شهدت بورصة وول ستريت، أمس الإثنين، أسوأ يوم لها في عام 2025، حيث أغلقت الأسواق الأميركية على انخفاضات قياسية، خاصة في الأسهم المرتبطة بترامب أو بداعميه، مثل شركة "تسلا" المملوكة للملياردير إيلون ماسك.
واصل المستثمرون الأميركيون، لليوم الثاني على التوالي، عمليات البيع المكثف للأسهم، وسط مخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي في واحدة من أسوأ موجات الركود في تاريخه. ويرى محللون اقتصاديون أن هذا التراجع في الأسهم الأميركية مرتبط بسياسات ترامب الاقتصادية ونهجه العدائي تجاه الاقتصاد العالمي، من خلال شنّه حربًا تجارية لا تفرق بين الأعداء والحلفاء، عبر فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الأجنبية، وهو ما قوبل بإجراءات مماثلة من الدول المتضررة.
جاء التراجع الحاد لأسهم بورصة وول ستريت، في وقتٍ تتزايد فيه عمليات التسريح، ويتباطأ التوظيف، وتتآكل ثقة المستهلك، ويرتفع التضخم
على عكس وعود ترامب بتحقيق نمو اقتصادي كبير وإعادة أميركا إلى عظمتها في مختلف المجالات، شهدت أسواق وول ستريت، أمس الإثنين، سلسلة انخفاضات قياسية في المؤشرات الثلاثة الرئيسية. فقد أغلق مؤشر داو جونز متراجعًا بنحو 890 نقطة، أي بنسبة 2.08٪، كما تراجع ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.7٪، في حين هبط مؤشر ناسداك بنسبة 4٪، وهو أكبر انخفاض يومي يسجله منذ أيلول/سبتمبر 2022.
وامتد الانخفاض إلى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، التي سجلت جميعها تراجعًا حادًا، ومن بين الشركات الأكثر تضررًا: "تسلا، ميتا، أمازون، ألفابيت، مايكروسوفت، نفيديا، وآبل".
وسجلت شركة "تسلا"، خسائر لافتة للانتباه، إذ تراجع سهم الشركة بنسبة 15.4% أمس الإثنين، ما أدى إلى محو المكاسب الكبيرة التي حققتها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عقب إعلان فوز ترامب. ويواجه ماسك انتقادات متزايدة بسبب دوره في إدارة ترامب، إلى جانب تراجع مبيعات تسلا في أوروبا.
وبحسب عدة تقارير، ساهمت هذه التراجعات الحادة في تمديد شهر كارثي للأسواق الأميركية، حيث فقدت المؤشرات الثلاثة الرئيسية جميع المكاسب التي سجلتها منذ الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
تأثير الرسوم الجمركية:
ترى شبكة "سي أن أن بيزنس" أنّ السبب الرئيسي وراء عمليات البيع الواسعة النطاق التي شهدتها وول ستريت أمس الإثنين واليوم الثلاثاء، يكمن في تنامي القلق بشأن تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب.
وسبق لترامب، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز بُثّت يوم الأحد، أن قال ردًّا على سؤال عن ما إذا كان يتوقع ركودًا هذا العام، إنه "يكره التنبؤ بأشياء من هذا القبيل"، مؤكدًا أن الاقتصاد الأميركي يمر "بفترة انتقالية، لأن ما نقوم به كبير جدًا" وفق تعبيره.
ويرى أنتوني ساجليمبين، وهو كبير استراتيجيي السوق في أميريبرايز، "أن تعليقات الرئيس ترامب، التي لم تستبعد الركود، أثارت قلق المستثمرين الذين كانوا قلقين بالفعل". كما يرى إيد يارديني، رئيس شركة يارديني للأبحاث، أّن سوق الأسهم "تفقد ثقتها في سياسات ترامب".
في محاولة من إدارة ترامب لتدارك الموقف، أصدر البيت الأبيض بيانًا قال فيه "إن ترامب سيشعل شرارة نمو تاريخي في ولايته الثانية"
بدوره يرى كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة باهنسن، ديفيد باهنسن، أنّ "الحديث عن التعريفات الجمركية أسوأ من تنفيذها في كثير من النواحي. إن الحديث عن التعريفات الجمركية، والتراجع عنها، والمضاربة، والفوضى لا تؤدي إلا إلى تعزيز حالة عدم اليقين".
وكان الرئيس الأميريكي دونالد ترامب، قد هدد بفرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات من كندا والمكسيك، لكنه أعلن بعد ذلك عن تأجيلها حتى الثاني من نيسان/إبريل المقبل. فيما ضاعف ترامب التعريفات الجمركية على جميع الواردات الصينية إلى 20٪ من 10٪، ومن المقرر أن تدخل تعريفة بنسبة 25٪ على جميع واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ في 12 آذار/مارس. بالإضافة إلى ذلك، هدد ترامب الأسبوع الماضي بفرض تعريفات جمركية بنسبة 250٪ على منتجات الألبان الكندية، وفي لقائه قبل يوم أمس الأحد، مع فوكس نيوز، أشار إلى أنّ التعريفات الجمركية قد "ترتفع مع مرور الوقت".
تداعيات أخرى ومحاولة لاحتواء الموقف
تزامن التراجع الحاد لأسهم بورصة وول ستريت مع تصاعد عمليات التسريح، وتباطؤ التوظيف، وتراجع ثقة المستهلك، وارتفاع التضخم، وفقًا لشبكة "سي أن أن".
وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أصدر البيت الأبيض بيانًا أكد فيه أن ترامب "سيشعل شرارة نمو تاريخي في ولايته الثانية".
وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، أن قادة الصناعة استجابوا لأجندة ترامب الاقتصادية المتمثلة في شعار "أميركا أولًا"، والتي تشمل فرض التعريفات الجمركية، وإلغاء القيود التنظيمية، وإطلاق العنان للطاقة الأميركية، ما أدى إلى استثمارات بتريليونات الدولارات ستوفر آلاف الوظائف الجديدة.
وأشار ديساي إلى أن ترامب "حقق نموًا قياسيًا في الوظائف والأجور والاستثمارات خلال ولايته الأولى، وهو عازم على تكرار ذلك في ولايته الثانية".