03-أكتوبر-2015

صورة لحاتم القرمازي مع صاروخه تونس الحرّة(فيسبوك)

أطلق إلقاء القبض على الشاب التونسي حاتم القرمازي، منذ أيام، موجة سخرية لدى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس واستنكار جزء من المجتمع المدني. وراج أنّ تهمة "الإفراط في التفكير" قد وُجّهت للرجل، إثر صنعه صاروخًا وأحيل مباشرة للتحقيق لتصدر في حقه بطاقة إيداع بالسجن.

وكان القرمازي، ميكانيكي يبلغ من العمر أربعين عامًا، قد عرض في وقت سابق على صفحات التواصل الاجتماعي صورة شخصية له حاملًا ما يقول إنه "صاروخ" من صنعه أسماه "تونس حرّة". وقد ألقت وحدات من قوات الأمن بمحافظة القصرين (وسط غرب تونس) القبض على الشاب المذكور في الثكنة العسكرية بالمنطقة، حيث كان يعرض إنجازه على عدد من القيادات العسكرية.

اقرأ/ي أيضًا: يد شابة تشجر تونس بـ"المورينجا"

وعن حيثيات إيقاف شقيقها، تقول حفيزة القرمازي لـ"ألترا صوت": "أعلم أخي وزارة الدفاع بتمكّنه من صنع صاروخ فجاءه الردّ بأن "أبدع ونحن نساندك"، مضيفة أنه على إثر طلبه الحماية من الثكنة العسكرية بالقصرين تمّ إرسال سيارات عسكرية لمنزل العائلة وحمل الصّاروخ المذكور. أمّا حاتم، وبمجرّد التحاقه بالثكنة تمّ إيقافه من قبل قوات الأمن بالجهة. من جهته، رفض المستشار المكلّف بالشؤون القانونية والعلاقة مع الإعلام وليد اللوقيني الخوض في ملابسات القضية باعتبارها قد أصبحت من مشمولات القضاء.

خبر إيقاف "صانع الصاروخ" وإحالته على التحقيق تلقّفه روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بمزيج من السخرية والاستهجان، خاصّة من التهمة التي أعلن عنها محاميه عبد العزيز الصّيد لوسائل إعلام محلية وهي "الإفراط في التفكير".

في تونس، قبض على حاتم القرمازي إثر صنعه "صاروخًا" بتهمة الإفراط في التفكير

وقد تداول ناشطون على موقعي فيسبوك وتويتر تغريدات تسخر ممّا اعتبروه "الواقع التونسي الذي يلقى فيه القبض على "مخترع صاروخ"، ويسمح فيه لـ"متكيّف صاروخ" (عبارة بالعامية التونسية تعني متعاطي "القنب الهندي" وهي مادة مخدرة محظورة) بالغناء في مهرجان قرطاج الدولي، وذلك في إشارة لمغنّي الرّاب "كافون" المسجون سابقًا بتهمة تعاطي المخدرات.

كما بادرت شخصيات حقوقية وناشطون من المجتمع المدني إلى إطلاق حملات بعنوان "سيّب الصّاروخ" و"سيّب المخترع" و"معًا لإطلاق سراح حاتم القرمازي"، تنديدًا بما اعتبروه تهميشًا للطاقات الشابة وقمعًا للإبداع.

وبيّنت شقيقة حاتم، حفيزة القرمازي، أنّ "بطاقة الإيداع بالسجن ستبقى سارية المفعول إلى حين إجراء التحاليل الضرورية على الصّاروخ الذي اخترعه أخوها والموادّ المكوّنة له"، مؤكدة أنه متهم أساسًا بـ"استغلال مسكن لصنع موادّ متفجّرة دون ترخيص"، رغم مطالبته الحكومة التونسية سابقًا بتوفير محل للقيام بتجاربه.  

رحلة الشاب التونسي مع تصنيع الأسلحة ليست حديثة العهد، ففي عام 1992 تمكّن حاتم الملقّب بـ"خويصة" من صنع بندقية صيد بغرض الاستعمال الشخصي. وإثر اكتشافه موهبته، صنع بندقيات قنص وأسلحة نارية أخرى في ورشة صغيرة بمنزل العائلة، كان مصير جميعها الحجز من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني بجهته، حسب تصريحات سابقة له. وكان السجن مصير القرمازي مرّات عدّة، خلال السنوات السابقة، على الرغم من كونه راسل وزارتي الداخلية والدفاع معربًا عن استعداده وضع اختراعاته على ذمة بلده.

من جهته، وصف مدير مرصد الحقوق والحريات بتونس مروان جدّة ملفّ الشاب المتّهم بصنع صاروخ بـ"المسألة المعقّدة". يقول مروان: "تجاوز القرمازي القانون التونسي بالفعل عبر تصنيعه أسلحة، غير أنّ الدولة هي الأخرى تتحمّل جانبًا من المسؤولية باعتبارها لم تتّخذ موقفًا واضحًا في شأنه منذ سنوات".

تجاوز حاتم القرمازي القانون التونسي عبر صنعه أسلحة وصاروخًا

ويضيف مروان: "على الحكومة التونسية أن تتّخذ قرارًا بتمكين الشاب حاتم القرمازي من رخصة تصنيع أسلحة والإحاطة به وتسخير موهبته لخدمة البلاد ومؤسستها العسكرية أو أن تمنع نشاطه نهائيًا"، مستهجنًا تجاهل الجهات المسؤولة لإعلان القرمازي في وقت سابق من العام الجاري نيّته صنع صاروخ، عبر وسائل الإعلام، ثمّ إصدار أمر القبض عليه بتهمة تصنيعه لاحقًا.

في الأثناء، يقبع حاتم القرمازي في السجن، متسائلًا عن مصير صاروخه "تونس حرّة" ونتائج التحاليل التي قد تأتي بما لا تشتهيه سفن موهبته المحظورة بمقتضى القانون. في حين يأمل مراقبون بأن تنتهي قضية الحال إلى تعديل القوانين المحلية بما يسمح للموهوبين التونسيين بالإبداع لصالح وطنهم وقطع الطريق أمام التنظيمات الإرهابية الساعية لاستقطابهم.

اقرأ/ي أيضًا: شباب تونس..أذرع حزبية وإرهاب وتمرد وأكثر