13-يناير-2018

اشتعلت الحرب بين دونالد ترامب وستيف بانون (بلومبيرغ)

اشتعلت الحرب بين ستيف بانون ودونالد ترامب، وبدأ الأخير في شن هجومٍ لاذع على من كان أقرب مستشاريه يومًا، حتى أنّه وصفه بـ"القذر"، مُتحالفًا مع حلفاء بانون السابقين، لاستبعاد بانون تمامًا من المشهد. مجلة نيويوركر نشرت مقالًا عن تحالف ترامب ضد بانون، ومصير ما أسمته بـ"البانونية" بعد استبعاد بانون من المشهد السياسي الأمريكي، في السطور التالية ترجمة بتصرف للمقال.


تُمثل إدارة دونالد ترامب من خلال النظر إليها من بعيد، مأساة يومية، تقلل من شأن الولايات المتحدة، وتهدد النظام العالمي الذي قادته لأكثر من سبعين عامًا. وبالنظر إليها عن قرب، نجد أن هذه الإدارة تُمثل سلسلة كوميديةً ​​من الأخطاء، وكان آخر حلقاتها، تصرف ترامب حيال الكتاب الجديد "النار والغضب" للمؤلف مايكل وولف.

بالنظر إليها من بعيد، نرى أن إدارة ترامب تمثل مأساة يومية، وعن قرب نكتشف أنها تمثل سلسلة كوميدية من الأخطاء

فقد حول ترامب بمفرده، الكتاب من مجرد قصص مشينة بغرض الإثارة، من شأنه أن يحمس مسؤولي الحكومة، ويحشد وسائل الإعلام؛ إلى منتج استهلاكي يجب أن يقتنيه عامة الناس، وكأنه نص أدبي يعادل في شعبيته جهاز آي فون جديد، ما دفع حشود من الناس في العاصمة واشنطن، على الأقل، إلى تحدي "الإعصار المتفجر"، ويصطفون خارج متجر "كرايمر بوكس - Kramer Books" ليلة الخميس، منتظرين إصداره في منتصف الليل.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب عن انقلاب ابن سلمان: "وضعنا رجلنا في المكان المناسب!"

ولم يقتصر إصدار ترامب بيانًا مطولًا يهاجم فيه ستيف بانون، الذي شغل سابقًا منصب كبير مستشاريه للشؤون الاستراتيجية، لتعاونه مع ماكيل وولف في كتابه الذي وصفه بـ"المُضلل" فحسب؛ بل أرسل محاموه أيضًا رسالة إلى الناشر هنري هولت، طالبوه فيها بوقف النشر. ومنذ تلك اللحظة، كان على كل كاره لترامب يحترم نفسه في البلاد، ببساطة، شراء نسخة من هذا الكتاب. ولا عجب أن هولت قدم موعد تاريخ النشر إلى يوم الجمعة، ونشر وولف تغريدة قال فيها: "شكرًا لك سيدي الرئيس".

إذا كان تدّخل ترامب قد ساعد وولف وهولت على الانتشاء نصرًا، فقد خلق أيضًا صدمةً كبيرةً في الأوساط المحافظة، خاصةً عندما تبع ذلك استنكار منفصل لبانون من راعيه المالي منذ فترة طويلة، ووريثة صندوق الاستثمار التحوطي، ريبيكا ميرسر، وهي شريكة في شِبكة بريتبارت الإخبارية، وهو موقع مشاكس على شبكة الإنترنت، حوّله بانون إلى منصة للدفاع عن ترامب واليمين المتطرف، إذ قالت ميرسر في تصريح علني نادر: "أنا وعائلتي لم نتواصل مع ستيف بانون منذ عدة أشهر، ولم نقدم أي دعم مالي لأجندته السياسية، كما أننا لا نؤيد تصرفاته وتصريحاته الأخيرة".

ومنذ ذلك الحين، كان الكثير من السياسيين في واشنطن يترقبون النيل من بانون. إذ سارع الموالون لترامب مثل راش ليمبو، ومات درودج، وروجر ستون بالتخلي عن بانون، وانتشرت الشائعات أنه كان على وشك أن يُطرد من شبكة بريتبارت، حيث عاد لتولي منصب رئيس الشبكة بعد أن أُطيح به من البيت الأبيض، في شهر آب/أغسطس.

يبدو أن طموح بانون كان سببًا في اجتماع ترامب وحلفاء بانون السابقين، على ضرورة استبعاد بانون من المشهد بشكل تام

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن العديد من الأعضاء في مجلس إدارة شبكة بريتبارت، كانوا يدعمون فكرة التخلص من بانون، ولكنهم أدركوا أيضًا "علاقات شبكة بريتبارت التعاقدية مع الكيانات الأخرى، بما في ذلك إذاعة راديو سيريوس إكس إم"، الذي يقدم فيها بانون برنامج. وفي صباح يوم الجمعة، شن ترامب عاصفة من الهجوم على بانون، وغرد على تويتر، قائلًا: "تخلصت عائلة ميرسر مؤخرًا من المُسرّب المعروف باسم القذر ستيف بانون. قرار حكيم!".

اقرأ/ي أيضًا: هل صممت المنظومة الأمريكية لتحمّل رئيس مثل ترامب؟

ولم يُحدد مصير بانون حتى ظهيرة أمس الجمعة، إذ حرص على الابتعاد عن الأضواء. وأفاد موقع أكسيوس الإخباري، أنه قبل أن يصب ترامب جم غضبه على بانون، كان الأخير قد أعدّ بيانًا علنيًا مُعربًا في عن ولائه للرئيس، وطاعنًا في بعض التفاصيل التي ذُكرت في كتاب وولف. وأفاد تقرير أكسيوس بأن "بعض الحلفاء المقربين من بانون، يحثونه على إصدار مثل هذا البيان والتصالح مع ترامب وعائلته"، مُضيفًا: "لكن بانون يقاوم. إنه تمامًا مثل ترامب في هذا الصدد: يرى أن أي اعتذار أو اعتراف بالخطأ دليل على الضعف".

حتى إذا تذلل بانون لترامب وتشبث بعمله، سوف يخرج  من هذه الحلقة باعتباره شخصية مهمشة ولا يُعول عليه. وهو ما يثير على الأقل سؤالين هامين حول مستقبل الحزب الجمهوري.

يتعلق السؤال الأول بالأدوار التي ستلعبها كُل من ميرسر ووالدها الملياردير، في المستقبل. فعندما قدمت عائلة ميرسر في صيف عام 2016 خمسة ملايين دولار إلى حملة ترامب، وأمدوه بمدير جديد للحملة وهي "كيليان كونواي"، وصانع القرار القوي بانون، قاموا بإنشاء رابطة مع ترامب.

ولكن، وفقًا لما ذكره وولف، فإنه لا يبدو أن العلاقة وثيقة بشكلٍ خاص، إذ يقول: "لقد اعتقد ترامب أن عائلة ميرسر غريبة كما يعتقد الجميع. ولم يكن يحب أن ينظر إليه ميرسر ولا يتفوه بكلمة، كما إنه لا يحب أن يكون في نفس الغرفة مع ميرسر أو ابنته. فقد كانوا رفقاء يتصرفون بغرابة شديدة. كانوا مجانين على حد تعبيره".

لكن في الوقت الراهن، يبدو أن ترامب وهؤلاء "المجانين" بتعبيره، قد توصلوا إلى اتفاق بأن ستيف بانون كان لابد من استبعاده، إلا أنّ ذلك يثير تساؤلًا ثاني، وهو: "ما مستقبل البانونية بدون بانون؟".

على مدى الأشهر القليلة الماضية، قال بانون إن طرده من البيت الأبيض لم يكن علامة على زوال طموحاته لتحويل الحزب الجمهوري إلى حزب قومي/ حِمائي على غرار اليمين الأوروبي، ولكن لفتح جبهة جديدة. وبتحرره من القيود المفروضة على وجوده داخل الإدارة، سيكون بانون قادرًا على تعيين المرشحين، وجمع الأموال، والإطاحة بأعضاء المؤسسة الجمهورية.

يقول وولف: "كان ترامب، في رأي بانون، فصلًا، أو حتى التفافًا، في ثورة ترامب، التي كانت دائمًا تعبر عن نقاط الضعف في الحزبين الرئيسيين"، مُضيفًا: "إن رئاسة ترامب -مهما طال أمدها- قد خلقت البداية التي من شأنها أن توفر للمنافسين غير المعروفين فرصتهم. وكان ترامب مجرد بداية".

وفقًا لكتاب "النار والغضب"، فقد كان ترامب بالنسبة لبانون مجرد فصلًا في مساعيه لتحويل الحزب الجمهوري لحزب قومي حمائي

تناولت الجملة الأخيرة في كتاب "النار والغضب"، مشهد بانون بينما كان يقف خارج مقر شبكة بريتبارت الإخبارية في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قائلًا: "سوف تكون فوضى عارمة". لقد كان مُحقًا. ولكن الآن، بعد أن فجر نفسه في ساحة المعركة، فإن مستقبل حربه غير واضح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بالوثائق.. ستيف بانون عميل الإمارات في البيت الأبيض للتحريض ضد قطر

تنامي الحركات اليمينية مع مجيء ترامب.. راعي التطرف في الولايات المتحدة