07-أبريل-2016

شفشاون في المغرب(براين هامندز)

وسط مرتفعات سلسلة جبال الريف بالمغرب، حيث الجبال الشامخة من كل جانب، تقع مدينة شفشاون المغربية، التي احتلت المرتبة السادسة عالميًا من بين أجمل المدن في العالم. لا ينتظر سكان المدينة، وعددهم حوالي 40 ألف، أي تصنيف أجنبي ليؤكد جمال مدينتهم، فالمدينة التي آوت المسلمين بعد طردهم من الأندلس معروفة بهدوئها، الذي يبعث السكينة والطمأنينة في نفوس مرتاديها، وهي بالتأكيد تستحق أن تكون من ضمن أجمل المدن.

احتلت مدينة شفشاون المرتبة السادسة من بين أجمل المدن في العالم

اقرأ/ي أيضًا:  "ورزازات" المغربية.. هوليود إفريقية دافئة

عندما تطأ قدمك المدينة العتيقة في شفشاون، ستتفاجأ بتشابه أزقتها وشوارعها الضيقة، ويمكن أن تضيع بين دروبها، وستلاحظ أيضًا اعتناء السكان الواضح بالمدينة من خلال تبليط الجدران بنفس اللون الأزرق السماوي، الذي يرمز للسلام والتسامح، بعدما احتضنت المدينة اليهود والأندلسيين والمورسكيين الذين طردوا من ديارهم، حسب روايات المؤرخين. هذا اللون يضفي سحرًا خاصًا على شفشاون، التي أطلق عليها الأمازيغ هذا الاسم وهو يعني "قرون الجبل"، بسبب جبالها وتضاريسها الصعبة.

تستقبل المدينة سنويًا، حوالي 100 ألف سائح أجنبي ومغربي، يختارون مبيت ليلة واحدة على الأقل، بين قمم جبال الريف الشامخة. غالبًا ما يتوزع السياح، سواء الأجانب أو المغاربة الذين يأتون من مختلف المدن المغربية، على طاولات مقاهي ساحة "وطاء الحمام" التاريخية، المعروفة  في المدينة العتيقة، إذ أن كل الطرق تؤدي إليها. المشروب المفضل لزوار شفشاون هو الشاي الأخضر مع نبتة النعناع، وتنتقل نظراتهم فيما بعد إلى ساحة المسجد الأعظم، والقصبة المحاطة بسور فيه 10 أبراج، والمبنية وفق النمط الأندلسي.

لن نستغرب رؤية سياح خاصة الإسبان، وهم يأتون بحقائبهم الكبيرة، يستمتعون بمناظر شفشاون الخلابة والمتنوعة، ويقفون أمام المحلات التجارية الصغيرة لاقتناء أشياء تثير إعجابهم، مثل المنتجات اليدوية التقليدية من أحذية وحقائب وزرابي وملابس تقليدية. أما بالنسبة للمنابع المائية لللؤلؤة الزرقاء، فتتميز شفشاون بمنبع يسمى "رأس الماء"، وهو يشق الجبل لتنساب من شلالاته المياه العذبة، وفي الصيف يعتبر هذا المنبع ملاذًا للسياح وسكان المدينة للانتعاش والاستمتاع بنقاء مياهه.

شلالات "أقشور" هي إحدى المناطق الأكثر استقطابًا للسياح في شفشاون، وتقع على بعد 30 كلم من "المدينة الزرقاء"

اقرأ/ي أيضًا:  صحراء المغرب.. وجهة للترفيه والاستشفاء

هذا المنبع هو المزود الوحيد للمدينة بالماء، فلا يمكن أن تزور المدينة ولا تطل على قنطرة "رأس الماء"، متأملاً ينابيعها المائية المتفرعة باتجاهات مختلفة. وثمة منبع آخر مثل شلالات "أقشور"، وهي أحد المواقع الخلابة بمدينة شفشاون، والواقعة ضمن محمية "تلا سمطان" بين قرية جبلية أخرى ساحرة تسمى"وادي لاو" وشفشاون المدينة. شلالات "أقشور" هي إحدى المناطق الأكثر استقطابًا للسياح من المغرب وخارجها، وتقع على بعد 30 كلم من "المدينة الزرقاء" والتي تتزاوج فيها الجبال الشاهقة مع الشلالات الساحرة.

سكان شفشاون يفتخرون بمدينتهم التي أنجبت "السيدة الحرة"، المرأة التي حكمت تطوان ونواحيها لأزيد من ثلاثين سنة، فوالد "السيدة الحرة" هو مؤسس مدينة شفشاون. أطلق أبوها عليها اسم "الحرة" تيمنًا باسم والدة أبو عبدالله الأحمر، آخر ملوك غرناطة، الذي كان صديقًا لمؤسس شفشاون. "السيدة الحرة: معروفة جدًا لدى المغاربة خاصة من ساكني الشمال، فهي المرأة التي حكمت المنطقة وحاربت الإسبان بكل ضراوة.

ما يميز مدينة شفشاون أيضا ثقافتها الصوفية، المتمثلة في الزوايا التي تلعب دورًا مهمًا في إضفاء روح التسامح وتطوير التربية الروحانية للساكنة. والتصوف أيضًا حاضر بقوة ليس فقط من خلال الزوايا وإنما أيضًا على مستوى الغناء الصوفي، كالمجموعة المتخصصة في مجال الغناء الصوفي وهي "الحضرة الشفشاونية النسوية"ن والتي يفتخر بها ساكنة المدينة.

اقرأ/ي أيضًا:

متحف قلالة.. نافذة على الحياة في جربة

الزاوية الناصرية.. من حياة العز إلى الفقر والعوز