07-يوليو-2020

يواجه ابن نايف حملة جديدة يقودها محمد بن سلمان (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحقيق مطول عن إعداد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مجموعة من تهم الفساد، سيقوم بتوجيهها في وقت لاحق لولي العهد السابق محمد بن نايف، وذلك في إطار محاولة ابن سلمان السيطرة على مقاليد السلطة في البلاد، وإخضاع المعارضين لسياسته الداخلية والخارجية للمحاكمات تمهيدًا لاستلامه الحكم رسميًا.

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحقيق مطول عن إعداد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مجموعة من تهم الفساد، سيقوم بتوجيهها في وقت لاحق لولي العهد السابق محمد بن نايف

ويقول الصحفي الاستقصائي ديفيد إغناتيوس في مستهل التحقيق المطول إن ابن سلمان بدأ "بفصل جديد قاتم في لعبة العروش" للسيطرة على مقاليد السلطة في السعودية، يحضر من خلاله الأمير السعودي لتوجيه اتهامات مرتبطة بعدم الولاء والفساد ضد ابن نايف، الذي كان حتى ما قبل انقلاب ابن سلمان عليه، رجل واشنطن في المنطقة لمكافحة الإرهاب.

اقرأ/ي أيضًا: أمير السعودية الطائش يكرر مؤامرات الأسلاف ويضع ابن عمه تحت الإقامة الجبرية

وكان ابن سلمان قد قاد انقلابًا أبيض أطاح بابن نايف في حزيران/يونيو من العام 2017، غير أن المعركة الراهنة وفقًا لإغناتيوس "أعمق من أنها" للتخلص من ابن نايف، نظرًا لأن جذورها تعود إلى الخلاف الذي نشب بين أنصار العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي توفي مطلع العام 2015، وكان يقدم الحماية لابن نايف حينها، وبين حاشية خليفته العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز مع نجله المتهور محمد بن سلمان، بعد وفاة الملك عبد الله مباشرة.

وينقل إغناتيوس عن مصادر مختلفة سعودية – أمريكية أن لجنة مكافحة الفساد التي أنشأها ابن سلمان (في تشرين الثاني/نوفمبر 2017) على وشك الانتهاء من تحقيق مفصل يزعم أن ابن نايف اختلس مليارات الريالات السعودية، عبر شبكة من الشركات والحسابات خاصة عندما كان يدير حملة مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، في وقت نقل عن مصادر مقربة من ابن نايف أن السلطات السعودية تطالبه بسداد 15 مليار دولار يزعمون أنه سرقها، مشككين بالكيفية التي وصلوا خلالها لهذا الرقم.

ويؤكد أنصار ابن نايف في حديثهم للصحفي الاستقصائي بأن هذه "الاتهامات كاذبة"، فضلًا عن أنها تناقض المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبد الله نهاية عام 2007، يوافق من خلاله على جميع النشاطات التي قام بها ابن نايف، وأنه قدم تفاصيل عن تلك النشاطات في التقرير السنوي لنفقاته، وأن توقيع العاهل السعودي الراحل أظهر دعمه لابن نايف "لمواصلة إدارة مالية ونفقاتها بطريقة تدعم جهود مواجهة الإرهاب".

ووفقًا للوثائق التي قالت الصحيفة الأمريكية إنها اطلعت عليها فإن المرسوم منح ابن نايف صلاحيات تشكيل "الآليات المناسبة في القطاع الخاص لإخفاء النشاطات الحساسة"، وحددت إحدى بنوده بشكل واضح بضرورة تقديم ابن نايف لإحاطة بنهاية كل سنة مالية بشأن النفقات الخاصة بالتمويل السري.

يوضح أوغناتيوس في تحقيقه الذي تجاوز ثلاثة آلاف كلمة أن واحد من التقارير التي وجهها ابن نايف للعاهل السعودي الراحل، ويرجع تاريخها لأيار/مايو من العام 2013، أظهرت طلب الموافقة على النفقات السرية لمكافحة الإرهاب بقيمة خمسة مليارات ريال سعودي، ما يعادل 1.3 مليار دولار، مقسمة على ثمانية مشاريع، من ضمنها 378 مليون لإنشاء مطارات سرية فيما يبدو أنها لطائرات بدون طيار، ومبلغ 1.6 مليار ريال تستخدم لخدمات الطيران السرية، مع تخصيص مبلغ 1.5 مليار ريال للمصادر الأمنية.

ويضيف التحقيق بأن التقرير أعيد بعد ثلاثة أيام من إرساله لابن نايف، مع رسالة من رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري ممهورة بموافقة العاهل السعودي على المبلغ المطلوب مع ملاحظة كتبت بخط اليد "لا يوجد مشكلة"، فيما يبدو أنها بخط العاهل عبد الله نفسه، ويوضح التحقيق أن هذه الوثائق موجود مع محامييّ ابن نايف في بريطانيا وسويسرا، مع التأكيد على أنها ستكون متاحة في حال انعقاد أي محاكمة دولية.

ينقل التحقيق على لسان مسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA معرفتهم بإدارة ابن نايف لهذه الحسابات السرية لمكافحة الإرهاب، نظرًا لاستخدامها في تمويل المشاريع الأمريكية – السعودية المشتركة، ووفقًا للمسؤولين الأمريكيين فإن ابن نايف "لم يكن منفقًا كبيرًا" للأموال مقارنةً مع غيره من الأمراء الكبار، رغم أنه زاد من ثروته أثناء عمله في الحكومة السعودية عندما كان وزيرًا للداخلية في عام 2012.

ويعلق إغناتيوس في التحقيق على زيادة ثروة ابن نايف بالقول إنه قد يكون فعل "كل شيء بمباركة من الملك كما تقترح الوثائق"، مضيفًا أن مشكلة الفساد تصنف من القضايا الكبرى داخل المملكة، وعند المقارنة مع ابن سلمان نجد أن الأخير مثل باقي الأمراء لديه إسراف في النفقات، إلا أن حملته التي نفذها ضد الأثرياء ورجال المال السعوديين "جعلته يحظى بشعبية" داخل المملكة رغم حكمه الاستبدادي، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من استخدام قضية الفساد لتدمير ابن نايف الذي ينافسه على الحكم.

ويضيف الصحفي الاستقصائي في التحقيق بأن قوة ابن سلمان ازدادت منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير من العام 2017، والتي كان من نتائجها استدعاء ابن سلمان الذي كان نائبًا لابن نايف عندما كان وليًا للعهد ليطلب منه الاستقالة، لافتًا إلى أن ابن نايف لم يكن متساويًا في القوة مع ابن سلمان لحماية أصدقائه، في إشارة لاعتقالات رجال الأعمال والأمراء في فندق ريتز كارليتون في عام 2017، قبل أن يفرج عن معظمهم بعد أسابيع مقابل منحهم جزءًا من ثروتهم لابن سلمان.

اقرأ/ي أيضًا: تأسيس مملكة محمد بن سلمان "المتهورة".. الحكاية من أولها

وكان ابن نايف قد اعتقل في آذار/مارس الماضي مع مجموعة لا تقل عن 20 أميرًا، بمن فيهم الأمير  أحمد بن عبد العزيز آخر أشقاء العاهل سلمان ممن لا يزالون على قيد الحياة، ونقل عن مسؤول في الديوان الملكي قوله إن الأميرين كانا يخططان لتنفيذ انقلاب ضد ابن سلمان، وستتم محاكمتهما بتهمة الخيانة.

لجنة مكافحة الفساد التي أنشأها ابن سلمان في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 على وشك الانتهاء من تحقيق مفصل يزعم أن ابن نايف اختلس مليارات الريالات السعودية

ختم ديفيد إغتانيوس تقريره بالقول معلقًا على قصة ولي العهد السابق مستذكرًا مقطعًا للكاتب المسرحي الإنكليزي وليام شكسبير من مسرحية هنري الرابع يقول: "من الصعب تصديق أن هذه الرأس ترتدي التاج"، وهو ما ينطبق على ابن نايف في الماضي والحاضر، معتبرًا أن صعوده وسقوطه التراجيدي يشبه تراجيديا "مسرحها الصحراء"، في الوقت الذي يصفه مسؤولون أمريكيون عملوا معه على أنه "بطل" ساعد على إنقاذ بلاده عندما كانت معرضة للتهديدات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ما الذي تكشفه لغة الجسد في مبايعة ابن نايف لابن سلمان؟