نشرت صحيفة "هآرتس"، تقريرًا يقدم فيه فلسطينيون من سكان الضفة الغربية المحتلة، قضوا فترات في السجون الإسرائيلية ، شهادات صادمة عن التعذيب الممنهج الذي يتعرض له السجناء الفلسطينيون داخلها.
يسرد التقرير تفاصيل مروعة عن الضرب الوحشي، والجوع، والأمراض، والانتهاكات الجنسية، مما يجعل هذه السجون أقرب إلى "مقابر للأحياء"، وفقًا لشهادات أحد الناجين.
يسلط تقرير لصحيفة "هآرتس" الضوء على ما يجري داخل السجون الإسرائيلية. الشهادات التي تم جمعها تشير إلى أن التعذيب الجسدي والنفسي أصبح سياسة ممنهجة تُمارس بشكل يومي
وتشير "هارتس" إلى أن التعذيب في السجون الإسرائيلية أصبح أمرًا معتادًا ومنهجيًا. يتعرض السجناء للضرب بشكل متكرر خلال عمليات النداء، أو أثناء التفتيش، أو خلال نقلهم بين الزنازين. يصف المعتقلون السابقون هذه التجارب بأنها لحظات مروعة لا يمكن نسيانها.
تحدّث تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن استشهاد مجموعة من الأسرى الذين اعتقلهم جيش الاحتلال من قطاع غزة.
تفاصيل أكثر عن #أسرى_غزة في الثريد ⏬️ pic.twitter.com/MJjWpUrHHP— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 18, 2023
يعود التقرير إلى الأوضاع في الضفة الغربية التي تغيرت بشكل جذري منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد سلسلة من الأحداث الدامية. الضفة باتت تعيش في حالة من الرعب، حيث تزايدت عمليات قتل المدنيين على أيدي المستوطنين المدعومين من الجيش الإسرائيلي. مثال صارخ على ذلك، هي حادثة قتل إبراهيم الوادي وابنه أحمد على يد المستوطنين أثناء حضورهما جنازة أربعة فلسطينيين آخرين قتلوا في هجوم سابق شنه مستوطنون بمرافقة من الجنود الإسرائيليين.
لا يكتفي التقرير برصد هذه الحوادث بل يسلط الضوء على ما يجري داخل السجون. الشهادات التي تم جمعها تشير إلى أن التعذيب الجسدي والنفسي أصبح سياسة ممنهجة تُمارس بشكل يومي.
مالك، أحد المعتقلين السابقين الذين قابلهم معد التقرير، تحدث عن تجربته خلال 18 يومًا قضاها في مركز "المسكوبية" في القدس، الذي اشتهر بكونه واحدًا من أسوأ مراكز الاعتقال. ويصف كيف كان يتم إجباره مع باقي السجناء على الجلوس القرفصاء أثناء عمليات التفتيش، فيما كان الحراس يستغلون أي فرصة للاعتداء عليهم.
في إحدى المرات، اقتيد مالك إلى غرفة وصفها بأنها مليئة ببقع الدم المتجمدة، حيث تعرض للضرب المبرح وهو مقيد اليدين والقدمين، مما جعله يعتقد أنه قد لا يخرج منها حيًا.
المعتقل خالد، الذي قضى ثمانية أشهر في السجن تحت الاعتقال الإداري، خرج من السجن بجسد منهك وآثار تعذيب واضحة على جسده. في يوم إطلاق سراحه، لم يتعرف عليه ابنه من بعيد بسبب التغير الكبير في مظهره. يقول خالد إنه خلال فترة احتجازه كان يخشى أن يتم تمديد اعتقاله في أي لحظة، وهي ممارسة شائعة حيث يُحتجز الفلسطينيون دون محاكمة أو توجيه تهم رسمية.
🚨 شهادات مروّعة لمعتقلي غزة في سجون الاحتلال وثقها تقرير لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني: https://t.co/40Ch3w6XjT pic.twitter.com/mrwmKx7cFA
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 13, 2025
يلفت تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الطعام المقدم للسجناء أداة إضافية للتعذيب. يتم تقديم كميات ضئيلة من الطعام، غالبًا ما تكون فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري. الإفطار يتكون من كميات قليلة من الجبن والخبز والخضروات، بينما الغداء والعشاء يقتصران على كميات صغيرة من الأرز أو العدس، مع وجبات متفرقة تتضمن كرة صغيرة من الفلافل أو بيضة غالبًا تكون متعفنة. تحدث نزار، أحد المعتقلين السابقين، عن هذه المعاناة قائلاً: "ما يقدمونه ليس طعامًا، بل هو إهانة لآدميتنا."
يلفت تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الطعام المقدم للسجناء أداة إضافية للتعذيب. يتم تقديم كميات ضئيلة من الطعام، غالبًا ما تكون فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري
الظروف الصحية في السجون كارثية، حيث يُسمح للسجناء باستخدام المياه لمدة ساعة واحدة فقط يوميًا، وهي بالكاد تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية من النظافة الشخصية واستخدام الحمامات. نتيجة لذلك، تنتشر الأمراض الجلدية مثل الجرب، الذي أصاب نحو ربع المعتقلين، وفقًا لتقارير مصلحة السجون الإسرائيلية نفسها.
نزار وصف الرائحة الكريهة داخل الزنازين بأنها "رائحة الموت"، حيث تتراكم الروائح الناجمة عن الجروح المتقيحة والملابس المتسخة التي يضطر المعتقلون إلى ارتدائها لفترات طويلة دون تغيير.
الاعتداءات الجنسية والإهانات كانت جزءًا من الشهادات المروعة التي جمعها التقرير. أحد المعتقلين تحدث عن تعرضه للاعتداء الجنسي أثناء عملية تفتيش في سجن النقب، حيث تم تجريده من ملابسه وضربه أثناء تواجد الكلاب حوله. بينما لا يتحدث الكثيرون عن هذه الانتهاكات بشكل علني بسبب الوصمة والخوف، إلا أن بعض الشهادات أكدت استخدام هذه الأساليب لإذلال السجناء وكسر إرادتهم.
منذر عميرة، هو الشخص الوحيد الذي ظهر باسمه الحقيقي في التقرير، فقد 33 كيلوغرامًا من وزنه أثناء فترة اعتقاله. يصف الظروف داخل السجن بأنها "إبادة نفسية"، وذكر أن المعتقلين يتعرضون لضرب مبرح في كل مناسبة، سواء أثناء عمليات التفتيش أو أثناء التنقل بين الزنازين.
عندما أُطلق سراحه، بدت عليه علامات سوء التغذية الحاد، بما في ذلك ترهل الجلد وظهور العظام بشكل واضح. يقول منذر إن السجناء غالبًا ما يتجنبون طلب المساعدة الطبية لأن العلاج، إن وجد، لا يتجاوز تقديم مسكنات الألم مثل "الباراسيتامول".
🎥 أسير غزيّ يروي فظائع التعذيب في سجون الاحتلال. pic.twitter.com/wnUET31ZZl
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) August 21, 2024
الإهمال الطبي في السجون الإسرائيلية يمثل فصلًا آخر من فصول المعاناة. المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة لا يتلقون العلاج المناسب، وأحيانًا يتم تجاهل حالتهم تمامًا. أحد المعتقلين ذكر أن زميله في الزنزانة توفي بعد أن أمضى أيامًا يعاني من آلام شديدة دون أن يحصل على أي مساعدة طبية.
يشير التقرير أيضًا إلى أن عدد الوفيات داخل السجون منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 بلغ 68 شهيدًا، من بينهم 4 على الأقل فارقوا الحياة في كانون الأول/ديسمبر وحده.
هذه الأرقام تعكس واقعًا مأساويًا لا يمكن تجاهله، حيث أصبحت السجون أماكن للعقاب الجماعي وممارسة العنف المنهجي، كما جاء في التقرير.
ما تكشف "هآرتس" في هذا التقرير هو الصورة القاتمة للسجون الإسرائيلية التي تحولت إلى أدوات قمع تستهدف كسر إرادة الفلسطينيين. الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون ليست مجرد تجاوزات فردية، بل تبدو وكأنها جزء من سياسة تهدف إلى إذلال الشعب الفلسطيني وإخضاعه بشكل كامل.