 

في حين أكدت الدول المانحة المشاركة في المؤتمر في بيان صادر على حشد مواردها لمساعدة بيروت على التعافي من الانفجار، وقالت في بيانها الختامي إن المساعدات يجب أن تكون "سريعة وكافية ومتناسبة مع احتياجات الشعب اللبناني.. وأن تسلم مباشرة للشعب اللبناني بأعلى درجات الفعالية والشفافية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 بيروت تنتفض غضبًا