16-ديسمبر-2018

يأجج صراع المحاصصة الشارع في البصرة (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

تصاعدت حدة الاحتجاجات في البصرة مجددًا، بعد أزمة جديدة وخلاف سياسي حول منصب المحافظ، في ظل تظاهرات مستمرة رفعت في الأسبوع الأخير مطلب إقالة أسعد العيداني، المحافظ الحالي، إثر محاولته الاعتداء على محتجين هتفوا قرب موكبه.

خرجت تظاهرة حاشدة، الجمعة، 14 كانون الأول/ديسمبر، أمام مبنى الحكومة المحلية في البصرة، في نفس الوقت الذي عُقدت فيه جلسة استثنائية هدفها منح الثقة لـ"شداد الفارس" محافظاً جديدًا للمدينة

وكان رجل الأعمال العيداني قد تولى المنصب العام الماضي، بعد ترشيحه من قبل تيار الحكمة كمرشح مستقل للمحافظة، عقب هروب المحافظ السابق التابع لتيار الحكمة ماجد النصراوي من العراق، نتيجة إصدار أوامر قضائية بخصوص تورطه في قضايا فساد.

صراع المحاصصة

بدأت الأزمة بشأن منصب محافظ البصرة، عندما تحول العيداني، الذي يواصل مهامه محافظًا على الرغم من فوزه بعضوية البرلمان، من تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى تحالف البناء، بزعامة هادي العامري ونوري المالكي.

بالتزامن مع هذا الجدل، خرجت تظاهرة حاشدة، الجمعة، 14 كانون الأول/ديسمبر، أمام مبنى الحكومة المحلية، في نفس الوقت الذي عُقدت فيه جلسة استثنائية هدفها منح الثقة لـ"شداد الفارس" محافظاً جديدًا، والتي مهد لها رئيس مجلس المحافظة وليد كيطان، بفتح باب الترشح للمنصب لمدة أربعة أيام، مع وجود جدل واسع وانقسام واضح على مستوى الحكومة المحلية.

اقرأ/ي أيضًا: غابة السلاح في العراق.. العنف الذي لا تحتكره الدولة!

والفارس هو مرشح تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، لمنصب محافظ البصرة، لكنه لا يحظى بترحيب أبناء البصرة بسبب العديد من "المؤشرات السلبية" حوله، حيث عبر المحتجون عن غضبهم الشديد من هذا الخيار أثناء التظاهرة.

رفض المتظاهرون الذين حاصر المئات منهم مبنى الحكومة المحلية، مرشح الحكمة وطالبوا بمحافظ يحظى بـ "قبول واسع" لدى السكان ويحمل على عاتقه الأزمات العديدة التي تواجه البصرة منذ سنوات، في حين ردت القوات الأمنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريقهم.

يقر تيار الحكمة بنفسه، بتورط النصراوي في ملفات فساد وهدر في المال العام

في مقابل ذلك، فإن المحتجين ألقوا الحجارة باتجاه مركبات القوى الأمنية وأضرموا النار في إطارات بشارع الجبيلة قرب مبنى المحافظة، وحاولوا منع الأعضاء من الخروج، على خلفية فشلهم في انتخاب محافظ جديد.

كما يبدو أن الغضب البصري، من مرشح تيار الحكمة، يأتي لارتباط الأخير باسم المحافظ السابق، حيث كان التيار جزءًا من "المجلس الأعلى الإسلامي"، قبل أن يعلن الحكيم انشقاقه وتأسيس "الحكمة".

ويقر تيار الحكمة بنفسه، بتورط النصراوي في ملفات فساد وهدر في المال العام، كما جاء في تصريح صحفي على لسان النائب عن التيار، أسعد ياسين، والذي حذر في وقت سابق، من "أياد خفيّة" تسعى لتأجيج الوضع في البصرة وإثارة "الفوضى العارمة".

وكان ضرغام المالكي شيخ عموم عشائر بني مالك، قد دعا في وقت سابق، إلى تسمية شخصية غير حزبية للمنصب، مؤكدًا أن البصريين لن يسمحوا بشغل هذا المنصب من قبل شخصية حزبية كما كان سابقًا، إلا أن تيار الحكمة يرى أن المنصب من حصته ويضغط باتجاه استعادته، مستثمرًا تحالفه مع "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، الذي يلعب دورًا محوريًا مؤثرًا في ملف تشكيل الحكومة.

تحرك إيراني

من جانبها ربطت أطراف سياسية أخرى، الاحتجاجات بـ "تحرك إيراني" دار داخل جلسة الحكومة المحلية وخارج أسوار المبنى، وحال دون تمرير مرشح عمار الحكيم.

ويأتي التحرك الإيراني لمنع تحالف الصدر – الحكيم، من تحقيق مكسب جديد، بعد أن نجح تحالف الصدر قبل أيام في انتزاع منصب محافظ بغداد، من القوى العراقية القريبة من إيران.

وعجز تحالفا "سائرون" و"الحكمة"عن استكمال النصاب في جلسة استثنائية لمجلس المحافظة الغنية بالنفط، بعد أن حشدا 12 عضوًا فقط من أصل أعضاء الحكومة المحلية الـ 35.

يأتي التحرك الإيراني لمنع تحالف الصدر – الحكيم، من تحقيق مكسب جديد، بعد أن نجح تحالف الصدر قبل أيام في انتزاع منصب محافظ بغداد، من القوى العراقية القريبة من إيران

وبحسب مصادر في البصرة تحدثت لـ "ألترا صوت"، فإن ائتلاف دولة القانون وكتلة بدر التابعة لهادي العامري، ترفض ترشيح شداد الفارس للمنصب، دون تقديم اسم بديل حتى الآن، في حين يؤكد تحالف الصدر – الحكمة قدرته على كسب عدد الأصوات الكافية لتمرير مرشحه.

تشي الأحداث في البصرة، بتفجر الأوضاع مجددًا بعد إشراك الشارع في الصراع السياسي في المدينة، كما تحذر أطراف سياسية ومراقبون، لا سيما وأن المحافظة شهدت احتجاجات دموية خلال الصيف، بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد ونقص الخدمات.

اقرأ/ي أيضًا: معركة التكنوقراط في العراق.. المحاصصة توحد الأضداد

تطورات الأزمة

تجددت التظاهرات في البصرة، السبت 15 كانون الأول/ديسمبر، حيث توجه المحتجون سيرًا على الأقدام لمسافة طويلة، وأشعلوا النار في الشارع المؤدي الى منزل رئيس مجلس المحافظة وليد كيطان، في منطقة البراضعية وسط المدينة، وحاصروه.

وجاء تحرك المتظاهرين بعد تسريبات تحدثت عن اجتماع للأطراف السياسية في منزل كيطان، تهدف لحسم المنصب لمرشح الحكمة شداد الفارس، بحسب أحد المتظاهرين.

بالمقابل، عمدت القوات الأمنية إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لفك الحصار عن منزل رئيس مجلس الناحية، وهو ما تحقق فعلًا، بعد مواجهات بالحجارة والعصي بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، أسفرت عن بعض الإصابات واعتقال العشرات من المحتجين.

اتفاق سياسي

في ساعة متأخرة من ليل السبت، أعلن محافظ البصرة، أسعد العيداني، التوصل إلى اتفاق مع رئيس مجلس المحافظة لإنهاء التوتر الذي تعيشه المدينة، مستنكرًا في تصريح صحافي "الهجوم" على منزل كيطان.

ولم يكشف العيداني عن أي تفاصيل بشأن الاتفاق أو إن كان ذلك يعني تخليه عن المنصب والتوجه إلى البرلمان، حيث كان قد أعلن تمسكه بمنصبه واتهم كتلة تيار الحكمة، بالضغط على رئيس المجلس من أجل فتح باب الترشيح، معتبرًا الإجراء "مخالفة قانونية".

يدور الصراع السياسي في البصرة، من أجل "الهيمنة" على الأموال المخصصة للمشاريع الخدمية المفترض إنجازها في عام 2019

إلى ذلك، عد عبد الأمير نجم المياحي النائب عن محافظة البصرة، ما شهدته المدينة من تداعيات أمنية وتظاهرات، "احتجاجًا" على سلوك انتهجته الحكومة المحلية، وفشلها في اختيار محافظ بديل ورئيس لمجلس المحافظة ينهي إدارة كيطان للمنصب الذي يشغله بالوكالة.

يدور الصراع السياسي في البصرة، من أجل "الهيمنة" على الأموال المخصصة للمشاريع الخدمية المفترض إنجازها في عام 2019، بحسب المياحي، ما يعني غياب الخدمات الأساسية التي يطالب بها المتظاهرون، واستمرار الاحتجاجات، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أزمة أخرى تتعلق بالوزارات الشاغرة.

وكان النائب والقيادي في تحالف "سائرون"، صباح الساعدي، قد رأى أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، يمر في مرحلة العد التنازلي لحكومته، بعد أن تجاهل رسالة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التي تطرقت إلى إدارة ملف الوزارات الشاغرة وتصحيح الوزارات.

 

أقرأ/ي أيضًا:

الطغاة سبب الكوليرا

أرامل العراق.. أرقام عالية ومعاناة مضاعفة