24-ديسمبر-2021

80% من السوريين يعيشون الآن في فقر، و60٪ منهم معرضون لخطر الجوع (أ.ب)

أيام مشمسة معتدلة، ليال باردة مفاجئة. فجأة كما لو قام شخص ما بإيقاف تشغيل حرارة الجو بضغطة زر، ليجعلك تفيق في منتصف الليل تبحث عن بطانية إضافية. تتساءل عن مدى برودة الطقس، فتخبرك نشرة هاتفك الجوية أن الشتاء في دمشق هذا العام سيكون باردًا، وطويلًا.

لا يمكن اختصار الفقر بشكل وجوه رجال متعبين، وأطفال تشبه قطع الفحم. الفقر أسود أكثر من ذلك، أكثر من مصير السوريين الواجم

دمشق، أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2021. هناك سوريون يعيشون في أقبية فقيرة، حدائق، شقق بلا أبواب، أو بنوافذ مستبدلة بقطع من الورق المقوى والأغطية البلاستيكية.

اقرأ/ي أيضًا: يحيى جابر الذي يسبقنا بوجع على الأقل

وفقًا لمنظمات غير حكومية، يعيش أربعة من كل عشرة سوريين بلا مأوى في الشوارع نتيجة لنزاعات أسرية، إلى جانب واحد من كل خمسة أشخاص بسبب تعرضه لعملية احتيال، كذلك 14٪ من المشردين هم معتقلون سابقون، بلا عائلة أو منزل، فيما إنه بالكاد 30٪ منهم لاجئون.

قصص درامية في شوارع دمشق، صاغتها الحرب التي دامت 10 سنوات دافعةً أكثر من نصف السكان إلى قاع الفقر.

لحظات من الحياة اليومية 

عائلة سورية مكونة من أربعة أفراد تعيش ضمن غرفة واحدة في الطابق العلوي من مبنى قديم في دمشق. مع هطول أمطار الشهر الماضي، بدأ السقف بتسريب الماء تاركًا ملابسهم وأغطيتهم مبللة. قطعت الأم أغصان الأشجار لتحترق بغرض التدفئة، لكن ابنها الأصغر كاد أن يختنق من الدخان. وفي حالة من اليأس، اضطرت إلى قص شعر ابنتها ثم بيعه لشراء مدفأة صغيرة.

وعائلة مكونة من سبعة أفراد أُجبرت على ترك منزلها بسبب الحرب. تشتغل الأم عاملة نظافة في مستشفى حكومي، فيما يعاني الأب من إعاقة جعلته غير قادر على إيجاد عمل. لديهم أربعة أطفال دون سن العاشرة. عندما رأى الأب أطفاله يرتجفون دون أي وسيلة للتدفئة، أصابه البكاء، وأحرق ملابسه كي يمنحهم بعض الدفء.

في بدايات هذا الشتاء، وفي مواجهة نقص أسطوانات الغاز، استخدم الكثيرون سخانات كهربائية مصنوعة يدويًا، كما شوهد أطفال يبحثون عن أشياء لحرقها في حاويات القمامة.

لم يكن الفقر منتشرًا بهذه الكثافة على الإطلاق خلال عشرة سنوات من الصراع، بينما اليوم، ينزلق ملايين السوريين نحو الإفلاس، وتتدهور صحتهم بعد سنوات من الندرة. بالمقابل، تكافح غالبية الأسر للعثور على الوجبة التالية، بالاعتماد على البطاقات الإلكترونية "الذكية" للحصول على السلع المدعومة، مثل الوقود وعبوات الغاز والشاي والسكر والأرز والخبز. وللحصول عليها، تتشكل طوابير طويلة، تنتهي بالمشاجرات الدامية في بعض الأحيان.

هناك سوريون يعيشون في أقبية فقيرة، حدائق، شقق بلا أبواب، أو بنوافذ مستبدلة بقطع من الورق المقوى والأغطية البلاستيكية

حسب الأمم المتحدة فإن 80% من السوريين يعيشون الآن في فقر، و60% منهم معرضون لخطر الجوع. انهارت العملة مقارنةً ببدء الصراع، حيث أصبحت قيمتها أقل بعشر مرات تقريبًا مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء.

اقرأ/ي أيضًا: أن تكون دومًا على صواب!

المشهد الأخير

في شوارع العاصمة دمشق، تعد النفايات أحد أهم وسائل التدفئة، دخان أسود كثيف، حفر مليئة بالماء، المتسولون يطلبون المال أو الطعام من سائقي السيارات والمارة. من المؤكد أننا لا نحب أن نرى البؤس، لذا ننظر بعيدًا عندما يقترب شحاذ من شباك سيارتنا، متغافلين عن المنظر. لكن، لا يمكن اختصار الفقر بشكل وجوه رجال متعبين، وأطفال تشبه قطع الفحم. الفقر أسود أكثر من ذلك، أكثر من مصير السوريين الواجم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سعادة إيلون ماسك الإلهية

صحراء اللغات