22-مارس-2016

أداء حي لـ ميليشا الثقافة

أرشيف الأصدقاء 

1- أمير علي جواد

بوسترك ملونٌ بشكلٍ جيد 
وجهك حليق ومبتسم 
تقف ببدلتك العسكرية 
سورة الفاتحة تحتك من اليمين 
في اليسار كتبوا بأنك (شهيدٌ وسعيدٌ وبطلٌ...)
وتحتهما تأريخ موتك (7- 11- 2015).
****

يقف البوستر على الرصيف المُقابل لبيتنا 
بالضبط في المكان الذي تنتظرني به كل يوم 
عندما كنّا نذهب إلى المدرسة 
****

لم يجدوا سوى نصفك 
كان بيتًا مُفخخًا 
****

براحتين من دموع تلطم أمك أمام البوستر على وجهها
في كل يوم 
وفي كل يوم 
أسحب البوستر من يده 
معي إلى المدرسة.

 

2- كرار مكي أبو حجا

مواليد (22- 7- 1993)
جرف الصخر (14- 5- 2015)
****
بوستره لامع وكبير على الحائط المقابل لمحل والده القصاب 
بشعره الأشقر وعينيه الخضراوين 
رقبته في البوستر طويلة نوعًا ما 
****

كلما مررت من هناك 
أنظر إلى الرقبة 
حتى أتعثر 
فقد كانت قصيرة جدًا في الفيديو الذي يُذبح به 
تدفق دمه بشدة 
لأن رقبته قصيرة جدًا لم يقطعوا رأسه 
ولكنها في البوستر المعلق قبالة محل والده القصاب 
طويلة نوعًا ما مثل نظرة والده عند تعثري

* كاظم خنجر

 

خافيات العيون

أن تشب في الأرض المجاورة لحدود الجحيم 
طريق سريعة واحدة تفصلنا عن المدينة الفاضلة.
هنا لا أحد يريد الاعتراف بأننا نحب أولًا
الرجال النحيفين 
الرجال الذين لهم كروش خافتة
الرجال الذين لم يكتشفوا معاني شعر الرأس بعد 
الرجال الناعمين مثلنا.
 
هنا لا يسير أحد في الشارع
بإمكانك أن تنام إلى ما لا نهاية 
دون أن تشعر بالذنب
وأن تشرب القهوة أمام بيوت 
لإناث الأشباح 
المدورات
خافيات العيون 
المتجاهلات لوجود هذا العالم.
 
* منى كريم 

سيطرة الحلة 2016

ثقبَ المطرُ جيبي 
لا أعرفُ من أيّ ثقبٍ في السماءِ هطلَ عليّ، ولماذا اختارَ جيبي ليثقبه؟
سحبتُ الورقةَ من جيبي، كانتْ مغسولةً من كلماتها 
سوادُ كلماتِها البضّ نزلَ مع قطراتِ الماءِ، وتشعبتْ جذوره في التراب 
كلُّ شجرةٍ كلمةٌ، وكل طائرٍ نقطةٌ تتحرك 

اقتربتُ من الأشجارِ.. لمست ما تعلّقَ عليها من سخام الحرائقِ وبقايا الحديدِ واللحمِ المحروق
وجدت هاماتِ النخيلِ مقطوعةً ومدلاّةً على حافاتِ السطوح 
تقول امرأةٌ مسرعةٌ لزوجِها: 
"ها.. لمّيته"
كانت دموعها تزحف وعباءات المارة تطير.

وجدتُ امرأةً تُركّبُ رأسَ ابنتها على جذعٍ مقطوع صغير، وتلقمُ فمَها حلمةَ ثديِها 

وجدتُ سحابة بيضاء، تهبط قريبًا من الشارع 
لترطّبَ هياكلَ السياراتِ بالجثث 

في الانفجارِ الأخيرِ 
هربَ البعضُ، وباقي الناسِ بدؤوا بالتقاطِ ما تناثرَ من الأجسادِ وعرباتِ الحملِ وواجهاتِ المحالِ
في الشارعِ المقابلِ، سيارةُ "كيا" تَكدسَ بها الناسُ هربًا وخوفًا.. تحركتْ واستقرَّ الوضعُ بصمتٍ.. شعرتُ ببلٍ يتقاطرُ على قدمي اليسرى، سحبتُ ساقي ووجدتُ أنها مدماة، فعرفتُ أن الدمَ يسقطُ من أسفلِ كرسي السيدةِ الجالسةِ أمامي، بعد أن تأكدتُ أنني غير مجروحٍ.

سألتُ المرأةَ عن مصدرِ الدمِ، لعلّها مجروحة ولا تدري بنفسِها من شدةِ الخوفِ والهلعِ، فسبتْني وصرختْ بوجهي "استحي على نفسك، شنو قصدك؟" لمْ أتمالكَ نفسي، سحبتُ عباءتَها بغضبٍ، فبرزتْ تحتَ إبْطِها ذراعُ فتاةٍ مقطوعةٍ ومشوهةٍ، وفي رسغِها معاضدُ ذهبيةٌ، وفي أصابعِها خواتم.

* مازن المعموري

قبل وبعد الأغنية

قبل أن يحرك المايسترو عصاه
قبل أن يسحب العازف قوسه على الأوتار
وقبل نفخة البوق الأولى وضربة الطبل الناعمة
الصمت يأتي أولًا، بطيء ومهيب كعتبة هائلة للأغنية.
*

نقلتُ أصيص النبتة عند النافذة، أشعلتُ لفافة نفختُ دخانها عبر الشباك، وبحثتُ بإنصات عن البداية. 
*

ينقل الرجل خطاه الناعمة بعيدًا عن غرفته، يتحاشا مرايا البيت، ويغسل فمه في الحديقة جالسا ثم ينهض:
أسمع صوت جناحي حمامة لا أراها
أسمع صوت نعل صغير تسحله قدمان صغيرتان
أسمع صوت الدمعة تنبع من عين متعبة بالجوار
وأرى الحزن العتيق يقطع السنين مسرعًا.. قادمًا نحوي.
أنظر إلى آثار خطى الرجل تشع على الأرض كدليل إدانة، أراها كما لو أن قدميَّ كانتا في مواضع الخطى منذ مدة. في الأمس قرأت خبرًا عن كاتبة صغيرة، وكانت تشبهها للغاية.
*

لقد عاد
الرجل التلقائي الوسيم ذو الضحكة الصافية
الطفل الذي يغسل لحيته بأغنيتها كل يوم قبل أن ينام
العاشق الذي سرق الرجل الآخر معشوقته منه بكلام غير مفهوم يسميه قصيدة.
*

بعد توقف يد المايسترو وسكون عصاه
بعد أن أبعد العازف قوسه عن أوتاره
وبعد شهقة تلت النفخ في البوق، وزوال صدى ضربة الطبل الأخيرة.
ثمة صمت يتبع الأغنية، بطيء ومهيب أيضا، لكنه أثقل من العتبة الهائلة للأغنية.
 
* علي رياض

 

الركضُ أمام المفاجآت

لا أعني سوى الحبال 
التي تبقى من هيكل العِبارة 
والتي تفتح كاحل الإنسان على صوته 
حينما أسحب الشارع والأطفال 
وساق الكرسي الوحيدة 
من ظهر الأم
لتبقى عيناه على صدري 
تشيران إلى بعد غامض في الغبار 
ولا أحد يصطاد به العري 
الذي يتهدل من أحشاء البنايات
لهذا ألفُّ اسمي حولي 
وأتسرب إلى أصوات حرضتني 
على ترك نصف جدار 
يحتمي بخطوتين 
كنت أمسح بهما نفسي 
كلما خرجت من تحت طفل.

كل الداخلين إلى قوسي الاحتضار 
كانوا يضغطون على أعصابهم 
بأطراف الجرائد 
وهم يدفعون الحيوانات التي نمت 
بجوار النزيف 
إلى داخلنا 
وها نحن اليوم ندجن من أجلهم 
أذرع الصغار 
لتلعق حيلة الدخان فم الزائر 
الذي دق خوفه على إطار المرآة 
تاركًا شكله يتكسر 
على حواف أحدنا 
بينما نتجّعدُ لنمر من إحدى 
حلقات بنطاله الأسود.

كل شيء يفاجئ تقطيبة وجه 
أحمل إليه حاجتي من اللثغ 
على وصية 
لتوّسع الأبواب احتمالاتها بالنهوض 
وتترك لنا القليل من لمعان 
واكب انصهار الملح 
على أجساد خُلقت لرحابة الثقوب 

بعد الانتهاء من التمرغ على حدود الصورة قفزت إحدى السيارات بين فخذين 
لتعبث بمصدر اللعنات وتبتر الشعور الطويل الذي بقيتُ أستظل بأجزائه ذات الرؤوس الصغيرة المشتعلة والتي انطفأت بشكل فجائي على أحد الخطوط 
العريضة لنصف جسم، ملمس الحلكة تم فيه نفخ الدوران الذي أصاب الشك 
فأعاد لي أعمدة متغضنة كنت أنزلق منها وأصرخ ثم أضع عيني على حشد 
اللحاءات التي تتغذى على رائحة العوانس، هذا الشكل هو واحد من الفبركات 
الملقاة على لحى الصبية الخفيفة حينها كان يمكنني لي الدخان وترك الركب 
تأكل البلل الذي تمت حياكته من احتكاك ناب بطعم صديقة ولكن دائمًا ثمة ورقة تركبني فتدفعني إلى رفع المشهد والركض أمام المفاجآت..

هكذا من يطعم 
آثار الأشياء القديمة على حائط 
لموضع اليد على طاولة 
له على أول النهار ساق 
وأكثر من شفة 
للضغط على رأس زجاجة 
وفي النهاية 
ستفتح ذراعيك وتدور 
حتى يشير جسمك إلى حياتك 
فأينما تضع عينك تنكسر 
وأينما تضع يدك تسيل 
ستقف أمام تلك البِركة الغريبة 
ولا تدري 
هل تضغط عليها بأقدامك 
أم تعبرها؟
 
* علي ذرب

GOOD MORNING

GOOD MORNING
انفجار
GOOD MORNING
الثلاّجة فارغة
GOOD MORNING
إسعاف
GOOD MORNING
الشرطةُ في الباب
GOOD MORNING
أنتَ حيٌّ لحدّ الآن
GOOD MORNING
إفلاس
GOOD MORNING
تقشّف
GOOD MORNING
نَكَد
GOOD MORNING
1- ورقة طلاق
2- محكمة
3- سجن... إلخ.
 
* محمد كريم 

الهواء الذي خلف المنزل

1
ماذا لو كنتُ دراجة هوائية خفيفة
يصعد الأطفال على ظهري
ويطيرون في الأزقة القريبة من المنازل
هكذا ينتهي الأمر
أمري
بعد سنين بعيدة
كقطعة أثاث قديمة خلف البيت.. 

2
على جدار الغرفة أرسمُ سريرًا
على السرير امرأة
على المرأة طفل يضحك
على الطفل سقط الجدار
كانوا قد قصفوا البيت وأنا أرسم..

 

1991 ثانية
 
في المشرحة 
لا يعبؤون كثيرًا بأشكال الموتى 
ولا بأحذيتهم العسكرية التي تركت وشمًا كبيرًا على أقدامهم
مثل ربة العائلة
وهي تطبخ الخضروات التالفة 
كحساء نادر لصغارها
كانوا ينظرون إلى بعضهم
ولا ينظرون
الصغار والجنود معًا
آه كم هو لذيذ الطريق من الكويت إلى بغداد
لكنه لم يكن كذلك صبيحة ذلك اليوم..

 

1991 ثالثة

مرة سرقت بيض دجاج الجيران
قمصان أولادهم المتروكة على السطح
والكثير من الدمى المستعملة
أصبح الدجاج يكرهني
يكرهني جدًا
ثم صار يحبني 
بعد أن عرف أني يتيم
أبي وأمي يتيمان أيضًا
مثل المنزل والشارع والمدينة
الذين كانوا يبتسمون بلطف شديد
إلى قلبي المتروك على حبل الغسيل 
وهو يلتقط ببراعة بيض دجاج الجيران.

 

الرأس الذي في جهنم

ما يزحف على جسدي الآن
ليس ذنبًا من معصية هائلة
أو قبلة سريعة في غرفة حزينة في بغداد 
ما يزحف على جسدي الآن
شيء خفيف كمشاجرة بين طفلين
وثقيل مثل نبي بلا ثياب
شيء تعرفه أمي جيدًا
كانت تقول:
لماذا تزحف على جسدك يا بني
وتنسى رأسك في جهنم..

* قاسم سعودي

 

اقرأ/ي أيضًا:

شعر العراق (1- 2).. القذيفة التي ترفض الهبوط

ليس لي شأن في ذلك