10-أغسطس-2018

نداء بدوان/ فلسطين

أيشتاقُ حجر المذبح لدماء القرابين؟ فليتجهز! ها قد عُدت: "طلاء الأظافر سيكون جذابًا على هذه الأصابع". أيًا منها تشتري الغزالة؟ هلّا ساعدتموها؟ ففي عصر الخيارات اللانهائية تبدو الألوان كذلك، أما الحياة فلا.

الموسيقى في خلفية المشهد، قلقة: النوتة العالية توحي بالخطر والانتظار الشاق، ثم يتسرب لحنٌ حائر كمبدأ مُثخن بجراح التبرير: "أنا الخير والشر معًا"، يُهون على نفسه بالتحليق! فيطير كبقايا سنبلة تمقتُ مصير القاع في كيس القمح المرمي بإهمال.

 

فاصلة

ما بين ربيع وصيف، تحت عريشة المحطات المُغبرة والمنسية والمُزهرة: صيغت بداية فنهاية.

ما بين الكلمات التي تُقال همسًا وأخرى يُصرخ بها مرحًا وغضبًا وهجرانًا: شَعُثَت الذوات المتناقضة.

الصوت تبتلعه الحنجرة الشَرِهة والصلاة صامتة، تدوي بزوال (الران) "إله المساكين مثلي، فلتعطني وفرة"، "إله الحيارى مثلي، فلتعطني إشارة".

ثم يلوح النوم الرحيم فيحتضن المُستجدي.

 

فاصلة

في دكان العناية بالجمال، الخيارات تتزاحم كنوبات جنون: مرطبات للشفاه، للعيون، للبشرة، في النهار والليل وكل الأوقات، ضد التجاعيد، ضد البثور، ضد العقل؛ والألوان تَبرُق: السماوي والأخضر والزهري والأبيض، كلها تَعِدُ بالجمال الخالي من العيوب، يا نفوسنا المثقلة بالخرافات وطريق الآلام.

وفي الأكياس وعودٌ إما أن تثبت جدواها أو فشلها.

وعلى انعكاس زجاج المقهى، يلوح الوجه المستيقظ لتوه، مُلمعٌ للشفاه بسيط، شيء يمحو أثر النوم، القهوة وحدها تصنع الصباحات، سبحانك! يغرق اليوم تموز بالمطر.

أغنية فرنسية تعقبها أخرى انجليزية، شيء قريب من الجاز، يجتمع المطر والجاز والقهوة المُرة جدًا فتتشكل ترنيمة وجودية، "ما أكرمك! يا جزيل العطايا".

في بلاد الجبال القاحلة، حيث يقتاتُ الوقت على رصيد الناس من الصبر، يلوح الصوت من سماعة فيكون أمناً ثم خوفاً يكبر في رحم حيرةٍ يُغذيها الاحتمال بانتظام، عقارب الساعة تُجهز جدولها لاحتساب الساعات والأيام تمهيدًا لخاتمة.

 

الخاتمة

تعلن الخاتمة تبرمها من "أل" التعريف وترفض أن تُحشر في واحدة، فالتنكير من حيث وجهة نظرها يبدو أكثر جاذبية كعطر "ليلٍ ملكي" وتُعلن بتعجرف: النهاية الواحدة خدعة! وأن الحياة ليست فيلمًا ذا قفلة حزينة أو سعيدة، وأنها ستبقى – بإصرار- تتبختر في حيوات الناس مرة بعد أخرى، توهمهم بالوصول ولا وصول، وبالقدر البات ولا ذلك أيضًا وبشربة الماء ولا تسقيهم منها حد الارتواء، إنما تمنحهم اثنين: خوف وطمأنينة... توأمان.

 

نقطة آخر النص

الدم المُراق على المذبح: الهاجس يتعرى أو يُحاول.

 

اقرأ/ي أيضًا:

يباس النهر

الكلمة قرّرت الموت

دلالات: