18-يناير-2025
صندوق النقد الدولي

صندوق النقد الدولي (مواقع التواصل الاجتماعي)

أصدر صندوق النقد الدولي، الجمعة، تقريرًا حول "آفاق الاقتصاد العالمي"، كشف فيه عن توقعات بزيادة طفيفة في النمو العالمي لعام 2025، إلا أن التقرير أشار إلى استمرار التحديات الهيكلية وتزايد الفجوة الاقتصادية بين الاقتصادات الكبرى، خصوصًا بين الولايات المتحدة وأوروبا.

وبحسب التقرير، من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 3.3% خلال العام الجاري، وهو ما يمثل زيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن توقعات تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ورغم هذه الزيادة الطفيفة، يبقى النمو أقل من متوسطه قبل جائحة كورونا، والذي بلغ 3.7% خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين. ويتوقع الصندوق أن يحافظ النمو على هذا المستوى حتى عام 2026.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق، بيير أوليفييه جورينشاس: "النمو العالمي يبدو مستقرًا ولكنه يظل أدنى من المعدلات التاريخية، مما يعكس تحديات هيكلية تواجه الاقتصاد العالمي". وأكد الصندوق أن الولايات المتحدة تبرز كقوة اقتصادية مرنة مقارنة بالدول الأخرى، فقد رفع توقعاته للنمو في الولايات المتحدة إلى 2.7% في عام 2025 وإلى 2.1% في عام 2026، مشيرًا إلى عوامل مثل قوة سوق العمل، وزيادة الطلب الخاص، وثقة المستهلكين. وأضاف جورينشاس: "سوق العمل الأميركية أثبتت قوتها، كما أن الثقة في الاقتصاد الأميركي لا تزال مرتفعة، مما يعزز النمو الاقتصادي".

صندوق النقد الدولي: من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 3.3% خلال العام الجاري، ورغم هذه الزيادة الطفيفة، يبقى النمو أقل من متوسطه قبل جائحة كورونا

على الجانب الآخر، تبدو الصورة الاقتصادية في منطقة اليورو أكثر قتامة، حيث يتوقع الصندوق أن يصل النمو إلى 1.0% فقط في عام 2025، مع ارتفاع طفيف إلى 1.4% في عام 2026. وأشار التقرير إلى تأثيرات هيكلية، منها ضعف نمو الإنتاجية مقارنة بالولايات المتحدة، لا سيما في قطاع التكنولوجيا.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر معدل التضخم العالمي في التراجع، ليصل إلى 4.2% في عام 2025 و3.5% في عام 2026. وأوضح التقرير أن التباطؤ سيكون أكثر وضوحًا في الاقتصادات المتقدمة، حيث نجحت السياسات النقدية في تهدئة ارتفاع الأسعار، بينما ستواجه الأسواق الناشئة تباطؤًا أكثر تدريجيًا.

وفيما يخص الصين، أشار التقرير إلى تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى 4.6% هذا العام و4.5% العام المقبل، رغم حزم الدعم المالي التي أعلنتها الحكومة الصينية. ويرجع ذلك إلى ركود سوق العقارات وزيادة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية.

أما في الهند، فتستمر البلاد في قيادة النمو بين الأسواق الناشئة، مع توقعات بأن تسجل نموًا بنسبة 6.5% هذا العام والمقبل، مما يعزز دورها كمحرك رئيسي للنمو العالمي. وفيما يخص روسيا، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو بشكل حاد، لينخفض من 3.8% في 2024 إلى 1.4% في 2025 و1.2% في 2026. ويعود ذلك إلى تأثيرات الحرب المستمرة في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية الغربية.

خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى

 

وخفّض الصندوق توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مشيرًا إلى تأثير تخفيضات إنتاج النفط التي أعلنتها مجموعة "أوبك بلوس"، كما أن التباطؤ العالمي أثر على الطلب على صادرات المنطقة. فيما توقع الصندوق انتعاشًا بالنشاط الاقتصادي في مناطق "جنوب الصحراء" بأفريقيا، بفضل تحسينات في البنية التحتية وزيادة الاستثمارات الأجنبية. وأشارت توقعات الصندوق إلى نمو أسرع مما كان متوقعًا سابقًا في أميركا اللاتينية، بسبب الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الطلب على السلع الأساسية.

وسلط التقرير الضوء على المخاطر السياسية التي تهدد التوقعات الاقتصادية، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تؤدي حالة عدم اليقين السياسي، بما في ذلك استعداد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، إلى تغيرات في السياسات المالية والتجارية. كما أشار إلى خطر تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على استقرار الأسواق.

وقال جورينشاس: "هناك حاجة ماسة إلى سياسات مالية ونقدية حذرة لضمان استقرار الاقتصاد العالمي وسط هذه التحديات". ورغم التحسن الطفيف في التوقعات، يظل الاقتصاد العالمي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها التباين بين الاقتصادات الكبرى واستمرار المخاطر الجيوسياسية، حيث دعا صندوق النقد الدولي الدول إلى تعزيز التعاون الدولي، واعتماد إصلاحات هيكلية لدعم الإنتاجية والنمو المستدام.