22-مايو-2021

جزء من إحدى لوحات المعرض

ألترا صوت – فريق التحرير

تعكس أعمال شوقي شمعون (1942) شغفه بالطبيعة التي تشغل حيزًا حميميًا في ذاكرته، إذ تبدو لوحاته أقرب إلى مساحةٍ يترجِم فيها خلاصة تأملاته في الطبيعة، التي يعيد صياغة مشاهدها في مخيلته قبل رسمها، بهدف تقديمها بأسلوبٍ يخصه ويعبِّر عن طريقته في النظر إليها والتعامل معها.

يقدِّم الفنان التشكيلي اللبناني شوقي شمعون في معرضه "السماء تزهر" عالمًا مأمولًا يخلو من العنف والحروب

يقوم أسلوب شمعون على خلق مساحةٍ هادئة تنساب فيها الألوان بخفة، بحيث تتسق مع المشهد الذي تجسده اللوحة، وهو غالبًا جبالٌ ثلجية، جبال صنين اللبنانية تحديدًا، ومساحاتٌ صحراوية واسعة يمدٌّها بخطوطٍ وأشكالٍ هندسية مختلفة، تجاورها زخارفُ وبقعٌ لونية صغيرة تحيط بخطٍ أفقيٍ يشكِّله بشرٌ بأحجامٍ ضئيلة يظهرون متلاصقين أسفل المشهد.

اقرأ/ي أيضًا: "وتستمر الأشجار في التصويت للفأس".. أرشفة اللحظات الزائلة

في معرضه الجديد "Blooming Skies"، الذي افتُتِح في "غاليري مارك هاشم" بالعاصمة اللبنانية بيروت في 18 أيار/ مايو الجاري، والمستمر حتى الأول من تموز/ يوليو القادم، يواصل الفنان التشكيلي اللبناني تقديم أعمالٍ تشكِّل الطبيعة ركيزتها الأساسية، وسط محاولاتٍ دؤوبة لتحميلها بعناصر وتفاصيل تتجاوز عبرها رتابة هذا الإطار دون الانسلاخ عنه.

يضم المعرض الذي تستضيفه منصة "Artsy" أيضًا بشكلٍ افتراضي خلال المدة نفسها، 19 لوحة أُنجزت غالبيتها بمادة الاكريليك، بالإضافة إلى مواد فنية أخرى، خلال سنوات 2019، 2020، 2021. وتقدِّم هذه اللوحات عالمًا مأمولًا يخلو من العنف والحروب، وينصرف فيه البشر، أسفل اللوحة، إلى تأمل المشاهد الطبيعية الضخمة ضمن وضعياتٍ ثابتة يظهرون فيها ضئيلو الحجم ساكنو الحركة، تمامًا كما لو أنهم في انتظار حدوث أمرٍ ما.

ويضيف شوقي شمعون إلى الجبال والمساحات الصحراوية الممتدة مشاهد تجسد قطعًا من السماء خلال الليل والنهار معًا، ويمنحها بضربات فرشاته بقعًا وخطوطًا تحمِّلها أكثر من معنى، وتجعلها مفتوحة على مساحاتٍ تأويلية أرحب، لا سيما في حال أُخذ صفُّ البشر المنشدَّة أعناقهم إلى الأعلى، بعين الاعتبار.

وبحسب بيان المنظمين، يشكِّل معرض الفنان اللبناني استراحةً بعد سلسلةٍ من الأحداث المحبطة التي بدأت منذ انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، مرورًا بتفشي وباء كوفيد – 19 وما ترتب عليه من إجراءاتٍ احترازية عطَّلت مختلف مجالات الحياة، وصولًا إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس من العام الفائت 2020.

يقوم أسلوب شمعون على خلق مساحةٍ هادئة تنساب فيها الألوان بخفة، بحيث تتسق مع المشهد الذي تجسده اللوحة

ويشير البيان أيضًا إلى أن الأعمال المعروضة، تمثِّل فرصةً للابتعاد قليلًا عن تداعيات الكوارث السابقة ومفاعيل الكوارث الحالية، وبالتالي الهروب من العنف الموجه، على اختلاف شكله وهوية من يمارسه، ضد الفرد الذي قد يجد في رحابة اللوحة وهدوئها متنفسًا ما.

اقرأ/ي أيضًا: ريبال ملاعب.. الموسيقى والرسم وما بينهما

يقدِّم شوقي شمعون في معرضه "السماء تزهر"، أعمالًا تعبِّر عن تعمقه بأساليب المدرسة التجريدية، وسعيه إلى مدِّ مشهد اللوحة بتفاصيل تضفي عليها نوعًا من السحرية. والنتيجة، كما جاء في البيان، سيمفونية من الألوان التي تستدعي أكثر مشاعر المتفرج دقةً وإيمانًا وعفوية خلال الأزمات، وذلك ضمن بنية لونية متماسكة وقابلة للتطور باستمرار، ولصالح الكيان اللوني ذاته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أعمال منصور الهبر.. أن ترسم ما ألمَّ بك

تقنية الكولاج وليدة شغف أم نزعة هروب؟