شوقي أبي شقرا.. جندي مجهول في جماعة شعر أم رائد للقصيدة السوريالية؟
16 أكتوبر 2025
تحتفي الأوساط الثقافية في لبنان هذه الأيام بذكرى الشاعر الحداثي شوقي أبي شقرا (1935 – 2014). فقد أصدرت دار النهار كتابًا تذكاريًّا حول تجربته ضمّ شهاداتٍ لمجموعة من الشعراء والنقّاد من أجيال مختلفة إلى جانب قيام مؤسسة أنور سلمان الثقافية بمنح جائزتها إلى روحه، تقديرًا للدور الذي لعبه في حركية الشعر العربي الحديث، ولريادته لقصيدة النثر، ومشاركته في تأسيس العديد من الصفحات الثقافية في الصحافة اللبنانية.
جاءت بدايات أبي شقرا الشعرية عبر قصائد أرسلها إلى مجلة "الحكمة" التي ترأس تحريرها آنذاك فؤاد كنعان، فقد أحدثت قصيدته "حمار" ضجة في الأوساط الأدبية. وفي عام 1956، أسس "حلقة الثُريا" مع إدمون رزق وميشال نعمة وجورج غانم، قبل أن ينضم إلى جماعة مجلة "شعر" عام 1957. كما عمل مدرسًا في الفترة (1957 – 1960) من أجل كسب لقمة العيش، ثم انضم إلى صحيفة "النهار" بداية من العام 1964، حيث أسس الصفحة الثقافية التي كانت بمثابة اختراق معرفي في الأوساط الثقافية حينها.
عُرف عن أبي شقرا جنوحه نحو الخيال، حيث يقول في حواره مع سليمان بختي: "أنا الخيال لديّ واسع وغني جدًّا. المنطق ضعيف. الناحية الفلسفية ضعيفة والناحية العقلانية ضعيفة".
أصدر مجموعات شعرية متميّزة منها: "أكياس الفقراء" (1959) و"خطوات الملك" (1960) و"ماء إلى حصان العائلة" (1962) الفائز بجائزة مجلة شعر و"سنجاب يقع من البرج" (1971) و"يتبع الساحر ويكسر السنابل راكضًّا" (1979) و"حيرتي جالسة تفاحة على الطاولة" (1983) و"لا تأخذ تاج فتى الهيكل" (1992) و"صلاة الاشتياق على سرير الوحدة" (1995) و"ثياب سهرة الواحة والعشبة" (1998) و"سائق الأمس ينزل من العربة" (2000) و"نوتي مزهر القوام" (2003) و"تتساقط الثمار والطيور وليس الورقة" (2004) و"عندنا الآهة والأغنية وجارنا المطرب الصدى" (2021).
كان دور أبي شقرا في مجلة "شعر" فاعلًا، حيث يُمكن اعتباره بمثابة سكرتير تحرير للمجلة. فكان ينشر القصائد، ويحرر المقالات، ويترجم عن لغاتٍ أُخرى
كان دور أبي شقرا في مجلة "شعر" فاعلًا، حيث يُمكن اعتباره بمثابة سكرتير تحرير للمجلة. فكان ينشر القصائد، ويحرر المقالات، ويترجم عن لغاتٍ أُخرى. فقد آمن يوسف الخال صاحب المجلة بموهبته، وأفسح له المجال لكي يبدع ويخرج من قريحته أفضل ما لديه. أما عشقه الأثير، فكان للغة العربية. كان يتفاعل معها باستمرار، ويدرك في قرارة ذاته مرونتها وقدرتها على تجاوز الحواجز والأنماط. وهكذا راح يطّعم قصيدته ببعض المفردات الدارجة في الحياة اليومية حتى صارت كأنها نسيج متداخل مع اللغة الأم. وقد يبدو من الوهلة الأولى أن شعر أبي شقرا يسبح في عالم من الميتافيزيقا والسوريالية، لكن عند التأمل يتضّح أنها مجرد قشرة خارجية فقط، لكن العُمق أكثر أصالة ووعيًّا.
هذه الرحلة الطويلة في كتابة الشِعر والحياة الثقافية، وصفها في حواره مع إسكندر حبش (السفير – 1994) بقوله: "إنني أحس بالزمن جيّدًا وأراني لا أنعتق منه لأنتقل إلى المغامرة وإلى الحديث عن معركة مع الحياة تشنّها كذلك لأنها خانتني في البدء، ثم استطعت أن أروّضها من خلال الشعر ومن خلال القصيدة الجديدة".
كان شوقي أبي شقرا قد نال جائزة مجلة "شعر" عام 1962 مناصفة مع الشاعر العراقي بدر شاكر السيّاب.